"المسلة" …. زار وزير السياحة المصري دبي أخيراً في محاولة لاقناع السياح العرب بالعودة إلى أرض بلاده الموغلة في القدم. بيد أن ما حصل هو أن تم تذكيره بكل الوقائع الحديثة للسياسة في المنطقة.
ويهدف منير فخري عبد النور إلى إحياء الاقتصاد المصري من خلال انعاش السياحة وإعادة أرقام السياح إلى المستويات التي كانت عليها سابقاً. ويعمل على تنظيم مهرجانات ثقافية خلال موسم الصيف في محاولة لجذب سياح الخليج، الذين باتوا يختارون وجهات أكثر أمنا مثل تركيا ودبي لقضاء عطلاتهم منذ أن اندلعت الثورة في العام الماضي.
وتسعى مصر إلى اعادة بناء ثقة السياح بها بعد أن تراجعت أعدادهم إلى 9.8 ملايين زائر العام الماضي مقارنة بــ 14.5 مليون سائح في 2010، في حين تراجعت ايرادات السياحة العام الماضي بنسبة %27.
ولا يزال الوزير متفائلا، مشيرا إلى أن الطلب القوي من روسيا وبلدان أوروبا الشرقية ساعد في تعويض النقص في أعداد السياح، لا سيما أن الربع الأول من العام الحالي شهد انتعاشا بمقدار الثلث.
ويحجز مشغلو الجولات السياحية المزيد من الرحلات إلى مصر معولين على ضعف الذاكرة التي يشتهر بها السياح الأجانب، الذين عزفوا من قبل عن القدوم إلى مصر، لكنهم ما لبثوا أن عادوا اليها بعد مجزرة الأقصر التي ارتكبت بحق السياح في عام 1997. ويوافق رودي جيجيرسباشير، الرئيس الاقليمي لفنادق هليتون أن هناك انتعاشا واضحا في بعض فنادق هيلتون الثمانية عشر، لا سيما في 14 منها تقع خارج القاهرة. اذ انتعشت معدلات الإشغال إلى %70 – %90 بعد تراجع، إلى جانب باقي فنادق البلاد، إلى معدل بلغ %20 العام الماضي. وفي حين تأمل مصر في حدوث انتعاش، من الواضح أن دبي استعادت وضعها السليم خلال العام الماضي بفضل وضعها كملاذ إقليمي آمن.
اذ فاقت معدلات الاشغال الفندقي %86، على الرغم من الزيادة في العروض الجديدة، اذ يقبل %9.3 من السياح على شمس دبي وميزة التسوق فيها، ويضعون دبي على قدم المساواة مع المواقع التاريخية لمصر لجهة عدد الزوار. ومن البلدان الأخرى التي وقعت ضحية لــ ”الربيع العربي” سوريا والأردن ولبنان والبحرين.
اذ تراجع ايراد الفنادق من كل غرفة متاحة العام الماضي بنسبة %46 في مصر والبحرين، وفق مؤسسة ”اس تي آر غلوبل” للبيانات، وشهدت سوريا تراجعا بنسبة %62.
وفي البحرين، حيث شهدت الفنادق انتعاشا بفضل سباق ”فورميلا وان” المثير للجدل، يربط القيمون على الفنادق الانتعاش بالاستقرار.
توقُعات قائمة
ويقول نائب الرئيس للتطوير لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجموعة فنادق انتركونتيننتال، تاراس ايتل ”التوقعات قاتمة في الوقت الراهن مع استمرار تطور الأحداث. تحتاج البحرين إلى الاستقرار السياسي من أجل أن يعود الطلب المستدام إلى البلاد”.
ويبحث كثيرون عن النمو في الأساسيات القوية لدى السعودية. فعلى الرغم من افتقارها الى سوق ترفيه قابل للنمو، الا أن السفر لأغراض دينية ومحلية ولأداء الأعمال لا يزال قويا ومتناميا.
هيلتون العالمية التي زادت من عدد فنادقها في السعودية من 6 إلى 14 فندقا تقول إن مناطق النمو الأخرى تشمل شمال العراق وأفريقيا.
يقول ستيفين لاري من مجموعة كليرمونت غروب، شريكة هيلتون في مدينة أربيل في شمال العراق إن العائدات على الاستثمار تصل إلى %30 في تلك المنطقة، حيث يخلق وجود ازدهار بسيط فرصا للمستثمرين الذين لديهم وجهة نظر شمولية عن السوق تتجاوز ”تغطية سي ان ان عن بغداد”.
ويتطلع القيمون عن الفنادق إلى امكانات نمو في مناطق أخرى مثل ليبيا. فنادق كورينثيا، التي لديها تجربة طويلة في شمال أفريقيا، كسبت دعاية جيدة من خلال توفير الاقامة للصحافيين وعمال الاغاثة والأعمال الخيرية في أثناء الحرب في ليبيا.
وتعمل المجموعة على تجديد فندق آخر في ليبيا، وفق بول بيساني، نائب الرئيس للتطوير الذي يقول ”حاليا لا يوجد حتى حكومة في البلاد وهناك تحديات بشأن توفير الموارد بشكل يومي لكن على المدى البعيد المشهد ايجابي”.
يقول ريتشارد بارنيت، من شركة آي ال ام لاستشارات الضيافة: إن على المستثمرين أن يفكروا بجدية بشأن القرارات الاستثمارية بعيدة المدى، نظرا الى المشاكل المحتملة التي تحيط بالتأميم واعادة الأرباح إلى بلادهم في ظل بيئات تنظيمية متغيرة.
مثل تلك القضايا تثير قلق من يفكرون في مستقبل الضيافة في مصر، في خضم المخاوف من أن صعود القوى السياسية الاسلامية قد يترجم إلى سياسات ضارة مثل حظر الكحول ومنع الاختلاط.
وزير السياحة المصري تحدى مثل تلك الافتراضات. فمع وجود 4 ملايين مصري، أو واحد من كل ستة عاملين، يعملون في القطاع السياحي، يرى عبد النور أن أيا من الأحزاب السياسية لن تجرؤ على التصدي لهذا القطاع الحيوي. ويضيف ”لا أعتقد أن أي مسؤول من أي حزب كان يمكن أن يتخذ قرارا بتدمير الصناعة. فالرأي العام واضح بهذا الشأن”.