برقش "المسلة" …. تحفل منطقة برقش بالعديد من المكونات الطبيعية الآسرة من ضمنها مغارة رائعة بتكويناتها وتشكيلاتها الصخرية الشاهدة على عبق التاريخ ..
وعند زيارتك للمنطقة ترى أن هناك اهمالا واضحا في العناية بهذه المنطقة السياحية وان المعنيين لم يستطعيوا لفت وجذب النظر اليها والترويج السياحي لها .
أمين عام وزارة الثقافة مامون التلهوني وفريق اعلامي زاروا منطقة برقش بلواء الكورة بمحافظة اربد والتي تبعد 65 كيلو مترا عن العاصمة , رافقهم فيها خبير الآثار الدكتور محمد وهيب الذي تحدث عن هذه المنطقة الساحرة ، خاصة مغارتها التي اكتشفت حديثا ولم تستغل بالشكل المطلوب رغم أنها توصف من قبل علماء الاثار بأنها أشبه بمغارة جعيتا في لبنان .
وسط الغابات الكثيفة من أشجار البلوط والسنديان والبطم وأنواع نادرة من الأزهار كالسوسن الأسود والزعتر البري ، ووسط هدوء وسكون , ومع غياب أي اشارة تدلك على المكان تجد صعوبة في الوصول إلى المغارة التي اكتشفت منذ خمس سنوات , الا مبادرة أحد المتطوعين الذي كتب على صخرة كبيرة باللون الأحمر – من هنا مغارة برقش – .
"تعمل وزارة الثقافة حاليا وضمن خطة مبرمجة على ربط السياحة بالثقافة والترويج لطبيعة المكان الأردني ، وبادرت بتنظيم هذه الجولة للإعلاميين ليتعرفوا على طبيعة المكان الأردني وجمالياته "، بحسب ما يقول امين عام الوزارة .
يقدر العمر الافتراضي لهذه المغارة حوالي أربعة ملايين عام، وتتكون من ترسبات كلسية عبارة عن صواعد وهوابط وترسبات تشبه الشمع بأحجام مختلفة يرشح منها الماء، وهذه التشكيلات لها ألوان مختلفة ذات جمال اخاذ بحسب ما يقول خبير الاثار وهيب.
يعتبر الدخول إلى المغارة في غاية الصعوبة، نظرا لضيق مدخلها، اذ يتراوح عرضه بين 30 إلى 90 سنتيمترا ، وهو عبارة عن شق في الصخر الكلسي بطول مترين ، ويفضي المدخل الى كوة يبلغ طولها ثلاثة امتار تنتهي بساحة شبه دائرية الشكل قطرها متران ونصف المتر ، ولا يمكن أن تواصل سيرك في المغارة المعتمة دون اضاءة .
في الجانب الشمالي من المغارة يوجد نفق أنبوبي غير منتظم الشكل ، طوله حوالي 20 مترا وبالكاد يتسع لمرور شخص ، ولا يمكن عبوره إلا زحفا، وينتهي النفق بمجموعة من الكهوف والمغارات والدهاليز والسراديب والأنفاق الداخلية.
يشير الدكتور وهيب إلى أنه يوجد داخل المغارة التي تشق طريقها عبر الصخر الكلسي خمس قاعات رئيسية عثر بداخلها على قطع فخارية ، اضافة الى العديد من الممرات والسراديب مثل ممر عين زوبيا، وفي نهاية المغارة (الكهف ) توجد عين ماء آخر ممر المتاهة إلى اليمين يؤدي إلى قاعة البركة.
ويحتمل أن تكون المياه الجوفية لمغارة برقش، كما يقول وهيب مصدر الماء لعين زوبيا في باطن الأرض،ويرجح أن الوادي جنوب غرب المغارة هو المخرج لهذه المياه الجوفية.
ويؤكد أنه رغم الاكتشاف الجزئي لمغارة برقش الا انها تعتبر من أهم المعالم الهيدروجيولوجية التي تدل على التتبع الطبقي والتركيب الجيولوجي لمنطقة شمال المملكة ، حيث تعود أهمية هذه المغارة إلى إمكانية رؤية ودراسة الطبقات الجيولوجية داخلياً وبصورة ديناميكية للمياه الجوفية.
يبلغ عمق الجزء المكتشف من المغارة 25 مترا تقريباً عن مستوى بوابتها وتمتد خراطيم المغارة إلى أكثر من مئتي متر، وبداخلها صخور باشكال وتراكيب تدل على أهمية المنطقة التي تعكس الخاصية الفيزيائية لصخرة المغارة, التي تتحكم في حركة المياه الكلسية في الكهف وفي طبيعة وشكل الممرات والأنفاق الجوفية للمغارة.
وكان فريق عمل متخصص من علماء الاثار أعد مشروعا سياحيا لتطوير هذا الموقع بالتعاون مع وزارة السياحة والاثار والجامعتين الاردنية والهاشمية يهدف الى إجراء دراسة ميدانية للأجزاء الداخلية من الكهف ، ومحيطه والمناطق المجاورة له ، وتوثيق المكتشفات الأثرية التي يتم الكشف عنها في داخل الكهف أو خارجه من حيث التصوير , والرسم بأنواعه ، وإعداد التقارير العلمية وتحديد متطلبات صيانة وتطوير المواقع المكتشفة والجهات ذات العلاقة المناطة بها تلك المسؤوليات.
وتوصل الفريق من خلال المسح الأولي للمشروع إلى أهمية المحيط الآثاري لموقع كهف برقش ووجود أنواع من المواقع الأثرية استخدمت في بنائها الحجارة الكلسية المشذبة ،ومواقع أثرية مقطوعة في الصخر الكلسي .
وأكدت نتائج المسح الأولي أن البيئة الطبيعية لمحيط كهف برقش شهدت إستيطاناً حضارياً عبر العصور, ما زالت بعض بقايا أبنيته شاهدةً على حقيقة الدور التاريخي للمنطقة وارتباطها بمحيطها الاثاري حيث تبين من النتائج الأولية لتحليل الكسر الفخارية أن المنطقة شهدت إستيطاناً خلال حقب العصور الرومانية والبيزنطية والاسلامية ، وتميز الاستيطان البشري لمحيط الكهف باستغلال الأراضي الزراعية ووفرة المياه وملاءمة المناخ حيث تشير المعاصر التي تم الكشف عنها الى أهمية الجانب الزراعي في الاستقرار البشري في المنطقة .
وأكدت أعمال المسح الاثري للجانب الجنوبي والغربي من الكهف حقيقة كثافة انتشار المعاصر المقطوعة في الصخر البكر الكلسي حيث تم الكشف عن أربع معاصر إضافة إلى بعض التجاويف والقطع الصخرية.
وتحدث خلال الجولة محمد السالم الذي كان يجلس بالقرب من المغارة مع مجموعة من الشباب في رحلة سياحية الى المنطقة ، بقوله " انه يأتي مع اصدقائه دائما الى هذا المكان الذي لا يجدون فيه الا بعض الصبية الذين يأتون اليه ويعبثون فيه ".
ويطالب الجهات المعنية بالقيام باستغلال المكان على أكمل وجه وتنفيذ برامج سياحية تجذب السياح اليه.
ويدعو مدير ثقافة عجلون سامر فريحات إلى تطوير مغارة برقش وإعادة تأهيلها وتزويدها بالبنية التحتية اللازمة والخدمات والمرافق لتصبح منطقة سياحية مؤهلة لخدمة زوارها من السياح المحليين والأجانب.
المصدر: بترا