Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

“سياحة داخل المنزل”! … بقلم : فريهان الحسن

بقلم : فريهان الحسن … تستفزني العبارة الشهيرة "تشجيعا للمواطنين على السياحة الداخلية".. فأي سياحة داخلية صار يجرؤ عليها المواطن الأردني!! المواطن المحاصر بهموم الحياة اليومية؟ أم الذي بات يحتاج لضعف راتبه لمواكبة ارتفاع الأسعار وأثره على سائر تفاصيل حياته؟! أم الذي أصبح يخشى الفرح لأن كلفته عالية وأضحى مقصورا على من يملك المال؟!

المواطن الغلبان يحاول تحدي العقبات أمام حاجته الطبيعية في الحياة ولو لمرات قليلة في العمر للسياحة والترفيه في داخل ربوع وطنه ربما ليس لنفسه انما لعائلته التي انهكها الحساب والتأجيل على كل شيء، وتبحث عن لحظات قليلة من السعادة. لكنّ ذلك كله يتهاوى فورا حينما يتم حساب كلفة الرحلة "الداخلية" العالية التي سترهق كاهلها فترات طويلة قادمة بعد الاستمتاع العابر والمؤقت.
بحسبة بسيطة، لو أراد رب أسرة التفكير برحلة سياحية عادية داخلية لا مبيت فيها، لأسرة مكونة من خمسة أفراد، فلكم أن تدركوا كم الكلفة النهائية لمشروع سياحة داخلية.

سأوضح أكثر. تباغتنا كل يوم اعلانات عروض الشركات السياحية المنشورة بالصحف "استمتع يوما كاملا في المدينة الوردية مثلا بـ30 دينارا"، وهنا اتحدث عن الرقم الأقل لأن هناك شركات كلفة رحلاتها أكثر بكثير. هذا الرقم يقودنا لحسبة بسيطة عند ذهاب أفراد الأسرة المكونة من 5 أفراد لهذه الرحلة والذي سيبلغ 150 دينارا..

هذا الرقم على سبيل المثال هو كلفة زيارة واحدة ليوم واحد للمدينة الوردية (البتراء) من دون مبيت، الامر الذي سيؤدي إلى كسر الميزانية الشهرية، وسيرتب التزمات مالية غير منتهية.سنضرب مثالا آخر وهو قرار توجه الأسرة إلى مدينة جرش أو عجلون، فهي تحتاج إلى 20 دينارا بنزين للسيارة "اوكتان 90" قبل الرفع!! كما تحتاج للتوقف في استراحة مناسبة "إن وجدت طبعا" لتناول طعام الغداء، على اعتبار أن الأسرة خرجت من بيتها "مفطرة وشبعانة"؛ هذه الرحلة المتواضعة أتوقع أن كلفتها لن تقل عن 80 دينارا إن لم يكن أكثر.

فأي سياحة داخلية يتطلع اليها القائمون على المواسم والأماكن السياحية في المملكة، "لا يوجد سياحة داخلية لأصحاب الدخل المحدود"، هذه هي الخلاصة التي أود أن أقدمها لهؤلاء المتحمسين للحديث عن السياحة.

غالبية الأسر من ذوي الدخل "المسحوق" لا تستطيع أن تستثمر أكثر من سطوح منازلها؛ لكي تبتاع القليل القليل من اللحم المجمد، وتحتفل بجلسة شواء تكون فيه حاسة "الشم" أقوى من حاسة "التذوق"!!.لا أريد أن أمعن بالسلبية أكثر، لكن يرغمني عليها غياب التفكير المنطقي، فلو أراد أصحاب "الفهم السياحي" أن يقبل المواطن على السياحة الداخلية، عليهم تصميم استراتيجية سياحة داخلية وطنية، ووضع برامج وخطط لها تناسب أوضاع المواطن الاقتصادية المتعبة والقاسية.

ينبغي على راسمي سياسات السياحة الوطنية، أن يشرعوا في وضع خطوط ومسارات رحلات جماعية بكلف زهيدة، ويتم الاتفاق مع سلسلة استراحات محترمة تقدم خدمات معقولة بأسعار مدعومة، مقابل إعفائها من الرسوم والضرائب، وذلك نظير تقديمها خدمات مقبولة للمواطنين أثناء زياراتهم للمواقع السياحية.

هل هذا صعب؟ إن كان مستحيلا، فعلى أصحاب القرار السياحي أن يستمتعوا بمفردهم بربوع الوطن الجميل والأماكن السياحية، فهي لهم وليست لغالبية المجتمع الذي يزداد قهره وحرمانه مع الوقت، ويحرم من هواء بلاده الخانق لغلاء ثمنه!! تعالوا نرفع شعار "السياحة المنزلية"، أو "خليك في البيت أشرفلك"!

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله