توليفة تجمع بين فلسفة الحياة والنزعة الصوفية
القاهرة "المسلة"…. ترتبط كثير من الرقصات الشعبية بتاريخ الشعوب، تعبر عن شخصيتها وتقاليدها وأعرافها الاجتماعية والثقافية. وتزخر مصر بتراث متنوع من الرقص الشعبي، تلعب فيها الجغرافيا والمكان دورا مؤثرا، وعلى ذلك فرقصات أهل الريف تتميز عن رقصات أهل المدن.
كما أن رقصات الجنوب، وعلى سبيل المثال رقصة «التحطيب»، تتميز عن رقصات أهل الشمال، والأودية والواحات التي تتميز برقصة «الحجالة»، كما تحتفظ المدن الساحلية بطابع خاص، حيث تشتهر فيها رقصة «البمبوطية» المستمدة من أجواء البيئة المحلية.
بين هذه الرقصات تظل رقصة «التنورة» هي الأبرز، فليست مجرد رقصة أو فن تراثي وفد إلى مصر من تركيا واكتسب طابعا خاصا، ولكنها توليفة تجمع بين فلسفة الحياة والنزعة الصوفية والفلكلور المصري الذي يظهر طابعه بامتياز.. كما ترمز التنورة بحركاتها الدائرية اللانهائية إلى حركة الكون وفلسفة الحياة، ويرمز راقصوها إلى الشمس التي تدور حولها الكواكب، وتعكس حركاتهم التعبيرية نمطا معينا من الفكر والفن والتراث الثقافي، يتبدى أثناء دورانهم بالتنورة ذات النقوش العربية والألوان الزاهية، فعلى أنغام آلات الموسيقي المصرية الشعبية، وإنشاد المنشدين يقدم الراقصون واحدا من أجمل الفنون المصرية.
عن رقصة التنورة وفلسفتها، يشير محمود عيسى مدير فرقة التنورة للفنون التراثية إلى أن رقصة التنورة هي فن صوفي يتميز بطابع خاص فريد في نوعه، إذ تعتمد على الحركات الدائرية، وتنبع من الحس الإسلامي الصوفي الذي له أساس فلسفي ودلالي يرجع في جوهره إلى المفهوم المولوي، القائل إن الحركة في الكون تبدأ من نقطه وتنتهي عند ذات النقطة، ولذلك تكون دائرية عكس عقارب الساعة، مثل الطواف حول الكعبة.
ويوضح عيسى أن التنورة تعتمد على الرموز بدرجة كبيرة، فعندما يدور راقص التنورة (اللفيف) حول نفسه، فكأنه الشمس ويلتف حوله الراقصون (الحناتية)، الذين يرقصون بآلة الإيقاع (المزهر)، وكأنهم الكواكب، ومن خلال الدورات المتعاقبة للتنورة يرمزون إلى تعاقب الفصول الأربعة.
ويلعب عنصر الوراثة دورا مهما وملحوظا في رقصة التنورة، فكثير من الراقصين توارثوا الأمر عن أبائهم وأجدادهم ليكونوا امتدادا لهذا الفن التراثي.
وبشكل عام، فإن إقبال الجمهور على التنورة كبير جدا من المصرين والأجانب على السواء، وحينما نعرض خارج مصر يكون إقبال الأجانب عليها فوق الوصف