حلب " المسلة " … تعد جمعية العاديات في حلب من الجمعيات العريقة التي تأسست في عام 1924 باسم جمعية "أصدقاء القلعة والمتحف" بهدف الحفاظ على الآثار وحمايتها والتعريف بها ودراستها والبحث فيها والتشجيع على زيارتها والقاء المحاضرات الاثرية والتاريخية والفنية واصدار نشرات أو كراسات دورية تسمى مجلة العاديات والعديد من الاعمال والانجازات التي ساعدت في الحفاظ على التراث والتاريخ الحضاري والانساني لمدينة حلب لاسيما دورها في إنشاء متحف حلب الوطني وتضمينه العديد من المقتنيات الآثرية الهامة.
وعن مراحل تأسيس الجمعية ونشاطاتها أوضح تميم قاسمو أمين سر الجمعية انه في مطلع العشرينيات بدا الفرنسيون عمليات تنقيب وتفتيش في قلعة حلب و بدات الاحمال تنتقل من القلعة الى الشاحنات العسكرية الفرنسية باشراف الجنرال فيغان ثم تاخذ هذه المقتنيات الى فرنسا وكان من ابرز تلك الأثار المسروقة من القلعة المحراب الخشبي والمكتبة من المسجد الصغير المعروف بمسجد الخليل ما اثار غيرة بعض ابناء المدينة فتداعوا الى تاسيس جمعية تحت اسم "جمعية أصدقاء القلعة" ولما كان هناك سعي لانشاء متحف في بهو القلعة فقد أصبح اسم الجمعية "جمعية أصدقاء القلعة والمتحف" لتكون النواة المؤسسة لجمعية العاديات مستقبلا .
وبين قاسمو أنه مع تطور عمل الجمعية رأى القائمون عليها ان دائرة اهتمامهم تتعدى القلعة و المتحف فقرروا اطلاق تسمية جديدة تكون اعم و اشمل وادق وباقتراح من الشيخ كامل الغزي مؤسس الجمعية اطلقت تسمية العاديات عام 1930 و المقصود بها الاشياء الموغلة في القدم فكأنها من ايام قبيلة عاد .
وفي عام 1931 أصدرت الجمعية باللغتين العربية و الفرنسية مجلة اسمها العاديات السورية وهي من أقدم المجلات الاثارية في الوطن العربي واستمرت في الصدور شهريا حتى عام 1939 ثم توقفت بسبب قيام الحرب العالمية الثانية كما توقف نشاط الجمعية وضمت مكتبتها ووثائقها إلى مديرية الآثار و كانت المجلة تغطي أنشطة الجمعية من محاضرات و رحلات أثرية وتنشر المقالات والدراسات المتخصصة في التاريخ و الآثار بحيث غدت مرجعا هاما وفي عام 1950 استأنفت الجمعية نشاطها واستمرت حتى الآن حيث أصدرت بعد توقف المجلة كتابا سنويا باسم عاديات حلب باللغات العربية والفرنسية و الإنكليزية و لايزال يصدر حتى الان بالتعاون مع جامعة حلب أما مجلة العاديات فقد عاودت الصدور فصليا منذ عام 2004.
وأشار الى أن الجمعية تمارس نشاطاتها وأعمالها من خلال لجان متخصصة اولها الثقافية وتتولى تنظيم المحاضرات الاسبوعية التي تهتم بالمواضيع التراثية والاثار والتراث غير المادي و الفكري بالاضافة إلى الندوات التي تقام بالاشتراك مع جامعة حلب تتعلق بمواضيع مهمة والإعلامية ومهمتها معاودة إصدار مجلة العاديات السورية والتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة والإشراف على موقع الجمعية على شبكة الانترنت الذي يتضمن نشاطات الجمعية ومواد ثقافية عديدة وكل ما له علاقة بالآثار في سورية والرحلات التي تنظم رحلات أثرية علمية داخل سورية و خارجها فضلا عن الجولات الداخلية ضمن مدينة حلب وريفها ووفق محاور تشمل جميع نواحي المدينة القديمة وعلى مدار العام ولجنة حماية المدينة القديمة والبيئة بالإضافة إلى اللجنة الاجتماعية التي انبثقت عنها لجان العلاقات العامة والفنية والمعارض وتنظيم حفلات التعارف السنوي والإشراف على فرقة الاناشيد الوطنية.
ولفت قاسمو الى ان الجمعية تمتلك مكتبة يمكن اعتبارها من اغنى المكتبات العامة في موضوع الآثار والتاريخ و جرى تطويرها بحيث تجاوز عدد الكتب 3000 مجلد باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية ويرتادها العديد من الطلاب المتخصصين في الآثار والباحثين والرواد وبعضهم من خارج الوطن. وبين انه يتم العمل حاليا على إنجاز نواة لمكتبة الكترونية تضم عشرات الالاف من الكتب والعمل على تحقيق أرشيف إلكتروني في كل ما يتعلق بمدينة حلب اضافة الى ان الجمعية تقوم حاليا بأعمال تطوير و ترميم لمقر الجمعية الذي يعود تاريخ بنائه الى أواخر القرن التاسع عشر و تنفيذ مشروع النادي الاجتماعي لأعضاء الجمعية.
واشار قاسمو الى أن الجمعية تشارك في عدد من اللجان ذات الأهمية الفائقة في حلب وفي مقدمتها لجنتا ترميم الجامع الأموي الكبير بالمدينة وحماية حلب القديمة كما أنها عضو في اتحاد الجمعيات الأثرية العربية وترأست هذا الاتحاد أكثر من مرة و لها صلات مع الجمعيات الآثارية و التراثية المماثلة في عدد من بلدان العالم .
واوضح أن الجمعية تعتمد في تمويلها على اشتراكات الأعضاء ومدخول الرحلات وتبرعات الأفراد وبعض المعونات الحكومية في حين ان جميع الأعمال و النشاطات التي تقوم بها الجمعية يعتمد على العمل التطوعي و المجاني من قبل أعضائها لكنها تعاني من صعوبة في التمويل مما يحول دون تنفيذ العديد من المشاريع مثل إحياء التراث و صيانة الآثار وأرشفة جميع الصور التي صورت لمدينة حلب خلال ال 160 سنة الماضية .
وحول فروع الجمعية في المحافظات بين قاسمو ان الجمعية تغطي في نشاطاتها معظم انحاء سورية ولها فروع نظامية في اللاذقية وحمص وحماة وطرطوس ودير الزور والحسكة والسويداء والرقة ومدينة الثورة وجبلة والميادين تقوم بنشاطات عديدة توازي نشاط الجمعية الأم في حلب و تعمل على حماية الآثار في تلك المناطق ويتجاوز عدد اعضائها حاليا 5000 عضو.
وأكد أن الجمعية شهدت في السنوات الأخيرة انفتاحا واسعا على الشرائح المثقفة وتطويرا لعملها في مجال التراث والآثار وتوسيعا لمجال العمل الفكري والثقافي والتراثي والفني والإداري واستطاعت أن تضيف شيئا للحركة الثقافية في المدينة و أن تكون الوجه الثقافي الحقيقي لها من خلال الإصدارات الدورية والكتب وتنظيم الندوات والحوارات ونشر الدراسات العلمية المتخصصة في التاريخ والآثار والاستعانة بخبرات العديد من أساتذة الجامعات ومديري الآثار والموءرخين والمهندسين والباحثين والعلماء .
بدوره قال محمد عبد المحسن عضو في الجمعية "إن سبب انتسابي للجمعية هو اهتمامي بالمأثورات الشعبية والحكم والأمثال والشعر الشعبي بالإضافة إلى الأنشطة التراثية للجمعية التي تتعلق بالاحياء الشعبية الأسواق القديمة وطريق الحرير والخانات و أبواب حلب التاريخية فضلا عن الأدباء والعلماء الذين تركوا اثرا طيبا في مختلف مجالات الفكر".
من جهته قال عبدالله حجار المستشار الفني للآثار الكلاسيكية في الجمعية "انتسبت للجمعية عام 1970 حيث اتاحت المجال امامي للمساهمة في تقديم العديد من المحاضرات والمقالات والمشاركة في الرحلات الاطلاعية والتعريفية للأماكن التاريخية الاثرية التي تتميز بها سورية".
بدوره لفت الفنان التشكيلي والرسام طاهر البني عضو الجمعية الى اهمية الجمعية في احتوائها الكوادر والشرائح المتنوعة من مثقفين وباحثين متخصصين في مختلف المجالات وخاصة المهتمة بالتراث والتاريخ اضافة الى نشاطاتها الثقافية المتعددة التي ترتبط بالارث الحضاري الانساني والتي تفتح الافاق الواسعة امام منتسبيها لتبادل الاراء والمعلومات والخبرات والاطلاع على اخر الاكتشافات والمستجدات على الصعد كافة.
واشار الى نشاطات الجمعية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخنا الفكري والثقافي والحضاري بشكل عام والتي تقتصر فقط على البحث في القضايا والموضوعات التراثية القديمة وحسب بل تشمل انشطة متنوعة ترتبط بالواقع الاجتماعي والثقافي للبلاد اضافة الى الرحلات العملية الثقافية داخل سورية وخارجها .
وأوضح الى ان علاقته بالجمعية تعود الى عام 1985 حيث وفرت له منبرا اطلع من خلاله على الفنون التشكيلية القديمة والحديثة وتاريخ الفن في سورية والتعريف بمعظم الفنانين التشكيليين في الحركة الفنية التشكيلية السورية منوها بدور المجلة التي تصدرها الجمعية في ايصال المعلومات المناسبة الى اعضاء الجمعية المهتمين بنشاطاتها.
واشارت الاديبة ضياء قصبجي عضو في الجمعية الى دور الجمعية في تلبية رغباتها واهدافها من خلال نشاطاتها داعية الى ان تركز المجلة في مواضيعها على نتاجات شباب ومواهبهم وابداعاتهم .
المصدر : سانا