بقلم : محمود كامل … لأن الله لطيف بعباده فإنه مثلما يقول الفلاحون عندنا من قديم الزمان: «يدى البرد.. على قد الغطا»، ذلك أنَّ كل شيء عنده بقدر، فلا يفرض علينا جواً جليدياً مثلما هو في بلدان أوروبية كثيرة يصل فيها شتاء الشوارع إلى نصف متر من الجليد، إلى درجة أنَّ فيلا قد انهارت على سكانها منذ عدة أسابيع عندما بلغ كم الجليد المتراكم على السطوح ثقلا لم يتحمله أساس الفيلا القديمة، إلا أنَّ إحكام النوافذ والإمكانيات المتاحة للتدفئة في كل مكان يساعد كثيراً على تحمل مشقة وأعباء الشتاء الجليدي هناك، ولو لم يكن الله رحيماً بنا ورزقنا بهذا المناخ القاسي، لتحولت بيوتنا جميعاً إلى «قرافة هائلة» بغير مقرئين، ولا سراداقات!
صحيح أنَّ البعض منا يشكو -في الصيف القائظ- من الحرارة الشديدة، والبعض يرزق مع الحر «بالرطوبة»، إلا أن ذلك كله لا يقارن بجو الجليد الذي يعاني منه الآخرون، وحيث أنه لا مهرب من المناخ مثلما هو الأمر حيث لا مهرب من الله إلا إلى الله، فعلى كل منَّا أن يرضى بالمقسوم!
يبقى بعد ذلك أنَّ كل منا «ميسر لما خلق له» فلا يصلح «عالم الكيمياء» لأن يكون «كناسا» ولا يصلح الكناس لأن يكون «عالم ذرة» ولا أصلح أنا لاحتلال مكانك الوظيفي، وبنفس القدر لا تصلح أنت لما أقوم به، وقد خلق الله تلك التوليفة من المهارات -البسيط منها والمتخصص- لحكمة دوران الكون باحتياج كل مهارة للمهارة الأخرى في ضمان لأن يرزق الجميع من الجميع فالدخل الشخصي لأي منا فيه أرزاق لآخرين، والزكاة التي ندفعها -تطهيراً لأموالنا- هي رزق كلفنا به لأشخاص محددة أسماؤهم عند الرزاق، فإذا توقف أي منا –طمعاً- عن تطهير أمواله بالزكاة وهو قادر، فإنه يكون بذلك قد دخل دائرة الحرام، وهي دائرة لم يعد من أصاحبها إلى الحياة من جديد ليحكي لنا ما جرى له هناك!