ازمة السياحة العربية وصيف القاهرة 2012
**بعد مرور أكثر من عام على ثورة الشعب ، يأمل القائمون على السياحة في الوطن وخبراء الصناعة بالغة الحساسية أن يتعافى القطاع الذي يشكل حوالى 12 % من الناتج المحلى والدخل القومى ،ووفقا لما اكدته أحدث البيانات الاحصائية الصادرة عن وزارة السياحة والجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء تفيد أن القطاع السياحي سجل تحسنا ملموسا في الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية يترواح ما بين 30، 40% ،حيث ارتفع عدد السائحين الذين قدموا إلى مصر بنسبة 32%في الربع الأول الى 2,5 مليون سائح، قفزا الى الامام فى اتجاه تصاعدى مقارنة بنفس الفترة من عام 2011 ، رغم ما تشهده الساحة السياسية من أحداث خاصة بانتخابات الرئاسة وأزمة اللجنة التأسيسية للدستور، وقضية الطعن فى انتخابات مجلس الشعب ، والمظاهرات التي تنظمها القوى الإسلامية جمعة وراء جمعة ، لم تتأثر الحجوزات الخاصة بالصيف والموسم الشتوى القادم هو ما يؤشر الى استعادة السياحة المصرية عافيتها غضون شهور قليلة .. بل يعتقد المتفائلين ومنهم "منير عبدالنور" المسئول الاول عن القطاع ان الحركة ستتدفق بقوة غضون اسابيع قليلة من انتخاب رئيسا للجمهورية الثانية التى تدخلها البلاد .**
تحقيق يكتبه : اشرف الجداوى
– ولكن اكثر القائمين على القطاع تفائلا والذين يتوقعون ارتفاع الحجوزات الصيفية الى معدل ما قبل ثورة يناير 2011 وان تتزايد الحركة الوافدة لتصل بنهاية العام الحالى 2012 الى تسجيل ارقام اعلى من جملة ما وفد من سياح الى مصر عام 2010 ، يرون ان تعافى الحركة السياحية يبقى رهنا بالاستقرار الامنى وعدم وجود اعمال عنف تهدد الناس ،وهو ما اوصى به واكد عليه " طالب الرفاعى " سكرتير منظمة السياحة العالمية الاسبوع الماضى فى مؤتمر السياحة والاعلام الذى استضافته مصر فى منطقة "مرسى علم " السياحية بالبحر الاحمر … ومشيرا الى ان منظمة السياحة لديها توقعات إيجابية جداً على المدى الطويل والمتوسط بالنسبة لمصر، وأن تصب التغيرات التى تحدث فى مصر فى قطاع السياحة "لأن صورة مصر حدث لها تحسن وتغير هائل بعد الثورة".
مصر ودائرة الضوء
– ومع الاخذ فى الاعتبار ان مصر لم تخرج من دائرة الضوء وان الارقام السلبية التى افزعت الخبراء والمعنيين بالسياحة فى فبراير 2011 بنسبة 80% تراجعا فى الحركة الوافدة بسبب الاحداث والفراغ الامنى حينها اخذت فى التراجع شهرا بعد شهر الى ان بلغ نسبة 33% سلبا بنهاية 2011 وهو ما اعتبره المراقبين اشارة ايجابية موحية بعودة السائحين فى الفترة القادمة وبخاصة بعد جملة رسائل التطمينات التى صدرت من التيار الاسلامى الذى تصدر المشهد السياسى المصرى عقب اكتساحه للانتخابات البرلمانية لاول مرة فى تاريخ مصر .
13 مليون سائح
وزير السياحة "عبدالنور" من جانبه قال اتوقع فى حالة عدم حدوث مفاجآت غير سارة خلال الأسابيع والشهور القليلة القادمة فى مصر، أن تشهد الحركة السياحية إلى مصر العودة إلى الازدهار بما يتواكب مع مستويات السياحة إلى مصر فى عام2010 عندما اقترب اجمالى الحركة السياحية من ال 14 مليون سائح ، و مهمتنا كوزارة مسئولة عن صناعة السياحة فى هذا الوقت الحرج لن تحيد عن المسار الذى بدأنا فيه للترويج لمصر وفى التواصل مع كبرى الشركات السياحية الاوروبية للتعرف على طلباتهم وإعادة النظر فى نظم التحفيز التى تطبق على حركة السياحة العالمية إلى مصر .
ويوضح الوزير ان نظرية الاعتماد على الاسواق التقليدية باتت قديمة "وغير مجدية " وان العالم يتغيرمن حولنا ويضيف " لابد من الاستفادة من التغيرات التى تجتاح صناعة السياحة العالمية، حيث نشأت أسواق سياحية واعدة مثل اوكرانيا وبولندا والبرازيل والصين من شأنها ان تسهم بنسبة كبيرة فى زيادة الحركة السياحية الوافدة الى مصر، وهى بؤرة اهتمامنا فى الفترة القادمة .
انتخابات الرئاسة والانطلاق
وفيما اعتبر "هشام زعزوع" مساعد وزير السياحة " ان الجهود التنشيطية للنهوض بالسياحة المصرية التى بذلت خلال الفترة الماضية والتواجد المكثف فى المعارض والمنتديات والفعاليات السياحية الدولية من قبل الوزارة والهيئة العامة لتنشيط السياحة وقطاع الاعمال السياحى للترويج للمقصد المصرى ، كانت العامل الرئيسى لما تشهده السياحة من نمو متواتر ملحوظ ومبشر فى تعاقدات وحجوزات الصيف والنصف الثانى من السنة الحالية ، خاصة وأن بعض من منظمي الرحلات السياحية يستعدون للانطلاق نحو السوق المصري فور انتخابات الرئاسة، التي يتوقع معها أن تشكل بداية الاستقرار الحقيقي على صعيد صناعة السياحة المصرية .
الاسواق التقليدية
وعطفا على ما اكده مسئولى كبرى شركات السياحة الدولية فى الاسواق المصدرة للحركة السياحية فى لقاءاتهم المهنية والرسمية مع منير عبدالنور وزير السياحة وعمرو العزبى رئيس الهيئة للتنشيط والهامى الزيات رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية خلال الفترة الماضية فى اكثر من محفل سياحى دولى من عزمهم المضى قدما فى رفد السياحة المصرية باعداد متنامية من السياح وانعاش الطلب بتوحيد جهود الترويج مع الوزارة فى كافة الاسواق التقليدية والاخرى الجديدة الواعدة ، ولعل اهم تلك الشركات "توى" ونيكرمان الالمانيتين و"وتوماس كوك وطومسون " البريطانيتين ،وشركات اخرى ايطالية وفرنسية وسويسرية تتعامل فى السياحة مع مصر .
زيادة الاعداد وتراجع الايرادات
– وتشير البيانات الاحصائية الواردة من وزارة السياحة الى زيادة عدد السائحين الذين قدموا إلى مصر في الربع الأول الى 2,5 مليون سائح، بنمو 32%، وعلى الرغم من هذا النمو في اعداد السائحين إلا منظمى البرامج السياحية وخبراء القطاع المصريين لا يتوقعون ايرادات سياحية بنفس وتيرة النمو فى الاعداد ، ويرجع هذا "الهامى الزيات" رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية الى تراجع متوسط إنفاق السائح من 85 دولارا في 2012 إلى 75 دولارا حاليا، مرجحا عودة النمو للإيرادات والإنفاق خلال العام 2013.
ويوضح " الزيات" أن متوسط الإقامة زاد نتيجة الانخفاض فى أسعار الفنادق والبرامج السياحية ليرتفع من متوسط في حدود 10 أيام الى 11,6 يوم، ويعتقد ان الايرادات لن ترتفع الا مع عودة الاسعار الى معدلها الطبيعى تدريجيا فى ظل حالة استقرار امنى دائم لاتعكره "مليونيات او اعمال عنف وبلطجة بالشارع المصرى حينئذ يزداد الطلب على المنتج السياحى ويرتفع سعره .
السوق العربى والقاهرة
ورغم الزيادة الكبيرة التى فاقت كل توقعات الخبراء فى قطاع السياحة المصرى فى المد العربى الذى شهدته مصر خلال الشهور الاولى من العام الحالى حيث سجلت الحركة السياحية من السوق العربى ارتفاعا ملحوظا خلال الربع الاول من هذا العام بلغ حوالى 62% مقارنة بأعداد السائحين فى نفس الفترة من العام الماضى، الا ان "عمرو العزبى" لايخفى قلقه من تأثر السوق العربى خلال الصيف القادم لظروف التوتر والمظاهرات التى كادت ان تصبح سمة من سمات العاصمة للاسف ،وهى بالحساب والمنطق "القبلة الاولى للسائح العربى " ومع الاخذ فى الاعتبار ان السائح الليبي لظروف ما تمر بلاده قد يكون هو الرقم الضائع فى دفتر حسابات السياحة العربية ..!
اجندة فنية للسائح العربى
وتحسبا لتأثر الحركة العربية الصيفية يسعى "العزبى" ومسؤولى الهيئة لتنفيذ خطة لاجتذاب السائحين العرب وكما يوضح رئيس الهيئة قائلا لنا "اننا قطعنا شوطا فى تنفيذها من خلال برامج استضافة لصحفيين واعلاميين وفضائيات عربية لنقل واقع الحياة المصرية بلا تهويل، ومدى ما تتميز به مصر من مغريات للسائح العربى، بالاضافة الى تنظيم عدد من الفعاليات والمهرجانات الفنية بالقاهرة بمشاركة مجموعة من كبار الفنانين العرب بالتعاون مع وزارة الثقافة والبيت الكويتى للاعمال الوطنية وسيتم الاعلان عنها قريبا فى وسائل الاعلام المختلفة، ويجرى العمل حاليا ايضا للاتفاق مع فرقة الرحبانية اللبنانية لاقامة عروض فنية بالقاهرة خلال فترة الصيف بمحكى القلعة علاوة على مهرجان فوانيس رمضان والذى يستمر حتى اجازات عيد الفطر المبارك ، ويلفت فى نهاية تصريحاته "الى ان السوق العربى كان من اقل الاسواق تأثرا بالاحداث التى شهدها المقصد المصرى خلال عام 2011 مقارنة بالانخفاض العام فى الحركة السياحية والذى بلغ 33% مقارنة بعام2010 وهذا هو السر وراء قلقه وسعى الوزراة والهيئة لاجتذاب الحركة العربية والتى تمثل نسبة تتراوح بين 15 إلى 18% من إجمالي السياحة القادمة إلى مصر.
وأوضح "سامى محمود" رئيس قطاع السياحة الدولية بالهيئة " أنه سيتم خلال الفترة المقبلة طرح برامج لتحفيز الطيران العارض من المنطقة العربية نتيجة تزايد حركة السياحة إلى مناطق شرم الشيخ والغردقة، و انه يجرى إبرام تعاقدات لشركات تسويقية مع شركات السياحة في المنطقة لطرح عروض حصرية من الفنادق المصرية وبأسعار تشجيعية للسياح العرب .