دمشق "المسلة" … لم تحظ السياحة الداخلية بالاهتمام الذي حصلت عليه السياحة الخارجية وذلك لأسباب عديدة كاهتمام معظم المكاتب السياحية بالترويج للسياحة الخارجية وتنظيم المجموعات السياحية إلى الخارج، كونها تدرّ أرباحاً على هذه المكاتب أكثر من الداخلية، أو بسبب تقصير من قبل الجهات المختصة في وزارة السياحة بالترويج لهذا النوع من السياحة، ومن هنا تظهر ضرورة الاهتمام بالسياحة الداخلية وتوفير مقومات نجاحها من خدمات وغيرها، إضافة إلى خفض أسعار الرحلات وتكاليف الإقامة لأن معظم المواطنين هم من أصحاب الدخل المحدود.
بلا إجابة
وزارة السياحة لم تدلِ بأي معلومات عن الموضوع حيث إنها لم ترفض بشكل مباشر ولكن تهربها من الإجابة عن الأسئلة يبين عدم رغبتها في إدلاء أي معلومات عن تهميش السياحة الداخلية علماً بأن المحررة توجهت إلى المكتب الصحفي في وزارة السياحة ووضعت لديه عدة أسئلة خطية لكنه وبعد أسبوعين من المراجعة والسؤال عن الإجابات لم نحصل على نتيجة إيجابية رغم بساطة تلك الأسئلة إذ كانت تتحدث عن أهمية السياحة وواقعها والإجراءات المتخذة لتنشيط السياحة الداخلية وما دور وزارة السياحة في الترويج لهذه السياحة؟
رئيس قسم السياحة في الشركة السورية للسياحة والسفر بشار مسوتي أشار إلى أن مكاتب السياحة والسفر التي تعمل في سورية لا تركز على السياحة الداخلية لذلك كانت لوزارة السياحة رؤية بإنشاء الشركة السورية للسياحة لتنشيط السياحة الداخلية لشرائح المجتمع من ذوي الدخل المحدود وذلك من خلال برامج بسيطة للتركيز على المناطق التنموية نظراً لأن معظم مكاتب السياحة والسفر تركز على مناطق الساحل وحلب وبعض المواقع الأثرية كتدمر حصراً حيث قامت الشركة بطرح برامج خاصة بهذه المناطق بهدف مساعدة المجتمع المحلي وإقامة منشآت سياحية فيها، فالدور الرئيس للشركة هو تنشيط السياحة لهذه المواقع وفق برامج بسعر التكلفة ويضاف إليها هامش بسيط من الربح لأن غاية الشركة ليست ربحية بل تعريف المواطن بهذه المناطق، والشركة تقوم بتغطية بقية النفقات الخاصة بها.
وأضاف مسوتي: خلال فترة الأعياد كانت الشركة تقوم برحلات إلى مدينة تدمر وهذه الرحلات كانت تلقى قبولاً واستحساناً كبيرين من الناس حيث كانت تطرح برامجها السياحية على المشاركين في الرحلة وكانت لديها نشاطات خاصة بالأطفال والعائلات، إضافة إلى قيامها بعدة حفلات فنية وترفيهية سواء على المسرح أو على الخيم الموجودة فيها، ومن أجل الترويج لهذه البرامج كانت الشركة لا تأخذ منهم إلاّ سعر التكلفة فقط والتي تتمثل بالنقل والإقامة والطعام أما بقية النشاطات المرافقة لهذه البرامج فتتحمل الشركة ووزارة السياحة كلفتها حيث بلغ عدد الرحلات المنفذة خلال عامي 2009/2010 نحو 91/96 رحلة سياحية متنوعة فكانت تشمل رحلات ليوم واحد أو يومين أو ثلاثة أيام.
و أورد بعض أسعار الرحلات التي تقوم بها الشركة حيث كانت تبلغ كلفة الرحلة إلى الساحل السوري 1200 ليرة ليوم واحد و 4700 ليرة ليومين أو ثلاثة أيام، وهناك رحلات إلى بلودان ومضايا وجبل قاسيون بسعر 1100 ليرة ليوم واحد إضافة إلى رحلات إلى معلولا وصيدنايا بسعر 1100 ليرة أيضاً لليوم الواحد.
وبين أن السبب الذي لم يمكن الشركة من خلق أجواء منافسة مرتبط بطبيعة المنتج ومعادلة العرض والطلب، فالمنشآت السياحية في سورية قليلة مقارنة بدول الجوار لبنان، تركيا، مصر ونلاحظ أن معادلة العرض والطلب لديهم راجحة لكلفة العرض ولهذا السبب توجد لديهم منشآت سياحية أكثر وتالياً تصبح هناك منافسة أكبر أما عندنا فالطلب يكون أكثر من العرض وتالياً يصبح المنتج أغلى نسبياً.
مشكلات السياحة الداخلية
أما مدير الشركة السورية للسياحة والسفر يسار كيوان فقال إن السياحة الداخلية على الأغلب تتوجه نحو منطقة الشواطئ «اللاذقية وطرطوس» ولكن الظروف الحالية جعلت الناس ينتقلون إليها عن طريق الطائرات وإمكانية الطيران السورية ضعيفة جداً لأن رجال الأعمال يستحوذون عليها فلا مجال للأماكن فيها ولذا يجب على مؤسسة الطيران السورية أن تزيد عدد رحلاتها الداخلية لتمكن الناس من الانتقال بحرية ويجب أن تخفض أسعار الخطوط الداخلية لأن سعر البطاقة مرتفع جداً بين المحافظات، وهذا يحد من حركة السياحة الداخلية.
وذكر أن السياحة الداخلية تعاني مشكلات عدة كارتفاع أسعار منشآت المبيت إضافة إلى قلة الأسرة في الفنادق حيث لا يوجد إلا فندقان للسياحة في اللاذقية وأسعارهما مرتفعة جداً إلا أنه في عام 2011 كانت هناك نسبة امتلاء جيدة فيها نتيجة الحسومات التي قاموا بها في فترة المواسم، والسياحة الداخلية يجب أن تكون لديها متممات مثل رفع مستوى الخدمة في الفنادق الموجودة في المناطق السياحية ودراسة الأسعار وعدم رفعها بشكل جنوني.
ورأى أن حركة السياحة الداخلية موسمية أي تكون في الأعياد والعطل الرسمية وفي فصل الصيف أيضاً كانت هناك رحلات مستمرة لمناطق الساحل والمنتجعات الجبلية حيث كانت الشركة تنفذ رحلتين كل أسبوع لتلك المناطق، ويتوقع بأن تكون السياحة نشطة جداً خلال الموسم القادم داعياً إلى تأمين السلامة الطرقية وإيجاد البيئة التحتية للفنادق الموجودة في هذه المناطق وتالياً تأمين الخدمة اللازمة وتأمين الوقود للباصات حتى تكون هناك حركة نقل أفضل.
وقال: كنا نقوم برحلات سياحية إلى تدمر ولكنها لم تكن تلقى رواجاً كالسياحة الترفيهية فالناس يقومون بالذهاب إلى تدمر بشكل إفرادي وليس بشكل رحلات.
وأضاف: إذا أراد أحدهم أن يذهب مع عائلته إلى اللاذقية أو الزبداني فإنه يرغب مثلاً بدخول «مطعم» تكون خدماته جيدة وأسعاره مناسبة ولكن للأسف هذا لم يعد موجوداً الآن فالأسعار أخذت بالارتفاع أكثر فأكثر.
إضافة إلى أن ضعاف النفوس يزيدون الأسعار يوماً بعد يوم وهذا كله يؤثر في الحركة السياحية بشكل كبير فيعرض الناس بذلك عن ارتياد هذه الأماكن فإذا لم تعد الأسعار إلى شكلها الطبيعي والدولة لم تستطع السيطرة على هذه الأسعار فسوف يكون ذلك معوقاً أساسياً أيام رواج السياحة الداخلية بكل أشكالها.
سياحة نجوم
غازي النجار- رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم في ريف دمشق قال: نعاني مشكلة أن معظم مناطق الساحل مستملكة من قبل وزارة السياحة فلم يعد هناك مكان للسياحة الشعبية بل أصبحت سياحة نجوم وليست مخصصة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط.
فالسياحة الشعبية لا يوجد لها مكان محدد فمن حق كل مواطن زيارة هذه الأماكن الموجودة في بلده ولكن المشكلة هي الدخول إلى منطقة سياحية أسعارها مرتفعة أو الدخول لمنشأة شعبية قادرة على أن تستوعب أناساً بإمكاناتهم المالية التي جمعوها على مدى سنتين أو ثلاث سنوات.
وقال: يوجد ضعف في معرفة المواطن بمناطق بلده (الأثرية- الثقافية) فهناك محافظات لم تأخذ حقها من الترويج رغم أنها تمتلك مقومات جذب سياحية داخلية أو خارجية.
صعوبات استثمارية
طارق كريشاتي- مدير السياحة في ريف دمشق قال: وزارة السياحة تقوم بتشجيع السياحة الداخلية وذلك بتنظيم المهرجانات والأندية (كمهرجانات طريق الحرير ومعارض الزهور) وتعقد ورشات عمل إضافة إلى الكثير من الفعاليات التي تقوم بها لتنشيط السياحة الداخلية.
وأضاف: إن للسياحة دوراً كبيراً في زيادة الدخل القومي للبلد حيث وصلت نسبة العائدات السياحية في عام 2010 إلى 13% من الناتج القومي وإن ما يعوق السياحة هو النقص في البنية التحتية لها أي أن هناك نقصاً كبيراً في الأسرة في محافظة ريف دمشق وسبب هذا النقص بعض التعقيدات والصعوبات التي تواجه المستثمرين في هذه المحافظة، لذلك نحن بحاجة إلى الاستثمار السياحي، فالسبب الرئيس الذي يؤثر في هذا الاستثمار هو هيئة التخطيط الإقليمي التي أوقفت الاستثمار في ريف دمشق مدة لا تقل عن 4 سنوات.
أسعار مرتفعة
وقال عبدالله سرحان- دليل سياحي: إن للسياحة الداخلية أهمية كبيرة لو أحسنا توظيفها كقطاع رافد للاقتصاد، فهي سياحة يمكن أن تكون على مدار العام على عكس السياحة الوافدة والتي تعد موسمية، فالسياحة الداخلية إن توفرت لها المقومات الضرورية يمكنها أن توفر فرص عمل لكثير من عمال الخدمات في قطاع السياحة من (شركات نقل وفنادق ومطاعم) وأن تتوفر أيضاً فرص عمل في أماكن التسوق وفي وكالات السياحة والسفر كما أنها تزيد من قدرة الأشخاص على الإنتاج كل في مكان عمله حيث يشعر الشخص بتجدد نشاطه بعد يوم عطلة يقضيه خارج البيت.
ويرى أن مقومات السياحة بشكل عام تتركز على ثلاثة عناصر (بلد يزار) حيث يجب أن يتوفر في (البلد المقصد) عناصر الجذب السياحي من أماكن أثرية مؤهلة وأماكن سياحية طبيعية، والعنصر الثاني (زوار) وهو أن يتوفر السائح الذي يقصد تلك الأماكن وذلك من خلال الترويج والتسويق للعنصر الأول، أما الثالث فهو (خدمات تتطور باستمرار) حيث لابد من توفر الخدمات التي لا غنى عنها للسائح بدءاً بمكاتب السياحة والسفر وشركات النقل ومروراً بأماكن الإقامة وخدمات الإطعام إضافة للبنى التحتية من طرقات وكهرباء.
وأضاف أن السياحة الشتوية في بلادنا قليلة جداً حيث إن السبب الرئيس لذلك هو اجتماعي محض فمعظم العائلات في الشتاء لديها التزامات تجاه أولادها (مدارس- جامعات) وعادة ما تقتصر هذه السياحة على موسم الثلج والذي غدا في السنوات الأخيرة قليلاً نسبياً على مستوى القطر.
ويعتقد أن المسؤول عن انكفاء الحركة السياحية الداخلية هي سياسة التسعير بالنسبة لأماكن الإقامة والإطعام والتي لا تتناسب مع الدخل إضافة إلى ضعف المطالعة عند القارئ المحلي وضعف الترويج واستثمار بعض المواقع لإلقاء محاضرات ثقافية سياحية.
ويرى سرحان أن هناك صعوبات كثيرة تواجه السياحة الداخلية (كارتفاع الأسعار وقلة الخدمات ووسائل النقل وغيرها) ولمعالجة تلك الصعوبات يجب أن تكون الأسعار للسائح الداخلي ضمن حدود الممكن، إضافة إلى أن الخدمات في بعض المنشآت الخدمية ضعيفة جداً وذلك لتسرب الكثير من أطقم الخدمة المدربة إلى خارج القطر لقلة أجورهم ولتفادي ذلك يجب إعطاء أجور مقبولة للمهنيين المحترفين في قطاع الخدمات السياحية، كما يجب تأمين محطات وقود لتزويد وسائط النقل بالمحروقات وذلك تفادياً لعدم إضاعة الوقت بحثاً عن وقود وهذا ما يحدث أحياناً.
وأكد أن الترويج للسياحة الداخلية عن طريق النقابات والاتحادات والتعريف ببرامج قصيرة لمواقع مختلفة تعد من روائع الإرث الحضاري العالمي وكذلك يجب الترويج للسياحة الداخلية البيئية نظراً لتوفرها في جميع أنحاء القطر وهناك أنواع سياحة أخرى (سياحة مؤتمرات والسياحة الدينية) يجب تنشيطها أيضا.
تراجع رواد المطاعم
وفي أحد مطاعم مدينة دمشق توجهنا إلى صاحب المطعم الذي تحدث إلينا قائلاً: إن هناك تراجعاً في إقبال الناس إلى المطاعم في الآونة الأخيرة وذلك بسبب ارتفاع أسعار معظم المواد حيث إنه كلما ارتفعت هذه الأسعار من الطبيعي أن نقوم نحن بزيادة سعر الفاتورة لكي تتناسب مع أسعار المواد التي نقوم بشرائها من السوق إضافة إلى أن هناك ضريبة تضاف إلى الفاتورة فعندما تتخفض هذه الأسعار سنقوم بتخفيض سعر الفاتورة.
وأضاف أن الناس هم في النهاية من يختار المطعم المناسب من حيث السعر والجودة وتالياً فإن تصنيف المطعم وموقعه الجغرافي يؤثران في ارتفاع السعر أو انخفاضه.
ولا ننكر بأن بعض أصحاب المطاعم يستغل الناس طمعاً بالربح الزائد ولكن ذلك سوف ينعكس عليهم سلباً بعدم ارتياد هؤلاء الناس مطاعمهم نظراً للغلاء الكبير لديهم.
تقصير واضح
واستعرضنا آراء بعض الناس عن السياحة الداخلية حيث ذكرت هبة- ربة منزل: أن السياحة الداخلية في بلدنا ضعيفة جداً وذلك نتيجة تقصير وزارة السياحة والجهات المختصة في تشجيع هذا النوع من السياحة وعدم اهتمامها بالكثير من المناطق السياحية في القطر، إضافة إلى عدم الاهتمام بالمنشآت السياحية وارتفاع أسعارها على نحو كبير لا يتناسب مع الأغلبية العظمى من المواطنين، وبالنسبة للمكاتب السياحية التي تقوم بهذه الرحلات فهي قليلة جداً فكيف سيتعرف الناس على الأماكن السياحية في بلدنا إذا لم يكن لدينا مكاتب تقوم برحلات سياحية مختلفة أو حتى وجود إعلانات تعرفنا بالأماكن السياحية الموجودة في بلدنا وذلك للذهاب إليها والاستمتاع بجمالها.
وقال وسام- موظف: إن سورية منطقة تحتوي على جميع المعالم السياحية من جبال وبحار وغابات ووديان ولكن ليس هناك أدنى اهتمام بكل هذه الأماكن الجميلة أو حتى القيام بمهرجانات لجذب الناس إليها فأنا لم أعرف بوجود هذه الأماكن إلا حين اكتشفتها بنفسي، فنأمل من وزارتي السياحة والإدارة المحلية والبيئة الاهتمام بالبنية التحتية لهذه المناطق عن طريق الإعلان عنها بوضع لوحات تحتوي على بعض المعلومات للتعريف بها فمن المؤسف أننا نعيش على أرض الوطن بما فيه من أماكن سياحية جميلة من دون أن نعرف أي شيء عنها وعن جمالها.
اهتمام أكثر
وفي النهاية فإن سورية تتمتع بطبيعة خلابة وأماكن سياحية مختلفة تستقطب الكثير من السياح من جميع دول العالم، بينما لا يرتادها إلا القلة من أبناء الوطن.
ومن هنا لابد للجهات المعنية من القطاعين العام والخاص إيلاء هذه السياحة أهمية خاصة نظراً لما يتمتع به بلدنا من طبيعة جميلة وأماكن اصطياف رائعة تستوجب الزيارة والاستمتاع بما فيها من جمال خلاق وسحر يأخذنا إلى الأزمان التي عاشتها سورية في حضاراتها المختلفة.
لم تحظ السياحة الداخلية بالاهتمام الذي حصلت عليه السياحة الخارجية وذلك لأسباب عديدة كاهتمام معظم المكاتب السياحية بالترويج للسياحة الخارجية وتنظيم المجموعات السياحية إلى الخارج، كونها تدرّ أرباحاً على هذه المكاتب أكثر من الداخلية، أو بسبب تقصير من قبل الجهات المختصة في وزارة السياحة بالترويج لهذا النوع من السياحة، ومن هنا تظهر ضرورة الاهتمام بالسياحة الداخلية وتوفير مقومات نجاحها من خدمات وغيرها، إضافة إلى خفض أسعار الرحلات وتكاليف الإقامة لأن معظم المواطنين هم من أصحاب الدخل المحدود.
بلا إجابة
وزارة السياحة لم تدلِ بأي معلومات عن الموضوع حيث إنها لم ترفض بشكل مباشر ولكن تهربها من الإجابة عن الأسئلة يبين عدم رغبتها في إدلاء أي معلومات عن تهميش السياحة الداخلية علماً بأن المحررة توجهت إلى المكتب الصحفي في وزارة السياحة ووضعت لديه عدة أسئلة خطية لكنه وبعد أسبوعين من المراجعة والسؤال عن الإجابات لم نحصل على نتيجة إيجابية رغم بساطة تلك الأسئلة إذ كانت تتحدث عن أهمية السياحة وواقعها والإجراءات المتخذة لتنشيط السياحة الداخلية وما دور وزارة السياحة في الترويج لهذه السياحة؟
رئيس قسم السياحة في الشركة السورية للسياحة والسفر بشار مسوتي أشار إلى أن مكاتب السياحة والسفر التي تعمل في سورية لا تركز على السياحة الداخلية لذلك كانت لوزارة السياحة رؤية بإنشاء الشركة السورية للسياحة لتنشيط السياحة الداخلية لشرائح المجتمع من ذوي الدخل المحدود وذلك من خلال برامج بسيطة للتركيز على المناطق التنموية نظراً لأن معظم مكاتب السياحة والسفر تركز على مناطق الساحل وحلب وبعض المواقع الأثرية كتدمر حصراً حيث قامت الشركة بطرح برامج خاصة بهذه المناطق بهدف مساعدة المجتمع المحلي وإقامة منشآت سياحية فيها، فالدور الرئيس للشركة هو تنشيط السياحة لهذه المواقع وفق برامج بسعر التكلفة ويضاف إليها هامش بسيط من الربح لأن غاية الشركة ليست ربحية بل تعريف المواطن بهذه المناطق، والشركة تقوم بتغطية بقية النفقات الخاصة بها.
وأضاف مسوتي: خلال فترة الأعياد كانت الشركة تقوم برحلات إلى مدينة تدمر وهذه الرحلات كانت تلقى قبولاً واستحساناً كبيرين من الناس حيث كانت تطرح برامجها السياحية على المشاركين في الرحلة وكانت لديها نشاطات خاصة بالأطفال والعائلات، إضافة إلى قيامها بعدة حفلات فنية وترفيهية سواء على المسرح أو على الخيم الموجودة فيها، ومن أجل الترويج لهذه البرامج كانت الشركة لا تأخذ منهم إلاّ سعر التكلفة فقط والتي تتمثل بالنقل والإقامة والطعام أما بقية النشاطات المرافقة لهذه البرامج فتتحمل الشركة ووزارة السياحة كلفتها حيث بلغ عدد الرحلات المنفذة خلال عامي 2009/2010 نحو 91/96 رحلة سياحية متنوعة فكانت تشمل رحلات ليوم واحد أو يومين أو ثلاثة أيام.
و أورد بعض أسعار الرحلات التي تقوم بها الشركة حيث كانت تبلغ كلفة الرحلة إلى الساحل السوري 1200 ليرة ليوم واحد و 4700 ليرة ليومين أو ثلاثة أيام، وهناك رحلات إلى بلودان ومضايا وجبل قاسيون بسعر 1100 ليرة ليوم واحد إضافة إلى رحلات إلى معلولا وصيدنايا بسعر 1100 ليرة أيضاً لليوم الواحد.
وبين أن السبب الذي لم يمكن الشركة من خلق أجواء منافسة مرتبط بطبيعة المنتج ومعادلة العرض والطلب، فالمنشآت السياحية في سورية قليلة مقارنة بدول الجوار لبنان، تركيا، مصر ونلاحظ أن معادلة العرض والطلب لديهم راجحة لكلفة العرض ولهذا السبب توجد لديهم منشآت سياحية أكثر وتالياً تصبح هناك منافسة أكبر أما عندنا فالطلب يكون أكثر من العرض وتالياً يصبح المنتج أغلى نسبياً.
مشكلات السياحة الداخلية
أما مدير الشركة السورية للسياحة والسفر يسار كيوان فقال إن السياحة الداخلية على الأغلب تتوجه نحو منطقة الشواطئ «اللاذقية وطرطوس» ولكن الظروف الحالية جعلت الناس ينتقلون إليها عن طريق الطائرات وإمكانية الطيران السورية ضعيفة جداً لأن رجال الأعمال يستحوذون عليها فلا مجال للأماكن فيها ولذا يجب على مؤسسة الطيران السورية أن تزيد عدد رحلاتها الداخلية لتمكن الناس من الانتقال بحرية ويجب أن تخفض أسعار الخطوط الداخلية لأن سعر البطاقة مرتفع جداً بين المحافظات، وهذا يحد من حركة السياحة الداخلية.
وذكر أن السياحة الداخلية تعاني مشكلات عدة كارتفاع أسعار منشآت المبيت إضافة إلى قلة الأسرة في الفنادق حيث لا يوجد إلا فندقان للسياحة في اللاذقية وأسعارهما مرتفعة جداً إلا أنه في عام 2011 كانت هناك نسبة امتلاء جيدة فيها نتيجة الحسومات التي قاموا بها في فترة المواسم، والسياحة الداخلية يجب أن تكون لديها متممات مثل رفع مستوى الخدمة في الفنادق الموجودة في المناطق السياحية ودراسة الأسعار وعدم رفعها بشكل جنوني.
ورأى أن حركة السياحة الداخلية موسمية أي تكون في الأعياد والعطل الرسمية وفي فصل الصيف أيضاً كانت هناك رحلات مستمرة لمناطق الساحل والمنتجعات الجبلية حيث كانت الشركة تنفذ رحلتين كل أسبوع لتلك المناطق، ويتوقع بأن تكون السياحة نشطة جداً خلال الموسم القادم داعياً إلى تأمين السلامة الطرقية وإيجاد البيئة التحتية للفنادق الموجودة في هذه المناطق وتالياً تأمين الخدمة اللازمة وتأمين الوقود للباصات حتى تكون هناك حركة نقل أفضل.
وقال: كنا نقوم برحلات سياحية إلى تدمر ولكنها لم تكن تلقى رواجاً كالسياحة الترفيهية فالناس يقومون بالذهاب إلى تدمر بشكل إفرادي وليس بشكل رحلات.
وأضاف: إذا أراد أحدهم أن يذهب مع عائلته إلى اللاذقية أو الزبداني فإنه يرغب مثلاً بدخول «مطعم» تكون خدماته جيدة وأسعاره مناسبة ولكن للأسف هذا لم يعد موجوداً الآن فالأسعار أخذت بالارتفاع أكثر فأكثر.
إضافة إلى أن ضعاف النفوس يزيدون الأسعار يوماً بعد يوم وهذا كله يؤثر في الحركة السياحية بشكل كبير فيعرض الناس بذلك عن ارتياد هذه الأماكن فإذا لم تعد الأسعار إلى شكلها الطبيعي والدولة لم تستطع السيطرة على هذه الأسعار فسوف يكون ذلك معوقاً أساسياً أيام رواج السياحة الداخلية بكل أشكالها.
سياحة نجوم
غازي النجار- رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم في ريف دمشق قال: نعاني مشكلة أن معظم مناطق الساحل مستملكة من قبل وزارة السياحة فلم يعد هناك مكان للسياحة الشعبية بل أصبحت سياحة نجوم وليست مخصصة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط.
فالسياحة الشعبية لا يوجد لها مكان محدد فمن حق كل مواطن زيارة هذه الأماكن الموجودة في بلده ولكن المشكلة هي الدخول إلى منطقة سياحية أسعارها مرتفعة أو الدخول لمنشأة شعبية قادرة على أن تستوعب أناساً بإمكاناتهم المالية التي جمعوها على مدى سنتين أو ثلاث سنوات.
وقال: يوجد ضعف في معرفة المواطن بمناطق بلده (الأثرية- الثقافية) فهناك محافظات لم تأخذ حقها من الترويج رغم أنها تمتلك مقومات جذب سياحية داخلية أو خارجية.
صعوبات استثمارية
طارق كريشاتي- مدير السياحة في ريف دمشق قال: وزارة السياحة تقوم بتشجيع السياحة الداخلية وذلك بتنظيم المهرجانات والأندية (كمهرجانات طريق الحرير ومعارض الزهور) وتعقد ورشات عمل إضافة إلى الكثير من الفعاليات التي تقوم بها لتنشيط السياحة الداخلية.
وأضاف: إن للسياحة دوراً كبيراً في زيادة الدخل القومي للبلد حيث وصلت نسبة العائدات السياحية في عام 2010 إلى 13% من الناتج القومي وإن ما يعوق السياحة هو النقص في البنية التحتية لها أي أن هناك نقصاً كبيراً في الأسرة في محافظة ريف دمشق وسبب هذا النقص بعض التعقيدات والصعوبات التي تواجه المستثمرين في هذه المحافظة، لذلك نحن بحاجة إلى الاستثمار السياحي، فالسبب الرئيس الذي يؤثر في هذا الاستثمار هو هيئة التخطيط الإقليمي التي أوقفت الاستثمار في ريف دمشق مدة لا تقل عن 4 سنوات.
أسعار مرتفعة
وقال عبدالله سرحان- دليل سياحي: إن للسياحة الداخلية أهمية كبيرة لو أحسنا توظيفها كقطاع رافد للاقتصاد، فهي سياحة يمكن أن تكون على مدار العام على عكس السياحة الوافدة والتي تعد موسمية، فالسياحة الداخلية إن توفرت لها المقومات الضرورية يمكنها أن توفر فرص عمل لكثير من عمال الخدمات في قطاع السي