بقلم : محمود كامل … طالت جداً عروض «الدراما الاكتئابية» على المسرح المصري، إلى درجة انصراف جمهور المشاهدين عن العرض «الممل» بسبب بطولة نفس الممثلين الذين فرضوا أنفسهم على المشهد بعد «ثورة يناير» بعدة أسابيع، حيث ارتدى كل منهم «ثياب الثوار» متصوراً أنها ضمن ملابس «المسرحية البايخة» التي فيها من الحزن أكثر مما فيها من «كوميديا البكاء»، وكأننا «ناقصين»، رغم أنه من أبجديات أي عمل مسرحي أن له افتتاحاً كما أن له نهاية إلا أن «المسخرة» الجارية الآن تبدو وكأنها بلا نهاية، ذلك أن أماكن العرض قد اتسعت لتشمل شوارع مصر وحواريها!
ويرى المصريون -البسطاء والطيبون- أن هوجة الحزن والاكتئاب المفروضين منذ شهور على المناخ المصري تحتاج إلى عقاب الفاعلين بتهمة منع المصريين من إعادة بناء بلدهم مقابل الثمن الفادح الذي دفعه الشهداء والمصابون ثمناً لطرد مبارك الذي يأبى نظامه الرحيل، في تصور مجنون بإمكانية العودة من جديد بوجوه مختلفة اعتماداً على «جهود الفلول» الذين لن يوقفهم سوى «رصاص» الأمن الجديد وسجنه، ومحاكم مهمتها الآن -بالقضاة الفاهمين- وضع حد للانفلات الإجرامي الذي يقطع الطريق على كل الناس، بما في ذلك الطريق إلى «مصر الجديدة»!كما يرى المصريون أن أوان الأفراح لابد وأن يأتي، ذلك أن الحزن ليس قدراً مكتوباً على المصريين، بقدر ما هو قدر مصنوع من بعض المصريين.
ويتولى صناعة هذا الخوف فيالق إعلامية تكتسب كثيراً من بقاء الفوضى، سواء كان ذلك كتابة في الصحف، أو على أثير الإذاعات أو عبر كاميرات لقنوات كثيرة مجهولة التمويل تبث علينا ليل نهار بنفس الوجوه والأفلام نفس السم، ضمن تصور مريض بحاجة هؤلاء إلى التدفئة على لهب الحرائق، ناسين أن شتاء الفوضى الطويل سوف يوقفه «دفء الصيف» الذي حلّ، وأن علينا جميعاً أن نتصدى -بالإطفاء- لكل تلك الحرائق بإلقاء مشعليها في قلب اللهب.