Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

ومات شاعر «البؤس» جوعاً!

بقلم : محمود كامل

«عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذا عوى .. وصوَّت إنسان فكدت أطير». قالها شاعر نسيت اسمه، ولا أدري لماذا قفز هذا البيت إلى ذاكرتي هذه الأيام، ليدور مع نفسي حوار تساءلت فيه عن المناسبة التي كتب فيها الشاعر القديم قصيدته المتشائمة تلك في زمان -عشته- وكان كل ما فيه طيبا «حتى الشر». وكانت عبارة «صلوا ع النبي، واخْزوا الشيطان» كفيلة بإطفاء كل شجار، لينتهي لهيب الخلاف في دقائق بصلح طيب وصفاء لا تعرف بعده من الجاني ومن المجني عليه، لا أتصور لو كان ذلك الشاعر حيَّاً في زماننا هذا فماذا يقول.

ولا يزايد على شاعرنا هذا غير المصري عبدالحميد الديب «شاعر البؤس» الذي ظلَّ محفوراً في ذاكرتي بمناسبة -وبغير مناسبة- باعتباره أكثر من فاق الآخرين في تعبيره عن البؤس، حيث «مات جوعاً» -لامجازاً- عندما رفض مساعدة «كل باشوات مصر» أيامها إعجاباً به قانعاً بلقيمات «حاف» كان يسد بها رمقه إلى أن عزَّت عليه -بسبب فقره الشديد- تلك اللقيمات ليموت وحيداً وجائعاً في وكر له تحت سلم إحدى العمارات، كان يؤوي إليه كل مساء دون علم صاحب العمارة ليغادره كل صباح إلى بلاد الله.. لخلق الله!

ومن إبداعات تعبيره عن سوء حظه قوله: وكأنني حائط كتبوا عليه، هنا أيها المزنوق «طرطر» ليتفوق على نفسه وعلى كل المتشائمين بختام أشعاره قبل الموت في ورقة تركها بجوار رأسه الذي فارق الحياة!

وإن مشى في جنازته كل باشوات مصر.. تحية لدوواين شعره التي لم تطبع ولم يحصل على أصولها أحد رغم بحث الكثيرين، ليمتد النحس الذي لم يكتب لغيره إلى قصائده التي ظلَّ المصريون يتناقلونها شفاهة لزمان طويل، منذ اعتبروا الديب أعظم من عبَّر عن بؤس حياتهم!

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله