الكويت " المسلة " …. تصطف يومياً طوابير الزوار الذين يأتون لزيارة برج خليفة، ومشاهدة المنظر العام من الطابق 124، أو للسباحة مع الدلافين في بحيرة مياه أتلانتيس في النخلة جميرة، مما يوحي بعودة الحياة الى شرايين قطاع السياحة في دبي.
في العام الماضي، انخفض عدد الزائرين أكثر من 30 في المائة في مصر وتونس، و41 في المائة في سوريا، نتيجة الثورات العربية، بحسب تقرير نشرته مجلة ميد المتخصصة. في أثناء ذلك، سجلت دبي ارتفاعا في نسبة نزلاء الفنادق بنسبة 10 في المائة، ليبلغ عددهم 9.1 ملايين زائر، وهو أعلى رقم سجلته الامارة في تاريخها.
وفي حين انخفض عدد نزلاء الفنادق في القاهرة وتونس بنسبة 30 في المائة، بلغت نسبة الاشغال في فنادق دبي 81.8 في المائة، لتضعها بين أفضل الأسواق أداء في العالم. هذا واستمر أداء القطاع قويا في 2012، وقفزت نسبة الاشغال الى 86 في المائة في يناير، وفقا لما ذكره نائب مدير ادارة الترويج والوفود في دائرة السياحة والتجارة في دبي عبدالله بن سويدان.
وأضاف الأخير أن سر استقطاب دبي لهذا العدد الكبير من السياح يعود الى كونها وجهة آمنة. وقال: «نحن على ثقة بأن عدد زوارنا لهذا العام سيتجاوز 9.1 ملايين، خصوصاً مع بداية 2012 القوية التي شهدناها. ففي يناير، حققت دبي أرقاما عالمية من حيث مستويات اشغال الفنادق. من قبل كانت سنغافورة ولندن هونغ كونغ وباريس، واليوم دبي رقم واحد في مجال السياحة، لهذا سيكون 2012 أفضل بكثير من 2011».
ومع سعي الحكومة الى استعادة النمو الاقتصادي، وتوليد الدخل لتغطية التزاماتها المالية، فان قوة قطاع السياحة ستوفر كثيرا من الدعم اللازم. فهذا القطاع له تأثير محفز في الاقتصاد، ويخلق طلبا متزايدا على السلع والخدمات. في العام الماضي، سجلت الايرادات المجمعة لصناعة الفنادق في دبي رقما قياسيا بلغ 16 مليار درهم اماراتي أو ما يعادل 4.4 مليارات دولار. وهو ما شكل زيادة بنسبة 20 في المائة في 2010، وكان أعلى بنسبة 4.6 في المائة من المستويات القياسية السابقة والمسجلة في 2008.
نمو الطيران :
ارتبطت زيادة عدد الزوار خلال العام الماضي بسمعة دبي كملاذ آمن، مقارنة مع الوجهات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، لكن نمو قطاع السياحة في العقد الماضي كان مدفوعاً بتوسع ناقلة طيران الإمارات، وإلى درجة ما شركة طيران فلاي دبي رخيصة التكلفة، والتي أنشأتها حكومة دبي عام 2008. يقول سويدان: «أينما حلقت طيران الإمارات نتبعها، ونقدم عروضاً، بحيث يزيد عدد المعارض على 30 كل سنة».
في العام الماضي، نقلت طيران الإمارات 30 مليون مسافر، وقصدت 115 وجهة، بينما نقلت فلاي دبي 3 ملايين مسافر بين أكثر من 50 وجهة. وهذا العام، أطلقت طيران الإمارات أولى رحلاتها إلى أميركا اللاتينية، وفتحت أسواقاً ذات إمكانية هائلة من خلال الربط المباشر بين ريو دي جانيرو في البرازيل، وبوينس آيرس في الأرجنتين. كما ستطلق رحلاتها أيضاً إلى لشبونة وبرشلونة وهو تشي مين سيتي، إلى جانب وجهات عالمية أخرى.
وبينما تستهدف طيران الإمارات مضاعفة عدد مسافريها بحلول 2020، تخطط فلاي دبي هي الأخرى لنقل 12 مليون مسافر.
شكّل عدد زوار دبي من الشرق الأوسط نحو 35 في المائة العام الماضي، بينما أوروبا 26 في المائة، وآسيا 24 في المائة. والسعوديون يشكلون أكبر عدد من نزلاء الفنادق، من حيث البلد، يليهم الهنود، ثم البريطانيون، والأميركيون، فالإيرانيون. والاتجاه الناشئ، أخيراً، في سوق السياحة بدبي هو الأهمية النامية للصين كسوق داعم. فعدد نزلاء الفنادق الإماراتية من الجنسية الصينية بلغ مجموعهم 193.791 ألف زائر في 2011، مما يشكل زيادة سنوية بنسبة 27 في المائة، وارتفاعاً بمعدل 864 في المائة منذ 2002. وتعكس هذه الزيادة الديناميكيات المتغيرة في المجتمع الصيني ونشوء الطبقة المتوسطة.
أسعار الغرف :
من الأسباب الأخرى التي تجعل دبي تتفوق على غيرها من الوجهات السياحية الأخرى، هو أسعار فنادقها، إذ تعرضت الأسعار لحركة تصحيح حادة على ضوء الأزمة المالية العالمية,
إذ خفضت الفنادق أسعارها لدعم مستويات الإشغال، والحفاظ على العوائد. ووصل متوسط سعر الغرفة في دبي خلال 2011 إلى 206 دولارات، أي أقل من نصف مستويات 2007 تقريباً. ونظراً إلى جودة الفنادق، خصوصاً أن 65 في المائة من غرفها مصنفة إما 4 نجوم أو خمسة، فإن هذا الأمر يجعل من دبي وجهة جذابة. وكان متوسط سعر الغرفة في فبراير الماضي زاد إلى 312 دولاراً، لكنه بقي أقل بكثير من أسعار ما قبل الأزمة المالية.
من جهة أخرى، تضاءل حجم العروض الجديدة التي دخلت السوق في العام الماضي خلال فترة الركود العالمي، وهو ما ساعد مستويات الإشغال، لكن وعلى ضوء الأداء القياسي للقطاع، فإن ثقة مشغلي الفنادق عادت من جديدة، وبدأت المشاريع في التحرك.
خطة استراتيجية :
يقول سويدان: «خطتنا الاستراتيجية تكمن في زيادة عدد الفنادق والغرف، بحيث نرفع معدل الناتج المحلي الإجمالي، خصوصاً أن قطاع السياحة أحد مصادر الدخل الرئيسية للحكومة».
في غضون ذلك، تمت ترسية العديد من عقود إنشاء الفنادق الكبرى في دبي هذا العام. ففي فبراير الماضي، حصلت شركة الحبتور لايتون المحلية الأسترالية على مناقصة بقيمة 1.9 مليار درهم لبناء مجمع الحبتور بالاس في طريق الشيخ زايد. كما حصلت أيضاً وفي الشهر نفسه، شركة دبي للمقاولات على صفقة بقيمة 400 مليون درهم لتشييد فندق فور سيزون في طريق الجميرة بيتش.
لكن التحدي يكمن في إحياء مشاريع سياحية أخرى، مثل الحدائق المخطط تشييدها في دبي لاند. ومع ارتفاع عدد زوار دبي، فإن الإمارة بحاجة إلى تشييد مراكز جذب جديدة، وإلا فإن الطوابير التي تقفز من أعلى برج خليفة، والتي تسبح مع الدلافين ستطول.