ثانيا: العدوان الثلاثي:
14 ـ حاولت إسرائيل عام 1954، الحصول من مجلس الأمن علي قرار بأحقيتها في المرور بقناة السويس وخليج العقبة، إلا أن اعتراض الاتحاد السوفيتي علي مشروع القرار أحبط المحاولة.
15 ـ نتيجة لاشتراك إسرائيل في العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 وانسحاب قواتنا من سيناء، احتلت القوات الإسرائيلية منطقة «شرم الشيخ»، وشبه جزيرة سيناء ورفضت الانسحاب، إلا إذا تحقق لها تنفيذ بعض الشروط وهي:
أ) مرابطة القوات الدولية في منطقة شرم الشيخ عقب انسحاب القوات الإسرائيلية مباشرة.
ب) ألا تنسحب القوات الدولية من هذه المنطقة قبل أن يقوم السكرتير العام للأمم المتحدة بإخطار السلطات الإسرائيلية بذلك.
ج) أن تكفل القوات الدولية في منطقة شرم الشيخ حرية الملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة.
16 ـ رفض السكرتير العام للأمم المتحدة هذه الشروط، إلا أنه بعد مشاورات دارت في أروقة الأمم المتحدة، رفع تقريره إلي الجمعية العامة في 26 فبراير 1957 ورد فيه علي مطالب إسرائيل بالآتي:
أ) لن تستعمل القوات الدولية لغرض أي حل لمسألة سياسية أو قانونية وإنما وظيفتها ستنحصر في منع وقوع الأعمال الحربية.
ب) احتمال قيام السكرتير العام بإخطار اللجنة الاستشارية لقوات الطوارئ الدولية في حالة إذا تقرر سحب القوات الدولية من منطقة شرم الشيخ.
ج) وقد رفض السكرتير العام تعزيز القوات الدولية في منطقة شرم الشيخ حتي تستطيع كفالة حرية الملاحة في خليج العقبة.
17 ـ وبعد مفاوضات طويلة أعلنت جولدا مائير وزيرة خارجية إسرائيل في اجتماع الجمعية العامة في أول مارس 1957 أنها قد تلقت مذكرة من وزير خارجية الولايات المتحدة بتاريخ 11/2/1957، يؤكد فيها أن الولايات المتحدة تعتبر خليج العقبة ومضيق ثيران من المياه الدولية، وهي لذلك، تعلن عن عزم إسرائيل علي الانسحاب من شرم الشيخ ومن قطاع غزة، وقد أيدت فرنسا هذا الموقف.
18 ـ إلا أن الدكتور فوزي وزير الخارجية أعلن في نهاية النقاش، الذي دار في الجمعية العامة، أن التصريحات التي أدلي بها مندوب إسرائيل، وبعض مندوبي الدول الأخري بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية المعتدية لا يمكن أن يكون لها أي أثر علي كامل حقوق مصر أو علي مشروعية هذه الحقوق وأنه يجب أن تطبق قرارات الجمعية العامة التي تطالب بانسحاب إسرائيل من غير قيد أو شرط.
ثالثا: اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي:
19 ـ تنص الفقرة الرابعة من المادة 16 من اتفاقية جنيف المنعقدة في 29 أبريل 1958 علي ما يلي:
«There shall be no suspension of the inncocent passage of foreign ships through straits which are used for international navigation between one part of the high seas and another part of the high seas or the territorialsea of a foreign state».
20 ـ ويكاد يكون هذا الحكم قد وضع خصيصا كي ينطبق علي حالة مضيق ثيران الذي يصل بين مياه خليج العقبة ومياه البحر العالي، وكانت إسرائيل قد بعثت ببعض التعليقات أثيرت أمام لجنة القانون الدولي بمناسبة المشروع الذي وضعته اللجنة عن قانون البحر. وقررت اللجنة عدم مناقشة الموضوع لأنها تبحث وضع أحكام للخلجان التي تضمها شواطئ دولة واحدة ولا تضع أحكاما للخلجان التي تضمها شواطئ دول متعددة.
21 ـ وعلي الرغم من أن المشروع الذي أعدته لجنة القانون الدولي لم يشر إلي الخلجان التي يقع علي شواطئها أكثر من دولة، إلا أن بعض مندوبي الدول عرضوا إضافة حكم خاص بالمرور البريء وافق عليه المؤتمر بأغلبية ساحقة، وهذا الحكم هو الذي تضمنته الفقرة 4 من المادة 16 من اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي السابق الإشارة إليه.
22 ـ وقد خالف هذا النص الذي يسوده التحيز لإسرائيل الحكم الذائع الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو عام 1951، ففي ذلك الحكم أوضحت المحكمة المعيار الذي يميز المضايق الدولية التي لا يجوز تقييد الملاحقة فيها، وحددت لذلك أساسين:
أ) أن يكون المضيق موصلا بين بحرين من البحار العالية، وهذا الشرط لايتوافر في مضيق ثيران، لأنه يربط بين بحر عال وبحار إقليمية.
ب) أن يكون العرف الدولي قد تواتر علي استعمال المضيق في الملاحة البحرية الدولية ومضيق ثيران لم يسبق له أن استعمل لهذا الغرض، ولا يجوز الاحتجاج بما هو حادث الآن، نظرا لوجود قوة الطوارئ الدولية في شرم الشيخ.
23 ـ بالإضافة إلي ذلك، فإن تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 16 من اتفاقية جنيف لا يؤدي إلي إيجاد مبرر لمرور السفن الإسرائيلية في مضيق ثيران، لأن شروط هذه الفقرة لا تنطبق علي هذا المضيق لما يأتي:
أ) حكم الفقرة خاص بالمضيق الذي يصل ما بين أجزاء البحار العالية أو خليج العقبة لا يسري عليه وصف البحر العالي والبحر الإقليمي لإسرائيل (بفرض وجوده)، إذ أنه يفصل بين البحرين حوالي 97 ميلا من المياه المغلقة التابعة للسيادة المشتركة لكل من السعودية والأردن وج.ع.م.
ب) أن مبرر السفن الإسرائيلية مضيق ثيران لا يمكن أن يوصف بالمرور البريء الذي تشترطه الفقرة الرابعة، إذ ان مرور هذه السفن يعد ضارا بالسلم وحسن النظام وأمن الدولة الشاطئية وهي الـ ج.ع.م.
ج) أن أحكام اتفاقية جنيف لا تسري إلا في حالة السلم، وبذلك لا تسري علي الأوضاع القائمة الآن بين ج.ع.م وإسرائيل، نظرا لحالة الحرب القائمة بينهما.