الدمام " المسلة" – سياحة المعاق ثقافة غائبة عن مجتمعنا تجاهلها المسئولون عن السياحة وشاركهم البقية في القطاعين الحكومي والخاص ، فيما تسابقوا جميعًا على كعكة الوفود السياحية القادمة من الدول الأخرى ، إهمال سياحة المعاقين داخل الوطن دفعنا إلى طرح التساؤلات على المتخصصين في المجتمع المحلي عن مكامن الخلل والقصور وأفضل الطرق والأساليب التي ندعو بها إلى نشر ثقافة سياحة المعاقين في المجتمع السعودي إذا ما نظرنا إلى القضية من منطلق إنساني فضلا عن أن تكون مجرد قضية طبية أو صحية.
معوقات سياحية
بداية تحدث عثمان القحطاني "معاق حركي" عن محور التحقيق قائلا: انه لا يحبذ السفر الداخلي لقضاء الإجازات داخل المملكة بسبب العديد من المشاكل التي تواجهه كلما فكر في السياحة الداخلية واصفًا تلك المشاكل بمنغصات السفر، ويؤكد أنه كمعاق حركي لا يجد الكثير من التسهيلات في الدخول والخروج إلى الأماكن السياحية وتخصيص منزلقات خاصة بعربات الحركيين أو توفير ما يساعده على صعود الأماكن المرتفعة، بالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهها في السكن في الفنادق أو شقق الإيواء السياحي بمرافقها المتواضعة التي جعلته خارج حساباتها، وأضاف عثمان : إنني لم أسمع بوجود خدمات سياحية خاصة بالمعاقين ضمن البرامج السياحية التي نراها كل عام في جميع المناطق السياحية بالمملكة، وتمنى القحطاني أن يستمتع بالسفر كغيره من الأصحاء، وطالب القحطاني: بتوفير مقاعد واسعة ومريحة بالطائرة بدلا عن المقاعد الحالية التي لا تخدم المعاق مما جعله يضطر إلى دفع تكاليف إضافية باهظة ليمنح مقعدا بالدرجة الأولى،
الإرشاد السياحي
ويصف عبدالرزاق عبدالله الغيلان "معاق بصري" : السياحة بالمستحيلة إذ لا تتوافر المقومات السياحية في المملكة من حيث الممرات والطرق و"التكاسي" ، ويقول: إن معاناتنا تتلخص في عدم قدرتنا على الوصول للاماكن السياحية ومحاولة استشعار أهميتها وتاريخها في ظل عدم وجود المرشدين السياحيين والمختصين في الآثار وهذا التجاهل لمطالبنا لأننا مكفوفون ولا نرى شيئاً فضلا عن حاجتنا لمن يرافقنا في التسوق.
مصاعب بحاجة لحلول
وذكرت سهام الذوادي – معاقة شلل أطفال- وهي عروس منذ 6 أشهر معاناتها حينما فكرت أن تقضي شهر العسل برفقة زوجها المعاق حركياً حيث تقول: فكرنا في الذهاب لدولة ماليزيا وعدلنا عن الفكرة كونها مليئة بالجزر، فيما واجهنا الكثير من المصاعب في السياحة الداخلية، ولو عينت الجهات المسئولة عن السياحة أشخاصًا لمساعدة المعاقين ووفرت المرافق الخاصة بالمعاقين ، لما حرمنا من ابسط حقوقنا في الترفيه وعلى سبيل المثال الأقسام العائلية بالمطاعم لا تراعي خصوصية المعاقين وغالباً ما تكون في الدور الثاني ولا يوجد مصعد كهربائي أو منزلقات إلا في أضيق الحدود، وتضيف الذوادي: لو أن الأماكن السياحية توفر خدمات للمعاقين في مرافقها مثل الشاليهات والمطاعم لزادت نسبة أرباحهم 20بالمائة ،
وفضلت الذوادي قضاء شهر العسل في دولة الإمارات معللة ذلك لتوفر الخدمات والأماكن المهيأة للمعاقين ولفرض غرامات مالية للمخالفين الذين يتعدون على المرافق المخصصة للمعاقين.
تهيئة مرافق سياحية
الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الدمام المركزي محمد شهاب قال: إن أغلب المعاقين هم من ذوي الدخل المحدود، لذلك علينا تهيئة الأماكن المخصصة لهم من سيارات، فنادق وشقق ومتنزهات، والواجب على هيئة السياحة أن تدعم ذوي الإعاقة، وللأسف لا نجد في دول الخليج جمعيات تحمي حقوق السائح المعاق، وأن تدعم تنسيق البرامج السياحية لذوي الإعاقة من رحلات، أو حضور حفلات ، أو المشاركة في البرامج السياحية والمسابقات الترفيهية فهم ليسوا معاقين، ولكن المجتمع هو الذي يعيق حريتهم .
حقوق المعاقين
طالب الشهاب بتوعية المجتمع بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، ويقول : يجب أن ندعم سياحة المعاقين وأن نسلط الضوء على هذا النوع من حقوقهم ، بالإضافة إلى الاستفادة من التجارب الناجحة لبعض الشركات المهتمة بمثل هذا النوع من السياحة سواءً كان ذلك على المستوى المحلي أو العالمي ، وتقديم أوراق عمل استثمارية في هذا المجال، من خلال الدعوة لملتقى أو مؤتمر يدعم تلك المشاريع، إضافة إلى دراسة إعداد وتهيئة كادر فني من متدربين ومحترفين في التعامل مع المعاقين من مرشدين سياحيين وذلك لتلبية احتياجاتهم في إدخال السرور على السائح المعاق، وإحساسه بأنه إنسان مهم وعنصر فعال في المجتمع، وذلك كون هذه الفئة من السياح تحتاج لمعاملة خاصة، لذلك يجب أن ندعو لنشر مثل هذه الثقافة المجتمعية، والمساهمة في تحقيق وتلبية متطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة ، بالإضافة إلى تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم مثل هذه المشاريع التنموية الخاصة.
نشر الثقافة
فيما يرى "المستشار الأسري" مفرح العنزي أن الدور البارز يقع على الجهات الحكومية المعنية، فيجب عليها نشر هذه الثقافة بين جميع فئات المجتمع، بتوفير البيئة المناسبة لكل إعاقة، وتكون مكملة لإعاقتهم، وتوفر الأجواء التي تساعدهم على نسيان إعاقتهم، مع عدم التقليل من قيمتهم، وأيضا دمجهم مع الفئات الطبيعية التي ستساعد على نسيانهم إعاقاتهم، ودعمهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وأن تتوافر جمعيات لتحمي سياحة هذه الفئة الغالية من المجتمع ، ويضيف العنزي : إنه من الضروري كسر الحاجز النفسي المؤلم عند المعاق، لنجعله يشعر بوجوده المتكامل في وسطنا كعضو فاعل له احتياجاته المفروضة وضرورة تلبيتها فالشركات السياحية الخليجية تفتقر لهذا النوع من السياحة مقارنة بالشركات السياحية الغربية.
سياحة المعاق
وترى رئيسة قسم ذوي الإعاقة بمكتب الإشراف الاجتماعي بالمنطقة الشرقية نعيمة البوعلي من وجهة نظرها أن هناك وعيا وإدراكا لقيمة سياحة المعاق وإخراجه من المنزل خاصة في الفترة الأخيرة وتوافرت خدمات ودعم المعاق من خلال المنشآت المتكاملة، ومن الضروري أن تحرص الأسرة على أن يصطحبوا أبناءهم من ذوي الاحتياجات الخاصة للسفر والسياحة والتنزه ليتعاملوا مع العالم الخارجي فيتعرفوا على احتياجاتهم لإيصالها للمسئولين وقد عقد مؤخرًا اجتماع في غرفة الشرقية لتعميم الكود الخاص بالمعاق في كل مكان، فيما نقوم برفع توصيات تخص هذه الفئة بشكل دوري للبلديات حينما نلاحظ مكامن القصور والنقص، ويمكن حصر المشكلة بجهل ذوي المعاقين بالخدمات التي يجب أن تقدم للمعاق أثناء السياحة ونحن بصدد عمل حملة توعوية للمجتمع على مستوى المنطقة الشرقية.
المبارك: معايير خدمات ذوي الاحتياجات ضمن اشتراطات التراخيص السياحية
أوضح خبير الجودة بالإدارة العامة للتراخيص والجودة بالهيئة العامة للسياحة والآثار المهندس عمر المبارك أن الهيئة من منطلق اهتمامها بالسياحة والآثار في تنظيم وتعزيز دور كافة فئات المجتمع ومن خلال تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية لتفعيل التنمية الثقافية والاقتصادية، قد ركزت على تطوير معايير ومتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك بالتعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في سبيل العناية بخدمة فئات المجتمع وقد تضمنت مجالات التعاون تطوير المعايير والمتطلبات لذوي الاحتياجات الخاصة ضمن ضوابط واشتراطات التراخيص للمرافق والأنشطة السياحية وتبادل معلومات والإحصاءات المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة.
المصدر :