بيروت "المسلة" … لا تزال تداعيات التوترات السياسية المحلية والاضطرابات الإقليمية، خصوصا في سوريا، تلقي بظلالها السلبية على القطاع السياحي منذ السنة الماضية. يضاف إلى ذلك، ما يشهده الواقع الاقتصادي الإيراني الذي ترجم محليا عبر التراجع الحاد في إقبال السيّاح خلال عطلة عيد النيروز، نتيجة ما يعانونه من عقوبات أوروبية ـ أميركية على خلفية الملف النووي.
وإذ ينتظر أن يلحظ مؤشر شهر آذار مدى تأثير ملف الأغذية الفاسدة على النشاط السياحي، خسر لبنان في شهري كانون الثاني وشباط الماضيين 11 ألفا و596 زائرا مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، أي بلغت نسبة التراجع نحو 5,65 في المئة، حيث تلحظ إحصاءات «مصلحة الأبحاث والدراسات في وزارة السياحة»، أن عدد الوافدين في الشهرين الأولين من السنة بلغ 193 ألفا و383 زائرا، فيما بلغ عددهم 204 آلاف و979 زائرا في العام الماضي، أما عددهم في العام 2010 فبلغ 234 ألفا و801 زائر عن الفترة نفسها.
ويوضح وزير السياحة فادي عبود لـ«السفير» أن «نسبة التراجع عبر البر بلغت 54,63 في المئة في شباط الماضي مقارنة مع شباط 2011، وهي في الأساس متراجعة عن شباط 2010، فيما لحظ التقدم عبر المطار 14,36 في المئة في شباط 2012».
ويعكس هذا الواقع، وفق عبود، «مدى تأثر لبنان بالأوضاع التي تشهدها المنطقة وخصوصا سوريا». لكن على الرغم من ارتفاع مخاوف عبور السياح برّا، «نسعى حاليا لتعويض هذه الخسائر، عبر مشاركة وزارة السياحة في المعارض العربية والدولية، وإطلاق حملات ترويجية مكثّفة، والتركيز على استقطاب سيّاح جدد من الصين واليابان وبعض الدول الأوروبية، وعلى إبراز نوعيات جديدة من السياحة في لبنان، كالسياحة الثقافية والطبيعية للاستفادة من طبيعتنا المتميزة، خصوصا في الربيع، فضلا عن تشجيع الوزارة الجهات المعنية في المناطق لإطلاق المهرجانات الفنية في هذا الموسم».
وإذ يذكّر عبود بضرورة «إعادة درس خطة النقل الجوي للتعويض عن النقص الحاد برّا، مثل تشغيل المطارات الداخلية، والسماح للطيران الرخيص بالمجيء إلى لبنان»، يلفت الانتباه إلى أنه يواصل لقاءاته مع النقابات السياحية، ومنها «مكاتب السياحة والسفر»لحثّهم على تكثيف إطلاق الحملات المنظمة، وتقديم عروض مناسبة لتحفيز السيّاح على المجيء إلى لبنان، وخصوصا إلى المناطق خارج العاصمة.
تقدم العرب… تراجع الأوروبيين
تفصيليا، بلغت نسبة التراجع في كانون الثاني 2،15 في المئة بعدد بلغ 95 ألفا و816 زائرا مقارنة مع 97 ألفا و921 زائرا في الشهر نفسه من العام الماضي. ليزداد التراجع في شباط ليبلغ 8،87 في المئة بعدد 97 ألفا و567 زائرا مقارنة مع 107 آلاف و58 زائرا في شباط 2011.
لكن ما يبدو لافتا للانتباه وجود تقدم مطّرد في عدد الوافدين من الدول العربية البالغ في كانون الثاني 21,77 في المئة (43 ألفا و416 زائرا مقابل 35 ألفا و652 زائرا في كانون الثاني 2011). وفي شباط 9,18 في المئة (42 ألفا و123 زائرا مقابل 38 ألفا و581 زائرا في شباط 2011).
لكن ما يؤثر سلبا على إحصاءات الشهرين الأولين من السنة، التراجع المطرد أيضا من قبل الوافدين من آسيا (17 ألفا و455 زائرا مقابل 40 ألفا و697 زائر في كانون الثاني وشباط 2011) وأوروبا (54 ألفا و772 زائرا مقابل 57 ألفا و319 زائرا).
وبعدما حافظ الفرنسيون والبريطانيون والألمان على المراتب الثلاث في الجدول في شهري كانون الثاني وشباط الماضيين، يلحظ وجود تغيير في مراتب الوافدين من الدول العربية بين الشهرين؛ ففي الشهر الأول حلّ السعوديون أولا، والعراقيون ثانيا، والأردنيون ثالثا. أما في الشهر الثاني فحلّ العراقيون أولا، والأردنيون ثانيا، والسعوديون ثالثا، ولعل ذلك سببه غياب الإجازات في هذه الفترة عربيا، فضلا عن ارتفاع مخاطر العبور برا إلى لبنان نتيجة الوضع السوري.
في المقابل، لا يزال نشاط المؤسسات السياحية خارج العاصمة متدنيا جدا مقارنة مع مؤسسات العاصمة، وفيما يتحمل قطاع المطاعم ضريبة عالية بسبب «ملف الأغذية الفاسدة» المستمر منذ شهر تقريبا، يوضح نقيب «أصحاب الفنادق في لبنان» بيار الأشقر لـ«السفير» أن نسبة الاشغال الفندقي في العاصمة تراوح بين 60 و65 في المئة في الشهرين الأولين من السنة أي أفضل من الفترة نفسها في العام 2011، التي شهدت في الشهر الأول تراجعا في عدد الوافدين بلغ حوالي 7,6 في المئة مقارنة مع كانون الثاني 2010، وفي شباط 16,8 في المئة مقارنة مع شباط 2010.
أما خارج بيروت، فلا يزال الوضع سيئا، «حيث خسرنا أعدادا كبيرة من السياح السوريين والأردنيين والإيرانيين مقارنة بالسنوات السابقة، وهم ما ينطبق عليهم بكل معنى مصطلح سائح».
أما عن حجوزات «عيد الفصح» و«موسم الربيع»، فهي جيدة في بيروت، وفق الأشقر، وضبابية خارجها، وفق الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية جان البيروتي.
ضغط على العاصمة في نيسان وأيار
ويشير الأشقر إلى وجود ضغط كبير على العاصمة في نيسان وأيار، متوقعا أن تصل نسبة التشغيل إلى أكثر من 75 في المئة في هذه الفترة، موضحا أن أبرز العوامل المساعدة على ذلك هي: توافد رجال الأعمال، وعقد المؤتمرات والمعارض الاقليمية والدولية في لبنان.
وباستثناء موسم التزلج الذي رفع نسبة الإشغال في بعض المناطق الجبلية إلى حدود 95 في المئة، خصوصا في عطلات نهاية الأسبوع، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي التي تأخر فيها سقوط الثلج، يؤكد بيروتي أن الواقع السياحي خارج العاصمة «ليس سهلا»، حيث تراجع عدد السياح الإيرانيين الذين يقبلون في العادة على الفنادق خارج العاصمة، إلى حوالي 4 آلاف في عيد النيروز تحديدا، من حوالي 80 ألفا في العام الماضي، متوقعا في الوقت نفسه، أنه إذا بقي التراجع المتواصل الذي نشهده في عدد الوافدين منذ العام الماضي، سنشهد حركة سياحية صعبة في الصيف.
وكان تقرير صادر عن «أرنست أند يونغ حول أداء الفنادق في منطقة الشرق الأوسط»، لحظ أن بيروت سجّلت في كانون الثاني الماضي، ارتفاعا سنويا بنسبة 16 في المئة في معدل إشغال الفنادق ليبلغ 60 في المئة، مقارنة مع 44 في المئة في الشهر نفسه من العام الماضي، لتحتل بذلك رابع أعلى معدل إشغال فنادق بين عواصم المنطقة التي شملها التقرير.
العراقيون أولا… السعوديون ثالثا
وفي تفاصيل القراءة الرقمية لشهر شباط 2012، الصادرة عن «وزارة السياحة»، يأتي الوافدون العرب في المرتبة الأولى، وعددهم 42 ألفا و123 زائرا، وهم: أولا: العراقيون (9,349 آلاف زائر، أي حوالي 22 في المئة من مجمل الزوار العرب). ثانيا: الأردنيون (7,343 آلاف زائر، حوالي 17 في المئة). ثالثا: السعوديون (6,558 آلاف زائر، حوالي 16 في المئة). أما رابعا فحلّ الكويتيون (5,865 آلاف زائر، حوالي 14 في المئة)، وخامسا المصريون (5,316 آلاف زائر، حوالي 13 في المئة).
أما الوافدون من الدول الأوروبية فهم في المرتبة الثانية، وعددهم 29 ألفا و344 زائرا، وهم: أولا: الفرنسيون (7,922 آلاف زائر، أي حوالي 27 في المئة من مجمل الزوار الأوروبيين). ثانيا: البريطانيون (3,748 آلاف زائر، 13 في المئة). ثالثا: الألمان (2,827 زائرا، حوالي 9 في المئة). رابعا: الأتراك (2,627 زائرا، 9 في المئة أيضا). وخامسا: الايطاليون (1,847 زائرا، حوالي 6 في المئة).
ويأتي في المرتبة الثالثة، الوافدون من قارة أميركا، وعددهم 10 آلاف و965 زائرا، وهم: أولا: الولايات المتحدة (5,437 آلاف زائر، أي حوالي 50 في المئة من مجمل الزوار الوافدين من القارة). ثانيا: كندا (3,718 زائرا، 34 في المئــة). ثالثــا: الــبرازيل (702 زائــر، 6 في المئة). ورابعا: فنزويلا (591 زائرا، 5 في المئة).
يليهم في المرتبة الرابعة، الوافدون من قارة آسيا وعددهم 8 آلاف و407 زوار. وخامسا الوافدون من افريقيا وعددهم 4 آلاف و549 زائرا.