بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
من واقع الأرقام التي تداولتها بورصة برلين أكبر حدث سياحي علي مستوي العالم يتبين لنا ان الاتجاه لفتح اسواق جديدة للسياحة المصرية يجب ألا يشغلنا أو يدفعنا الي إهمال تنمية الاسواق التقليدية. لست مع الرأي الذي يقول ان سوقنا قد تشبع بسياح هذه الاسواق وهو الامر الذي يكذبه ما تم اعلانه من احصائيات موثقة عن حجم السياحة التي تفرزها هذه الاسواق .
ان مثال ذلك.. السوق الالماني الذي يري البعض ان اعداد ما استقبلناها من سياحة في فترة ما قبل ثورة 25 يناير ١١٠٢ يشير الي اننا وصلنا الي شبه حالة من التشبع وفقا لما تضمنته الارقام التي اعلنها المسئولون في بورصة برلين فان حجم خروج الالمان للسياحة يزيد عن 60 مليون سائح انفقوا 61 مليار يورو. أي ما يساوي أو ما يقرب من 500 مليار جنيه مصري »٢٨ مليار دولار«
. اذا قارنا هذه الارقام عددا وإنفاقا بما نحصل عليه من السياحة الالمانية والتي لا تتجاوز 1/2 مليون سائح لا يزيد انفاقهم عن 1.2 مليار دولار فقط!! فأن هذه الاحصائيات تقودنا الي ان السوق الالماني مازال واعدا لتقديم المزيد من السياح.. علي ضوء توافر عوامل الجذب لدينا والمتمثلة في الاثار والطقس المعتدل طوال العام والشواطئ المناسبة الرائعة لقضاء الاجازات.
> > >
من هنا وبعد النجاح الذي تحقق بوجودنا كشريك رسمي في البورصة هذا العام والذي ستبقي روافده الايجابية لفترة طويلة .. فإننا مطالبون بزيادة جرعات التواصل مع السوق الالماني وكل الاسواق الاوروبية من خلال الشركات القادرة علي التعامل معها. هذا يتطلب الدفع بعناصر تسويقية علي أعلي مستوي والتوسع في الدعاية التي يجب ان تخضع للتدقيق لاختيار ما هو مناسب ومؤثر منها. في هذا المجال لابد ان نضع في الاعتبار فاعلية الاستثمار في عمليات الدعاية والترويج والذي قدرته دراسات منظمة السياحة العالمية علي اساس ان كل دولار يتم إنفاقه يحقق عائدا لا يقل عن 120 دولارا لصالح السياحة. كما يجب ان نوجه جانبا من الاهتمام الي التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في الشبكة العنكبوتية التي احتلت برامجها جانبا كبيرا من نشاط بورصة برلين خاصة الانترنت. هذا يحتم تشجيع شركاتنا السياحية والفندقية علي التعامل الحرفي مع هذا النشاط حيث اصبحت هناك نسبة لا يستهان بها من راغبي السفر والسياحة يلجأون الي هذه الوسائل لتنظيم رحلاتهم وإقامتهم. ان علي السياحيين المصريين مسئولية متابعة هذه النوعيات علي ضوء انهم اصحاب مصلحة وهم ايضا الذين تستخدم مساهماتهم الي جانب الدولة في تمويل المشاركة في المعارض والمؤتمرات السياحية الدولية ومنها مظاهرة بورصة برلين.
> > >
كل هذه الحقائق لابد ان توضع في الاعتبار في مرحلة التطلع الي المستقبل الذي يفتح الباب مرة اخري الي تعافي صناعة السياحة المصرية كي تستعيد انطلاقتها التي تراجعت بشكل كبير طوال الشهور الخمسة عشر الماضية تحت وطأة الفوضي والانفلات الامني.
في هذا الاطار لقيت اللقاءات المتعددة التي اجراها منير فخري عبدالنور وزير السياحة واعضاء الوفد المرافق الي برلين مع شركات السياحة والطيران وكبار المسئولين المشاركين.. كل الترحيب، وهو ما سوف يكون له مردود علي الآمال المعقودة علي صناعة السياحة لمباشرة دورها المؤثر في اقتصادنا القومي.
لا جدال ان ارتفاع مستوي الاداء الأمني في الاسابيع الاخيرة والزيارات الميدانية التي يقوم بها اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية الي المناطق السياحية لطمأنة السياح واشاعة روح الثقة في رجال الامن تعد عنصرا مهما في مساعدة قطاع السياحة وازالة اهم اسباب الانحسار السياحي الناتجة عن غياب حالة الشعور بالاستقرار.
> > >
وبالاضافة الي ذلك سبق أن كتبت حول روح التحدي التي سادت بين كل السياحيين المصريين المشاركين في بورصة برلين أسعدني ما لمسته من حماس وترابط وتفاؤل بينهم جميعا مع تصاعد آمالهم في عبور الوطن لمحنته بما ينعكس ايجابا علي حركة السياحة الوافدة. ولعل ما ساعد علي توافر هذا الشعور ما شهدوه من تعاطف واعجاب ورغبة في التعاون من جانب منظمي الرحلات الذين يتعاملون مع السوق المصري ويعتبرونه جوهرة البرامج السياحية التي يروجون لها. تمثلت هذه الروح الطيبة الخيّرة ايضا في التجاوب الذي ابداه سفير مصر في برلين واعضاء السفارة الذين كانوا متواجدين في الجناح المصري طوال الوقت ومشاركين في الكثير من اللقاءات . تم تتويج كل ذلك في حفل الاستقبال الذي اقامه السفير بمقر السفارة حينما قدم فيه وزير السياحة هدية رمزية للسفير تعبيرا عن التقدير.
في نفس الوقت وإدراكا وإحساسا بمهرجان النجاح الذي تحقق للتواجد المصري في بورصة برلين كشريك رسمي واعترافا بالجهود التي بذلت علي مدي السنتين الماضيتين حرص الوزير علي ان يوجه امام جموع السياحيين الحاضرين الشكر والتقدير لرئيس هيئة تنشيط السياحة عمرو العزبي ومعاونيه علي ما بذلوه من جهد وعطاء كانا وراء هذا الانجاز. ان اجمل ما خرج به هذا المشهد هو الانفعال العاطفي من جانب من تم تكريمهم ومن جانب جميع الحاضرين.
وللحديث بقية