بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
في سنة ٦٦٩١ شاركت مصر بدعوة المانية ضمن ٢١ دولة فقط في بورصة برلين للسياحة الدولية وهي في بداية خطواتها لتحتل المركز الأول بين جميع المعارض والمؤتمرات التي تخصصت في الترويج للسياحة . وبعد تحول السياحة الي صناعة للامل الإقتصادي لكل دول العالم غنيها وفقيرها. حدث التطور المذهل الحالي بتأثير التحولات الاجتماعية والتي أدت الي التوسع في السفر والسياحة للطبقات المختلفة في المجتمعات بهدف قضاء الاجازات والتمتع بمقومات المناخ والشواطئ والطبيعة.. وكما هو معروف فقد كانت ممارسة هذه الهواية في الماضي وقفا علي الاثرياء الذين كانوا يهتمون بمشاهدة المعالم الثقافية والاثرية. نتيجة لذلك تحول رواد السياحة في العالم من خانة مئات الآلاف الي مئات الملايين من البشر خاصة بعد ان أعلن في بورصة برلين طالب رفاعي سكرتير عام منظمة السياحة العالمية ان هذا العدد وصل الي المليار سائح.
< < <
وبعد مشاركة لم تنقطع علي مدي ٧٤ عاما جاء التواجد المصري في بورصة برلين باعتبارها شريكا رسميا تحظي برعاية ودعم ومساندة وفود ٧٨١ دولة و٠١ آلاف عارض يشاركون في دورة هذا العام . . ورغم ان فكرة الشريك الرسمي تعود اجراءاتها إلي عامين ماضيين إلا ان تفعيلها تم هذا العام . وبعد ٤١ شهرا علي ثورة ٥٢ يناير استكمال التحرك علي هذا الطريق وفي هذا الوقت بالذات كان ضروريا كنوع من التحدي للظروف الصعبة التي تمر بمصر والتي يمكن اختزالها في انتشار الفوضي والانفلات الأمني. وكما اتفقت الاراء فان هاتين الظاهرتين تمثلان العدو رقم واحد للرواج السياحي. . ان ما يمكن النظر اليه علي أنه لصالح السياحة المصرية هو عدم تعرض أي سائح لاي أذي منذ قيام الثورة . لاجدال ان الخوف والتوجس ومبالغات الاعلام في النشر .. افقد مصر دخلا يقدر بثلاثة مليارات من الدولارات. وليس من توصيف للوجود المصري القوي والمبهر كشريك رسمي في بورصة هذا العام سوي تجسيد لروح تحدي الصعاب التي تواجه السياحة المصرية والاصرار علي استعادة مصر لمكانتها وانطلاقها في هذا المجال.
< < <
بهذه الروح كان هذا هو الدور الحماسي الذي اضطلع به الوفد المصري برئاسة منير فخري عبدالنور وزير السياحة والذي ضم مجموعة رمزية من اعضاء مجلس الشعب المنتخب »٣ أعضاء« ورؤساء الغرف السياحية علاوة علي ممثلي أكثر من مائة شركة سياحية وفندقية بالاضافة الي تمثيل لبعض المحافظات السياحية. إن أهم ما يمكن ملاحظته في التواصل المصري مع الاعلام الدولي »٧ آلاف اعلامي« والوفود المشاركة هو الترحيب العام بالمتغيرات التي شهدتها مصر في ظل ثورتها. كان ذلك واضحا بشكل ظاهر في الاسئلة سواء التي وجهت للوزير في المؤتمرات الصحفية أو من خلال اللقاءات المهنية حيث لوحظ الابتعاد عن العدوانية والسلبية وهو ما عكس روحا من التفاؤل بالتعافي السياحي .
< < <
كان العرض الفني الحضاري التراثي الذي قدمته الاوبرا المصرية في حفل الافتتاح عملا مبهرا يليق بعظمة ومكانة مصر بشهادة الآلاف الذين تابعوه في القاعة الرئيسية لبورصة برلين وكذلك من خلال أجهزة الاعلام العالمية. هذه الصدفة الايجابية المدهشة كانت ضرورية لازالة كل الشكوك والتوجسات حول امكانية مصر وقدرتها علي عبور أزمتها والتأكيد علي انها سوف تظل مقصدا سياحيا فريدا بما تنفرد به من مقومات تراثية وحضارية وتاريخية وطبيعية وانها ستبقي دوما »أم الدنيا« . وقد احسن منير فخري عبدالنور اداء وعملا عندما استشهد في رده علي السؤال السياسي الوحيد خلال المؤتمرات واللقاءات الصحفية حول مستقبل السياحة في ظل حكم اغلبية اسلامية بالآية القرآنية التي تقول: »إنَّا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا«.. لقد أراد بذلك ان يؤكد ان الدين الاسلامي ليس ضد السياحة وان لا أحد يستطيع ان ينكر دور هذه الصناعة بالارقام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر وفي كل دول العالم.
< < <
تجلت فاعلية حماس الوفد المصري للمصلحة الوطنية من خلال متابعة الوزير للتصريحات السلبية الموجهة ضد مصر والتي ادلي بها النائب الالماني في البوند ستاج كلاوس بيرمج واستنكر فيها القبول بمشاركة مصر كشريك رسمي في بورصة برلين بحجة عدم توافر الأمن وغياب الالتزام بحقوق الانسان . وفي مبادرة ايجابية من جانب وزير السياحة ومحمد الصاوي عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة السياحة والثقافة والاعلام جري استقبال هذا النائب في الجناح المصري ببورصة برلين حيث تم تبادل الرأي حول الكثير من القضايا. وكانت المفاجأة بعد هذا اللقاء نفي النائب الالماني تهجمه علي مصر معلنا ان الإعلام اساء فهم تصريحاته مؤكدا تقديره واحترامه لمصر باعتبارها الرائدة في الشرق الأوسط وانها سوف تقود المنطقة إلي الديمقراطية. اشار إلي عمق العلاقات بين المانيا ومصر وانه سيعمل علي الدعوة لتشجيع الاستثمارات في مصر. جاءت هذه التصريحات للنائب الالماني متماشية مع موقف الحكومة الالمانية التي استنكر مسئولوها ما نشر علي لسانه. لا جدال ان التغيير في هذا الموقف قد جاء نتيجة للاتصالات المباشرة لشرح ما يجري في مصر الثورة.
وللحديث بقية