بقلم : د. عصام الطابوني
طرابلس "المسلة" ….. منذ آلاف السنين وفي أجواء البحر الأبيض المتوسط غرد ، و على صفحة المتوسط ، أبحر ، طائر الفينيق . من هناك ، من صيدا ، وما حولها . كانت البداية ، وكان التاريخ بدأ يكتب في أويا .
نسجت الأشرعة ، ورفعت الصواري ، وأبحرت السفن ، تحمل التاريخ و الحضارة من هناك الى هنا ، حيث تجلس فاتنة المدن المتوسطية ، التي أسموها أويا ، على شاطئ دافئ و مرفئ حصين .
تعاقبت السنين ، و العقود و القرون وتوالت . وكانت شاهدة على ميلاد حضارات ، شاهدة على حروب قاسية ، ومدمرة . وحقب و أزمنة السلام الزاهر .
من سواحل شرق المتوسط ، أبحرت الحضارة ، شقت عباب البحر ، تحدت الامواج العاتية ، و الأخطار . تحدت قراصنة البحر من كل حدب و في كل صوب .حتى ألقت مراسيها في النهاية ، في مرفئ أويا ، حيث كان مركز حضارة و لا يزال بالحضارة ينبض .
من سواحل شرق المتوسط ، استنسخت الحضارة ، ثم إمتزجت بأخر بعد حروب مرة و مريرة و سلام .
أويا .. هذا المرفأ الليبي الصغير ، الذي اختارته سفن الحضارة ليكون مركزا من مراكز الحضارة ، ضمت فيه الأشرعة ، و ألقت فيه السفن مراسيها . و ألقت فيه شذرات أحلام و أحاسيس و مشاعر ، شكلت أويا ، كما شكلت أحاسيس و مشاعر و أحلام الليبين الساكنين " في كل العصور" فيها . وعلى الرغم من أن أويا استحالت ركام واطلال ، ودفنت معالمها تحت الارض ألا أن نقوشها تحت الأرض و فوق الأرض ظلت حية تنبض بروح الحضارة و يفوح منها شذى ميلاد اويا و عطرحياتها و حيائها .
أويا إختبئت تحت الأرض ، بل خبئت قسرا . و لإن كسا التراب جسد أويا و أخفاها لآلاف السنين ، فيوما من الأيام . سيزاح و تنجلي أويا . فيكشف للعاشقين أويا و الكارهين لها ، بعض من جمالها الأسطوري ، وتكشف لهم هي أسرارها ، " أسرار أويا " .