درعا "المسلة" …أسفرت عمليات التنقيب الأثرية التي نفذتها البعثات الوطنية والأجنبية العاملة في مدينتي درعا وبصرى خلال المواسم السابقة عن وجود كمية كبيرة من الفخاريات أهمها السرج وقناديل الاضاءة والأواني والأطباق والجرار.
وتؤرخ السرج الفخارية لفترات وحقب تاريخية امتدت من العصور البرونزية مرورا بعصر الحديد والعصور الكلاسيكية الهلنستية والنبطية والرومانية ثم العصر الاسلامي حيث عرفت منطقة حوران صناعة الفخار واستخداماته المتنوعة منذ أكثر من خمسة آلاف سنة حسب الدراسات الأثرية.
وقال ياسر أبو نقطة من دائرة اثار درعا ان صناعة الفخار بدأت في حوران منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد وتنوعت أحجام القطع الفخارية كما تعددت استخداماتها لكن أهمها تلك التي وجدت في المدافن وتعود لعصر البرونز القديم الممتد من3100 إلى 2100 قبل الميلاد حيث استخدمت السرج الفخارية في الحقب الغابرة استخداما فرديا للتنقل ليلا وجماعيا لإنارة المنازل والجوامع والمعابد وكانت من وسائل الاضاءة الأساسية في العصور القديمة وتحمل اشكالا مختلفة اغلبها تتضمن بعض الثقوب وعليها رسوم وزخارف وتزيينات وبعضها بمقبض والاخر بدون مقبض.
وبين أبو نقطة أن السرج اكتشفت في معظم مدن درعا القديمة مثل قرفة وعلما والاشعري ودرعا البلد وسملين والمسمية واليادودة وتعود معظمها الى العصور الرومانية والبيزنطية والاسلامية واللون السائد لها هو الأحمر المصنوع من تربة حوران لافتا إلى أن البعثات العاملة في مدينة درعا القديمة كشفت في احدى تنقيباتها عن سراج أبيض مصنوع من طينة كلسية يعتقد أنه جلب من منطقة أخرى بسبب لونه البعيد عن الطبيعة الحورانية.
وأوضح أن المقابر التي تم اكتشافها في درعا أظهرت وجود تجويف في احدى زواياها يعتقد انه كان مخصصا لوضع السراج الفخاري للإنارة .
بدورها قالت رئيسة دائرة آثار بصرى المهندسة وفاء العودة أن أعمال التنقيب في مدينة بصرى الأثرية أسفرت خلال المواسم السابقة عن اسرجة فخارية مختلفة الأحجام وأشكالها متشابهة تقريبا ولونها بيج فاتح وبني وقرميدي وعليها بعض الزخارف البسيطة على شكل عناقيد عنب ولها خطوط معقوفة ونافرة تصل بين فتحتي السراج بقاعدة دائرية على كل جانب من جوانبها الأربعة خطان معقوفان ومقبض مائل للأعلى ينتهي بدائرة نافرة عليها آثار دخان عند فتحة الفتيل.
وأضافت العودة أن الدائرة عثرت في احدى المقابر على سرج فخارية لونها قرميدي على شكل دائرة محاطة باخرى لها شكل سنبلة القمح تخرج منها خطوط على جوانب السراج وعند نهايتها توجد أنصاف دوائر مضاعفة وزخرفة على شكل خطوط منحنية تخرج من فتحة الفتيل مشيرة الى ان مقابض بعض السرج المكتشفة مرتفعة للأعلى بشكل مائل وعليها زخارف على شكل انصاف دوائر مضاعفة يوجد عليها آثار دخان وشعر يمتد بين فتحتي السراج وآخر بسيط يمتد من فتحة الفتيل.
ولفتت إلى أن الدائرة عثرت خلال الموسم التنقيبي 2008 على سراج فخاري لونه بني غامق وعليه زخارف لونها أصفر غير أن مقبضه ومعظم أطرافه مفقودة كما تظهر عليه من الامام آثار الدخان وعلى سراج فخاري اخر له فتحة موءطرة بدائرة مزينة بمثلثات صغيرة متعاكسة وعدد من الخطوط المستقيمة النافرة حيث زين المقبض بخط عمودي تقطعه خطوط افقية وقاعدته على شكل لوزي خالية من الزخارف يعود تاريخه الى الفترة البيزنطية الحديثة في القرنين السادس أو السابع الميلاديين.
وأوضحت العودة أن الأسرجة المكتشفة في مدينة بصرى الأثرية تراوحت أطوالها بين 7 و 7ر9 سنتيمترات وعرضها بين 8ر4 و 8ر5 سنتيمترات والارتفاع بين 5ر2 و 5ر4 سنتيمترات وسماكتها بين 3 و 7 ميليمترات .
من جانبها قالت ايمان المفعلاني أمينة متحف بصرى إن المتحف يحوي نماذج من السرج الفخارية التي تعود الى العصر القديم المتأخر والاسلامي موضحة أن هذه الفترة حسب الوثائق الأثرية المحفوظة في المتحف هي الحقبة التي ازدهرت خلالها مختلف الصناعات الفخارية السورية والفلسطينية متعددة المواصفات .
وأشارت المفعلاني إلى وجود نماذج من السروج ذات جسم مسطح ومقبض مسنن مع نقوش بارزة حول مركز مخروطي طبعت عليه أشكال هندسية أو حراشف سمكية أو خطوط ونقاط بسيطة لافتة إلى وجود نماذج منها ذات شكل هرمي مع ثقب مركزي كبير وقبضة عريضة تم اكتشافها في القرنين الرابع والخامس الميلاديين .
وبينت المفعلاني أن هذا النموذج من السرج عليه زخارف أكثر تعقيدا من غيرها وتتميز عن الأخرى المكتشفة في قرون أخرى بنقوش بارزة مختلفة التراكيب مستعرضة بعض هذه النماذج منها ماجاء على شكل الخف من طراز البابوج واسع الانتشار ودون قبضة وأخرى ذات شكل بيضوي متطاول ونموذج مزخرف بخطوط شعاعية ويعود تاريخها إلى القرنين الخامس والسابع الميلاديين إضافة إلى سرج الحقبة الاسلامية التي يمكن تأريخها بين القرن السابع والقرنين العاشر والحادي عشر وشكلها بيضوي مسنن مع مخروط تزينه حافة مزدوجة تحيط بها ثغرة للزيت.
وأشارت إلى وجود نموذج يدعى جيرازا يشبه نماذج برونزية من القرنين السابع والثامن الميلاديين ويميزه مقبض طويل مقوس مضغوط على شكل حيوان في ثلاثة نماذج وكذلك شكل متصالب مزخرف على جسمه خطوط تضم احيانا كتابات واشارات رمزية .
والجدير ذكره أن عدد القطع الفخارية المكتشفة في دائرة آثار درعا حتى الآن يبلغ 4200 قطعة تعود الى عصر البرونز الوسيط الممتد من 2100 إلى 1600 قبل الميلاد وجميع المكتشفات هي عبارة عن قطع للاستخدامات المنزلية وحفظ الزيوت فقط .
المصدر: سانا من قاسم المقداد وميسون المصري