بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
اخذت قراراً منذ بدأت حملات الترشح للانتخابات الرئاسية بعدم الخوض كتابة في معاركها وبرامجها إلا من خلال المناسبات التي أدعي إليها من جانب أي من المرشحين. التزمت بذلك عندما دعيت إلي الحفل الذي اقامه السفير السعودي أحمد القطان لتكريم عمرو موسي الامين السابق للجامعة العربية. علي هذا الاساس كتبت عما دار في هذا اللقاء من ترويج لترشيح موسي.
وفي يوم الاثنين الماضي تلقيت دعوة من غرفة شركات السياحة لحضور لقاء لأعضاء الأسرة السياحية مع الدكتور فريق أحمد شفيق الرجل الذي تولي وزارة الطيران المدني بعد انتهاء خدمته قائدا للقوات الجوية حيث استطاع ان يبدع في مباشرة مسئوليته محققا انجازات هائلة شهد بعظمتها الجميع. ورغم ما كانت تموج به الساحة السياسية علي ضوء هذه الشهرة الانجازية من توقعات بترشيحه لرئاسة الوزراء إلا أن كل الشواهد وانطلاقا مما عرف عنه بعدم الاستعداد للخضوع ومسايرة القوي المسيطرة، لقد كان معارضا مستمرا لما يجري ارتكابه من اخطاء ومفاسد وفقا لما هو موثق ومسجل. وبعد اندلاع الثورة واستنادا إلي انجازاته ونظافة تاريخه في العمل العام وخدمة الوطن وقع عليه الاختيار باعتباره وجها مقبولا لهذه المرحلة ليكون رئيسا للوزراء ممارسا لهذه المهمة في ظروف غاية في الصعوبة.
ولان مصر وهي في حالة ثورة كانت عانت من انعدام الوزن والتخبط والفوضي فقد افتقد الجميع القدرة علي التمييز بين ما هو في صالح الوطن وما هو في غير صالحه. خضوعا لهذه الظروف وما تولد عنها من عدم سيطرة تم حرمان الفريق أحمد شفيق من اخذ الفرصة لاستثمار امكاناته بذلا وعطاء وخبرة لعبور الأزمة. وجاءت استقالته أو اقالته لتكون بداية مسلسل التنازلات من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي اسندت إليه شئون إدارة الدولة.. ويري المحللون ان هذه التنازلات كانت بداية لتصاعد الفوضي والابتزاز والانحدار نحو انهيار سلطة الدولة وهيبتها. وهو ما يتعارض تماما واهداف الثورة الداعية الي النهضة والتقدم.
بعد هذه المقدمة وعودة إلي دعوة غرفة شركات السياحة فقد لقيت اراء المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور فريق أحمد شفيق ترحيبا وقبولا من جانب الجموع الغفيرة من العاملين في صناعة السياحة التي حرصت علي حضور اللقاء. استطاع توظيف خبرته التي استمرت لسنوات طويلة في إدارة شئون الطيران المدني- الذي تربطه علاقة مصالح وثيقة واستراتيجية بصناعة السياحة- بابداء تفهمه للمشاكل والمتطلبات مؤكدا إيمانه بأهمية هذه الصناعة. لقد وصفها بأنها الأمل غير المحدود لنهضة مصر اقتصاديا واجتماعيا وعلي أساس انها القاطرة الوحيدة لمستقبلها وليست قاطرة لاقتصادها فقط.
وبعيدا عن القضايا التي تم اثارتها من جانب الحاضرين ولا علاقة لها بالسياحة وأجاب عليها الفريق أحمد شفيق بكل الصراحة. اتسم حديثه عن السياحة بالخبرة والعلم. قال فيما يتعلق بمعاناتها من عمليات فرض الضرائب والاتاوات علي أنشطتها- دون ضابط أو رابط أو سند قانوني- بأنه لابد من موقف حاسم وحازم تجاه هذه القضية بما يحقق صالح التنمية السياحية. حدد سياسته لرعاية هذه الصناعة ومساعدتها علي الانطلاق باستعادة عافيتها في النقاط التالية:
السياحة يمكن ان تحقق لمصر إيرادات تصل إلي ٠٦ مليار دولار وليس ٢١ مليار دولار كما كان عليه الحال قبل الثورة وهو الأمر الذي يجعلنا لا نحتاج لأي معونات أو قروض خارجية.
تحقيق الأمن والأمان والالتزام بالنظام والانضباط علي أساس انه بدون هذه العناصر لا يمكن ان تنهض السياحة لفائدة مصر.
العمل علي حل مشاكل الرحلات والفنادق النيلية باعتباره نشاطا مميزا في مصر.
اقامة بنية أساسية وخدمات عالية المستوي والارتفاع بمستوي النظافة في كل ربوع مصر باعتبارها من متطلبات تقدم ونجاح السياحة.
تخلي الدولة ممثلة في وزارة الداخلية عن تنظيم الحج إيمانا بان ذلك منوط بالقطاع الخاص.
وفي بداية اللقاء الذي استمر ٤ ساعات كان تقديم حسام الشاعر رئيس غرفة السياحة- الجهة المضيفة- ثم الهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية بمثابة شهادة لأحمد شفيق بشأن قدرته وخبرته اللتين يمكن استثمارهما في خدمة السياحة.. صناعة الأمل في مصر. لقد سلطا الاضواء علي مشاكل ومطالب السياحة وضرورة ان يعمل أي رئيس منتخب علي معالجتها والاستجابة لها. أكدا علي ضرورة تقديم قروض طويلة الأجل للمشروعات السياحية وتعديل القوانين المنظمة واحياء المجلس الأعلي للسياحة مع تمثيل السياحيين في لجنة اعداد الدستور. لفتا للنظر إلي أهمية الاحساس بمعاناة المستثمرين والعاملين في السياحة. وضرورة تهيئة المناخ الذي يجذب السياح خاصة فيما يتعلق بنزعات تخويفه وفرض القيود عليهم.
لا جدال ان ما دار في لقاء المرشح لرئاسة الجمهورية الدكتور فريق أحمد شفيق مع العاملين في قطاع السياحة كان بناء وناجحا من كل الجوانب.