مدير عام المشتريات في هيئة السياحة: يبدو أنه لم يتم الاقتناع حتى الآن بجدوى القطاع كخيار استراتيجي
أيمن الرشيدان من الرياض
أكد مختصون في القطاع السياحي أهمية ضخ دعم الدولة لقطاع السياحة في جميع مناطق المملكة، وتأسيس بنية تحتية قوية متطورة لقطاع التدريب والتعليم السياحي.
وأكدوا أن التنمية البشرية في قطاع اقتصادي كالسياحة يستلزم توافر موارد مالية ضخمة فالتنمية البشرية استثمار مكلف للغاية، ولكنه الاستثمار الأمثل والأنجح للدول التي ترغب محاكاة العالم المتقدم، مبينين أن السياحة اليوم أصبحت صناعة مهمة في بلدان العالم والكل يسعى لوضع مكان له لما لها من مردود على الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص وظيفية وتسهم بشكل كبير في نمو الناتج المحلي.
ويلفت أحمد الشهري مدير عام المشتريات في الهيئة العامة للسياحة والآثار، إلى أن الملاحظ أن نصيب السياحة لا يزال محدوداً جداً في أرقام الميزانيات التي تصدر تباعاً منذ إنشاء هيئة السياحة قبل أكثر من عشرة أعوام، وربما يكون تفسير ذلك أن صانعي قرار الميزانية وعرابي أرقامها لم يقتنعوا حتى الآن بجدوى السياحة كخيار استراتيجي، وكمورد رئيسي من موارد الدخل الوطني، أو ربما لأن الصناعة – أعني صناعة السياحة – ربما لا تزال بعيدة عن الوهج الإعلامي الذي يجعلها مقنعة للمجتمع كخيار مفضل استثمارياً، وكممارسة اقتصادية مضمونة النجاح.
وتابع الشهري: ”ومن هذا المنطلق فإننا بتنا اليوم في حاجة ماسة إلى تفهم أهمية صناعة السياحة نظراً لتأثيرها المباشر في جميع مناحي الحياة أمنياً واقتصادياً ودينياً وترفيهياً، وهذا يعني وبشكل صريح أن السياحة الوطنية تحتاج إلى دعم مالي ضخم، ولمخصصات مالية عاجلة تؤسس لمنظومة سياحية متكاملة قائمة على بنية تحتية متينة ومتطورة”.
وأشار إلى أنه بات من السهل على المواطن أي يلمس الفرق بين الوجهات السياحية الإقليمية والدولية وبين الوجهات السياحية المحلية، ففي الأولى صناعة حقيقية لجوهر السياحة قبل مظهرها، وهذا يظهر جلياً في حجم المبالغ التي تخصصها حكومات الدول التي بها تلك الوجهات لبناء صناعة سياحية ذات بعد وهدف، وفي الثانية جهود متناثرة هنا وهناك، واجتهادات قائمة على مبادرات فردية لا يمكن لها أن تستمر، ولولا أن هيئة السياحة قد عملت على جمع شتات هذه الجهود لوئدت السياحة منذ زمن.
وأكد الشهري أنه من المهم جداً ضخ أموال كبيرة لصناعة سياحة وطنية تلبي الطموحات، بل إن ذلك ضرورة اقتصادية كبرى، لأن ما سيتم ضخه اليوم في المشروع السياحي الوطني سيتم تدويره في المشروع الوطني الأعلى والأشمل وهو العائد الاقتصادي الوطني الذي سيعم نفعه الوطن والمواطن، وهنا يأتي سؤال، هل المشتغلون بالسياحة والقائمون عليها من القطاعين العام والخاص وكذلك دور الخبرة، والمصممون والمنفذون على جاهزية للتفاعل إيجابياً مع الاعتمادات المطلوبة واستغلالها الاستغلال الأمثل لخلق صناعة سياحية ترضي الطموح؟، وفي نظري فإن الإجابة موجودة في الأرقام التالية والتي أظهرها ”ماس” التي أبانت أن مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 4 في المائة، ونسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي دون القطاع النفطي تبلغ 7.5 في المائة، في حين أن نسبة مساهمة السياحة في القطاع الخاص بلغت 12 في المائة، أما إجمالي إيرادات السياحة في عام 2010 فقد بلغت 97 مليار ريال. وقال إن هذه أرقام كبيرة جداً، والتعامل معها من قبل صناع قرار الميزانية الوطنية على قدر مواز من الأهمية، لأننا في سباق مع النجاح، الحكم فيه الزمن بساعاته وأيامه، فإما أن نجد أنفسنا على الخريطة السياحة المحببة للمواطنين والأشقاء من دول الخليج والدول العربية وحتى العالمية أو نجد أنفسنا خارجها، يجب ألا نبقى مرتهنين لأفكار غير متفائلة بهذه الصناعة التي تثبت الأرقام أنها أكثر الصناعات نمواً، كما يجب ألا نعتقد أن السبب عجز في قدرتنا أو مقومات وطننا، لأن هذا الوطن يحوي كل مقومات السياحة التي يمكن أن يتمناها مواطن في بلده، جغرافياً وطبيعياً وأثرياً وبشرياً.
ويؤكد الدكتور عبد الله الوشيل مدير عام مركز تنمية الموارد البشرية السياحية الوطنية في الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن نمو القطاع السياحية وزيادة الاستثمارات فيه واحتضانه بشكل كامل من الدولة سيجعل منه المجال الأفضل والأهم لتوفير فرص الاستثمار والعمل للمواطنين، مشيرا إلى أن إيجاد آليات دعم مالي ومعنوي مهم للغاية لتشجيع قيام المشاريع السياحية واستيعاب أعداد كبيرة من العاملين السعوديين، والذين أثبتت التجربة رغبتهم الأكيدة في العمل في القطاعات السياحية بدليل ارتفاع نسبة المواطنين العاملين في قطاع السياحة إلى 26 في المائة، كأعلى القطاعات توطيناً للوظائف في المملكة، وحسب مصادر منظمة العمل الدولية فإن قطاع السياحة والسفر يوفر فرصة عمل من كل 12 فرصة عمل في العالم، وأن كل فرصة عمل في قطاع الصناعة تقابلها خمس فرص عمل سياحية، وكل فرصة عمل في قطاع الاتصالات تقابلها فرصتا عمل في السياحة. وبين أن دراسة حديثة لمركز المعلومات والأبحاث السياحية ”ماس” في الهيئة العامة للسياحة والآثار، كشفت أن بيانات التوظيف المباشرة وغير المباشرة المتوقعة خلال سنوات خطة عمل الهيئة (2012 – 2014) أظهرت نموا سنويا لأعداد فرص العمل بمعدل 6 في المائة لتصل بذلك إلى 926 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في عام 2014، مستحدثة بذلك 146 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة خلال سنوات الخطة، حيث يمثل التوظيف المباشر منها 97 ألف وظيفة، بمتوسط سنوي 32 ألف فرصة عمل ممكنة في قطاع السياحة.
من جهته، أكد عبد الرحمن الجساس المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة الرياض، أن القطاع السياحي له النصيب الأوفر من ميزانية الخير لهذا والسنوات الماضية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال نمو المشاريع التي تساعد في رفع المستوى السياحي لمناطق المملكة كافة، والمساهمة باكتمالها في الارتقاء بتطور الوجهات السياحية التي تتمتع بها بلادنا. وقال الجساس إن الأرقام التي أعلنت في الميزانية تدعم الحركة السياحية الداخلية بشكل عام من خلال توسع في الطرق، والخدمات الصحية والتعليمية ومتطلبات الكهرباء، والهاتف والماء وتحسين مستوى المعيشة للمواطن من خلال اكتمال مدن ومحافظات المناطق من حيث الخدمات.
المصدر : الاقتصادية الالكترونية