Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تسييس السياحة وتسييح السياسة! بقلم خيرى منصور

بقلم  : خيرى منصور

بين السياسة والسياحة ما هو ابعد من القرابة اللغوية، رغم ان الناس اعتقدوا لزمن بان السياحي هو نقيض السياسي، وكانت الحرب الاهلية اللبنانية المجال الرحب لاعادة السؤال حول السياسي والسياحي، بسبب ما تعرضت له السياحة في هذا البلد العربي الذي كان لزمن طويل الاكثر جذبا للسواح من العرب وغيرهم.

وما يثار الان في مصر من سجال حول مستقبل السياحة فيها والتي تشكل رائدا اساسيا للدخل القومي قد يأتي بعد قناة السويس مباشرة يربط على نحو مباشر وعضوي بين السياسة والسياحة خصوصا بعد فوز الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية، لكن من السذاجة اختصار هذا النشاط الحيوي في البكيني والخمرة فقط فالسياحة اوسع واشمل بكثير من هذا الاختزال ويشترط لكي تزدهر امنا واستقرارا بالدرجة الاولى وقبل اي شيء اخر، لان السائح لا يجازف بقضاء عطلته وتبديد ماله في بلدان مضطربة وغير آمنة، ونذكر للمثال فقط ان سمكة قرش واحدة اثارت فزعا لدى السواح والمشتغلين في قطاع السياحة في شرم الشيخ قبيل ثورة يناير قبل عام.

والسياحة لم تعد مجرد رحلات فردية او جماعية لمشاهدة اطلال الحضارات او بحثا عن شمس وماء اكثر دفئا على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، فهناك سياحة طبية واخرى دينية وثالثة ثقافية يحركها فضول معرفي، خصوصا اذا تذكرنا بان بواكير الاستشراق وطلائعه الاولى كانت مدفوعة بقوة الفضول والاكتشاف للشرق ومنه عالمنا العربي.

في الماضي القريب كانت السياسة مجالا وسوقا للتسييح، اي تحولها من علم تغيير المجتمع والارتقاء به وادارة ازماته الى مجرد تبادل للمناصب او استثمار الازمات بدلا من ادارتها والعمل على انفراجها بدلا من انفجاراتها المتعاقبة لكن ما يحدث الان هو العكس، انه تسييس السياحة، بحيث ترفع تيارات ليبرالية شعارات توحي لمن يقرؤها او يسمعها بان السياحة ستكون في خطر اذا اخفقت تلك التيارات في المواسم الانتخابية، ولا يتوقف تسييس السياحة عند هذا السجال، بل يتخطاه الى توظيف صراعات سياسية لصالح حرية السياحة وتعزيز مكانتها كمصدر للدخل القومي. وكمجال حيوي لعمل ملايين الناس في هذا الميدان.

كان تسييح السياسة يفرض على الناس ان يتعاملوا مع اوطانهم كسواح وغرباء بعيدا عن المشاركة وثقافتها الديمقراطية ما دام هناك من ينوب عنهم في التفكير وحتى الحلم.

ولفترة طويلة نجحت استراتيجية تسييح السياسة في خلق مناخات من اللامبالاة والاستنقاع والتهميش، فاستقال الناس جماعيا من دورهم التاريخي والوطني، ولم يكن هناك فارق كبير وجوهري بين المواطن والسائح ما دام الاثنان ينتهي دور كل منهما عند الاكل والشرب والتجوال والتقاط الصور.

وثمة مراحل يجتمع فيها النقيضان، وهما التسييس والتسييح، فلا ندري عم يتحدث الساسة لانهم يتكلمون كأدلاء سياحيين ولا نفهم ما يقوله السواح لانهم يتحدثون بلغة المستشرقين الجدد او الغزو الناعم!

المصدر : الدستور الاردنية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله