دبي "المسلة" ….. تقود النهضة التي تشهدها دولة الإمارات في قطاعي السياحة والطيران منذ عدة سنوات، إلى تعزيز مساهمة القطاعين في الناتج المحلي الإجمالي لدولة وتجاوز مساهمة القطاع النفطي في الناتج بحلول العام 2021، وفقاً لتوقعات مسؤولين في القطاعين، وتقديرات العديد من الدراسات والتقارير المحلية والعالمية.
وأكد هؤلاء أن مع تسارع وتيرة نمو قطاعي السياحة والطيران في الدولة خلال السنوات الماضية وفي ظل التوقعات المتفائلة بمواصلة زخم النمو في المرحلة المقبلة، فقد شكل القطاعان معاً ركيزة رئيسية لتحفيز النمو المستدام في اقتصاد الإمارات.
وفي الوقت الذي بدأت تنحسر فيه مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي للدولة وتوقعات أن تصل إلى 17% نهاية العام الجاري، تماشياً مع خطط الدولة للوصول بمساهمة النفط إلى أقل من 10% خلال السنوات القليلة المقبلة، تزيد في المقابل مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي ولا سيما قطاع السياحة والسفر الذي يتوقع أن ترتفع مساهمته بمعدل 5.4 % سنوياً خلال السنوات العشر المقبلة لتصل إلى 236.8 مليار درهم بحصة 11.2 %، مقارنة مع نحو 8,7% في العام 2015. ووفقاً لتقديرات تقارير عالمية من المرجح أن تصل مساهمة قطاع السياحة منفرداً في ناتج الإمارات إلى أكثر من 11%، فيما تزيد مساهمة قطاع الطيران عن 14% بحلول العام 2021، الأمر الذي يتوقع معه تجاوز القطاعين مساهمة النفط نهاية العقد الجاري.
وأكد هؤلاء أن من بين العوامل الأخرى التي تسهم في مواصلة ازدهار قطاع السياحة في الدولة إضافة إلى الموقع الاستراتيجي للدولة تنامي حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع وخاصة في المطارات وتوسعة طاقاتها الاستيعابية وإقامة مطارات ومرافئ ومبان جديدة في العديد من إمارات الدولة، إضافة إلى وسائط النقل الجوي والبحري والبري الحديثة، لافتين إلى أن قطاع الطيران المدني في الإمارات بات مؤهلاً أكثر من أي وقت مضى لاستمرار النمو من خلال مشاريع البنية التحتية والإنشائية للمطارات والتوسع في عدد الناقلات والعقود التاريخية التي أبرمتها الناقلات الوطنية خلال الفترة القصيرة الماضية حسبما ذكرت الاتحاد.
وأكد سيف السويدي، المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني، أن قطاع الطيران في دولة الإمارات حافظ على مدار التاريخ على معدلات نمو إيجابية، محلقاً بعيداً عن الأزمات المالية والاقتصادية التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة، الأمر الذي يؤكد صلابة ومتانة قطاع الطيران في الدولة، كونه أقل القطاعات تأثراً بالأوضاع الاقتصادية.
وأوضح السويدي أن قطاع الطيران في الإمارات حافظ على نمو تراوح بين 5% إلى 7% في أعقاب الأزمة المالية العالمية الأخيرة في العام 2008، مشيراً إلى أن العوامل التي دفعت إلى تحقيق هذا النمو المرتفع، تعكس بما لا يدع مجالاً للشك التنافسية العالمية لقطاع الطيران في الدولة، وركائزها الأساسية الممثلة في الاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي المتميز للدولة بين الشرق والغرب الأمر الذي يجعل منها ممرا للحركة الجوية للعالم، فضلاً عن البنية التحتية العالمية المتقدمة لقطاع الطيران في الدولة والتي يزيد حجم الاستثمارات التي ضختها الحكومة فيها عن 500 مليار درهم، مما وضعها في المراتب الأولى عالمياً بين مؤشرات تنافسية البينة التحتية لقطاع النقل الجوي في العالم.
وأكد السويدي أن قطاع الطيران في الإمارات يعد حالياً أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ويتوقع أن تزيد مساحة مساهمته في الاقتصاد في المستقبل وأن يلعب دوراً محورياً في اقتصاد الإمارات خلال السنوات المقبلة، بالنظر إلى اعتماد كثير من القطاعات الأخرى عليه كالسياحة والتجارة، مشيراً إلى أن حكومة دولة الإمارات أدركت مبكراً أهمية قطاع الطيران بالنسبة للمستقبل، فشيدت المطارات العالمية وأسست أكبر شركات الطيران في العالم وأحدثها واستثمرت المليارات في البنية التحتية، حتى بات مطار دبي الدولي على سبيل المثال الأكبر عالمياً من ناحية المسافرين الدوليين، مطار أبوظبي الدولي الأسرع في حركة النمو في أعداد المسافرين، فضلاً عن ربط مطارات الدولة بالمئات من مدن العالم من خلال شركات الطيران الإماراتية.
وتتبوأ دولة الإمارات مركز الصدارة على المستوى الدولي في سرعة نمو قطاع الطيران، الذي لم تتجاوز نسبته 1% من الناتج المحلي الإجمالي عند قيام الدولة في العام 1971، ليرتفع مساهمة قطاع الطيران والسياحة إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في الوقت الحاضر، في حين يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 14% بحلول العام 2021، كما يُتوقع أن يوفر هذا القطاع في العام نفسه 750 ألف فرصة عمل.
وتبدو الآفاق إيجابية للوصول إلى هذه الأهداف الخاصة بزيادة الثقل الاقتصادي لقطاع النقل الجوي في الدولة من ناحيتي: رفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير الوظائف للحد من معدلات البطالة، وخصوصاً أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات ذات التوظيف الكثيف للأيدي العاملة، الأمر الذي يحوّله إلى أحد أهم القطاعات غير النفطية التي يعوّل عليها في تشغيل الأيدي العاملة في الدولة. وضمن هذه الآفاق يأتي التطور السريع للناقلات الوطنية (طيران الإمارات والاتحاد والعربية وفلاي دبي) التي تضاعفت أساطيلها خلال فترة زمنية قصيرة ليصل عدد الطائرات الإجمالي إلى 500 طائرة تقريباً، كما أن هناك طلبيات مؤكدة لأكثر من 350 طائرة بقيمة 165 مليار دولار، ما سيشكل نقلة نوعية أخرى للناقلات الوطنية ويرفع من إسهاماتها الاقتصادية ويضيف آلاف الوظائف الجديدة في السنوات القليلة المقبلة.
السياحة قاطرة المستقبل
وبالنظر إلى الترابط الشامل بين قطاعي الطيران والسياحة من المتوقع أن يشكل قطاع السياحة عنصراً رئيساً آخراً في منظومة القطاعات الرئيسة لاقتصاد دولة الإمارات، بحسب محمد خميس بن حارب المهيري، مدير عام المجلس الوطني للسياحة والآثار، الذي توقع أن تزداد مساحة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بشكل أوسع في المستقبل.
وأوضح المهيري، أن السياحة ستكون الصناعة التي سيتم الاعتماد عليها بصورة أكبر في دعم استدامة نمو الاقتصاد الوطني وأحد ركائزه الأساسية، بالنظر لارتباطها بالعديد من القطاعات الأخرى، وكونها المحرك الرئيسي لقطاعات التجزئة والتسوق والترفيه والطيران، فضلاً عن دورها الأبرز في توفير الوظائف وتنشيط حركة الاستثمار في قطاعات الضيافة والفنادق والبنية التحتية، بالإضافة إلى توفير فرص لنجاح أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ولفت المهيري إلى ضرورة مواصلة دعم وتعزيز قدرات القطاع السياحي في الدولة من خلال دمج وإشراك كافة القطاعات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة بالقطاع في إطار منظومة وأجندة شاملة تتسم بالتناغم والتنسيق بين هذه الجهات بهدف دعم صناعة السياحة الوطنية وترسيخ قدراتها لمواصلة الازدهار والنمو.
وأشار المهيري إلى أن دولة الإمارات أدركت منذ سنوات طويلة أهمية صناعة السياحة في استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة، مؤكداً إن القطاع السياحي في الإمارات حقق في هذا السياق نقلة نوعية غير مسبوقة وازدادت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة، كما شهد القطاع تطورات كبيرة عزّزت مكانة دولة الإمارات على خريطة السياحة العالمية، حيث صعدت الدولة للمرتبة 24 عالمياً من بين 141 دولة شملها تقرير تنافسية السفر والسياحة لعام 2015 والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في سويسرا، متقدمة بذلك أربع درجات عن التقرير السابق الذي حلت خلاله في المرتبة 28، فيما تصدرت الدولة كذلك بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قائمة الدول الأكثر تطوراً في قطاع السفر والسياحة.
ووفقاً لبيانات مجلس السفر والسياحة العالمي، من المتوقع أن ترتفع مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، بمعدل 5.4% سنوياً خلال السنوات العشر المقبلة لتصل إلى 236.8 مليار درهم بحلول العام 2026 بحصة 11.2%، مقارنة مع نحو 8,7% في العام 2015.
وبلغت المساهمة الإجمالية لقطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة نحو 134 مليار درهم في العام 2015 ما يشكل 8.7% من إجمالي الناتج المحلي، لينمو بنسبة 4.4% العام الحالي، حسب بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي، وسترتفع المساهمة بمعدل 5.4% سنويا خلال السنوات العشر المقبلة، لتصل إلى 236.8 مليار درهم بحلول العام 2026 بحصة 11.2%.
ويشكل قطاع السياحة حاليا أحد الروافد المهمة للدخل الوطني وسيتضاعف دوره وتتعاظم مكانته في الفترة المقبلة في ظل اهتمام القيادة الرشيدة بتنميته وتفعيل دوره كأحد روافد اقتصادنا الوطني، وفي ظل الإمكانيات والقدرات الهائلة التي تتمتع بها الدولة من بنية تحتية حديثة ومتطورة وطبيعة متنوعة وخلابة ومرافق سياحية وفندقية ضخمة ومعالم تاريخية تضرب جذورها في عمق التاريخ.
وحسب مجلس السفر والسياحة العالمي، بلغ حجم الاستثمارات السياحية في الدولة 27.4 مليار درهم العام الماضي، ما يشكل 7.3% من إجمالي الاستثمارات في الدولة، على أن يرتفع بنسبة 2.8% العام الجاري، ليصل إلى 28.17 مليار درهم، على أن يرتفع سنوياً بنسبة 6.8%، ليصل إلى 54.4 مليار درهم بحلول العام 2026.
وبلغ حجم إنفاق السياح الدوليين على السياحة والسفر العام الماضي، 95.5 مليار درهم، مرتفعاً بنسبة 3.3% العام الجاري، ليصل إلى 98.7 مليار درهم، و5.4% سنوياً حتى عام 2026، إلى 167.7 مليار درهم.
3 محاور للمحافظة على زخم القطاع السياحي في دبي
أكد هلال المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، أن الدائرة تعمل على ثلاثة محاور رئيسية لتحقيق رؤية دبي السياحية 2020 التي تستهدف استقبال 20 مليون سائح سنوياً بحلول 2020.
وقال المري إنه في إطار جهودها الرامية إلى تحقيق الرؤية السياحية، تعمل «دبي للسياحة» على ثلاثة محاور رئيسية يتصدرها سعي الدائرة إلى المحافظة على الحصة السوقية وزخم الحركة السياحية المقبلة من أضخم أسواقها التقليدية الرئيسية التي تشهد نمواً اقتصادياً وديموجرافياً، وهو الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع عدد الزوّار القادمين منها. وأفاد المري أن المحور الثاني يركز على قيام الدائرة باغتنام الفرص السياحية في عدد من الأسواق التي رصدت فيها إمكانات نمو كبيرة، ومن بينها أسواق ناشئة، فيما يركز المحور الثالث على العمل على زيادة عدد الزوّار المتكررين من جميع الأسواق، وتوفير كل ما يلزم لتشجيعهم على تمديد وإطالة مدة إقامتهم في الإمارة. وقال المري إن دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي تعمل على تحقيق أهداف هذه الرؤية من خلال تسخير مجمل إمكانات وقدرات أصحاب المصلحة والأطراف المعنية بقطاع السياحة، وتعزيز منهجية الإمارة لاجتذاب واستضافة الزوّار. وهذا بالطبع، يشمل التعاون مع الشركاء في القطاعين الخاص والعام من أجل مواصلة توسيع وإثراء محفظة عروض دبي السياحية بما فيها من أماكن إقامة وفعاليات ومناطق جذب وبنية تحتية وخدمات وباقات عطلات، لضمان توفير الخدمات وفقاً لأرقى المعايير وأفضل الممارسات العالمية في كل مراحل الزيارة، إضافة إلى الارتقاء بالمكانة السياحية والتجارية المرموقة التي تتمتع بها دبي في الساحة الدولية. وعلى صعيد صناعة الطيران في دبي أكد تقرير مجموعة أكسفورد- الاقتصادية، التنافسية العالية التي تتمتع بها صناعة الطيران في الإمارة ومساهمتها الكبيرة في دعم الناتج المحلي الإجمالي. وتوقعت دراسة أكسفورد أن يواصل قطاع الطيران في دبي معدلات نموه خلال العقد الجاري وأن ترتفع مساهمة القطاع إلى 32% من إجمالي الناتج المحلي لإمارة دبي، أي ما يوازي أكثر من 165 ملياراً ونحو 22% من اليد العاملة توازي 372 ألف موظف من مختلف الفئات الوظيفية، بحلول العام 2020. وعلى صعيد الفوائد الاقتصادية، أظهرت الدراسة أن قطاع الطيران في دبي يوفر أكثر من 125 ألف وظيفة، إضافة إلى المزايا الأخرى التي يوفرها من خلال رحلات الربط والتدفق السياحي إلى الإمارة.
وأوضح التقرير أن الغالبية العظمى من القادمين إلى دبي، يحضرون عبر مطار دبي الدولي مشيراً إلى أن معدل إنفاقهم يدعم بشكل غير مباشر ما يقارب 134 ألف وظيفة، أي ما يوازي مشاركة إضافية في الناتج المحلي الإجمالي قدرها 29 مليار درهم (7.9 مليار دولار).