المهن اليدوية بسوريا تفتقر مراكز التدريب والتأهيل
وزيرة السياحة تؤكد على ضرورة إدماج وتطوير الحرف اليدوية فى التنمية المحلية
دمشق "المسلة"… بحثت ورشة عمل الصناعات الحرفية واليدوية التي أقامتها وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد و الاتحاد العام للحرفيين و الأمانة السورية للتنمية و مركز الأعمال و المؤسسات السوري آفاق تطوير الصناعات الحرفية اليدوية وسبل إدماجها في التنمية الاقتصادية .
وأكدت لمياء عاصي وزيرة السياحة أن قطاع المهن اليدوية في سوريا الذي يتميز بالغنى والتنوع يحتاج إلى الكثير من الجهود في ظل بقاء هذه المهن دون أي إضافات أو تطوير بسبب استمرار عملها على الشكل الذي توارثه الأبناء من الاجداد .
ودعت الوزيرة عاصي إلى خلق قيم مضافة في منتجات هذا القطاع في ظل المنافسة القوية من قبل منتجات أخرى تتمتع بمواصفات التنوع و الجدة لافتة إلى أهمية الورشة في تسليط الضوء على المشاكل والتحديات التي تواجه هذه المهن والتي تحد من تطويرها ومن مساهتمها في الناتج المحلي و إلى دورها في تبادل الأفكار حول سبل تطوير المهن اليدوية بمشاركة الجهات المعنية .
واستعرضت وزيرة السياحة الصعوبات التي تعترض قطاع المهن اليدوية والمتمثلة في عدم وجود مراكز تدريب وتأهيل تجمع بين مكون التصميم والانتاج مبينة ان الارتقاء بهذه المنتجات واضفاء صورة المعاصرة عليها وجعلها من المنتجات التي تحظى باهتمام وقبول عالمي يحتاج الى مراكز داعمة لها فضلا عن الصعوبات التمويلية التي يواجهها حرفيو المهن اليدوية .
ومن الصعوبات التي تواجه هذا القطاع حسب الوزيرة عاصي غياب ثقافة الاهتمام بمراحل ما بعد الانتاج من تغليف وتعليب لتقديم المنتج بشكل جيد وجاذب للمستهلكين اضافة الى غياب العلامة التجارية في منتجات هذه الحرف مشيرة الى اهمية تطوير هذه الحرف من خلال الاستفادة من معايير العمل على المستوى العالمي والتركيز على متممات الانتاج .
بدوره استعرض حسان العشي عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للحرفيين جهود الجهات المعنية للحفاظ على هذا القطاع من الاندثار والزوال وتوثيقه وفق الاسس الحديثة عبر وضع استرتيجة هادفة للنهوض به وقال انه بالرغم من التطور الكبير الذي حظيت به الصناعة الآلية إلا أن الحرف التقليدية برزت كمحور اقتصادي مهم وكداعم لقطاع السياحة الثقافية في العديد من البلدان ما دفعها الى زيادة الاهتمام برعاية وتسويق هذه الصناعات محليا ودوليا وتعزيز انتاجها بوضع الخطط المستقبلية لتطوير هذا التراث بما يتلاءم والمتطلبات الحديثة .
ولفت عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للحرفيين الى ضرورة تطوير هذا القطاع من خلال إغنائه بالدراسات و ابرازه في المعارض و المؤتمرات الحرفية الدولية باعتباره قطاعا منتجا في المجالين الاقتصادي والسياحي .
وعرضت المهندسة رمزية أوضه باشي مديرة الخدمات السياحية في وزارة السياحة لرؤية وزارة السياحة مشيرة إلى ضرورة إحداث مديريـة للحرف اليدوية التقليديـة و مركز لتطوير وتنمية الحرف اليدوية ودعم إحلال المنتج اليدوي التقليدي المحلي وتعزيز التواصل بين المصممين والحرفيين السوريين والمبدعين الدوليين .
وبينت أوضه باشي أهمية افتتـاح أسـواق حرف يدوية جديدة في جميع المحافظات وإيجاد صيغـة معينة للبدء بمشـروع حمايـة الملكية الفكرية واعتماد برنامج تدريب لخلق جيل جديد من المصممين المتخصصين والشروع ببرامج تعـاون مع صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال إعطاء قروض لتمويل المشـروعات الحرفيـة بفوائد قليلة وآجال طويلة بغية الارتقاء بواقع هذه المهن .
واعتبرت مديرة الخدمات السياحية أن الصناعات التقليدية في سورية تعاني من الرسوم العالية نسـبياً للمنتج اليدوي ومن ارتفاع قيمة الضـرائب والرسـوم الجمركيـة على بعض المستوردات من المواد الأولية اللازمة للحرف التقليدية ومن عدم وجـود معايير معتمدة دقيقة وحقيقية لجودة المنتج اليدوي واندثار بعض الحرف التقليدية والمردود المالي الضئيل لأغلب الحرف اليدوية و قوة المنافسة مع البلدان المجاورة لتشابه المنتجات وإعراض الجيل الجديد عن المنتجات التقليدية.
بدوره دعا المهندس عاطف مرهج من مديرية المشاريع المتوسطة والصغيرة بوزارة الاقتصاد إلى إطلاق مشروع لحصر وتوثيق الصناعات التقليدية الحرفية السورية لحمايتها وتوثيق كل المراحل والخطوات المتخذة لتصنيع المواد الحرفية وإنشاء قرى حرفية تراعي خصوصية كل منطقة تدعم السياحة القروية والمنتوجات السياحية ذات الطابع المحلي وإحداث جائزة وطنية للمؤسسات الحرفية المتألقة في مجال التصدير.
وتحدث محمد فياض مدير المكتب التجاري في الاتحاد العام للحرفيين عن أثر قطاع الحرف التقليدية في النهوض بالسياحة الثقافية وعن ارتباطها الوثيق بالبعد الاجتماعي في سورية عبر ظاهرة عمل المعوقين والمقعدين في هذا القطاع ومساهمتها في الحد من الهجرة الريفية إلى المدن ودور المرأة في الحفاظ على التراث الحرفي حيث تمكنت من تطوير عملها في أكثر الأعمال الحرفية بصورة تضاهي الرجل .
ولفت فياض إلى افتقار البلدان العربية ومنها سورية لوجود مراكز أبحاث مختصة بالحرف التقليدية تقدم النصح والإرشاد وتسهم في تطوير الحرف التقليدية وعدم وجود استراتيجيات داعمة للنشاط الحرفي التقليدي على مستوى الحكومة وغياب أطر الحماية الحقيقية لكثير من الصناعات الوافدة التي أضرت بكثير من الحرف التقليدية وضعف الخبرات التسويقية.
ورأى الدكتور هشام الخياط مستشار العمال في مركز الأعمال والمؤسسات السوري أن الصناعات الحرفية تختلف بين التصنيع والعمل الفني حيث يتميز المنتج الحرفي باعتماده على التزيين في حين يركز العمل الفني على جوهر الفكرة واظهار شخصية الفنان بدلا من تكرار افكار نمطية كما نراها في أغلب الهدايا التذكارية.
ونوه بأهمية الهدايا التذكارية في الأعمال الحرفية على الصعيدين السياحي والثقافي حيث تربط ذهن السائح بالمنطقة التي زارها داعيا إلى وضع استراتيجية واضحة بالتشارك مع الحرفيين المعنيين ومساعدتهم في نقل هذه الصناعة من الإنتاج الفردي الذي يقوم على كاهل حرفيين أو فنانين في ورش صغيرة إلى الإنتاج الكمي لمنافسة المصنوعات المستوردة بالسعر وبالكم وإدخال أشكال وأساليب معاصرة.
وعرضت هلا الكناية لتجربة ارتيزانا سوريا حول الحرف و الصناعات اليدوية والتي تشكل جانبا هاما من الاقتصاد و التراث السوري وتساهم في تشغيل الحرفيين لتصنع منتجات مميزة و فاخرة .
وبينت الكناية أن الفكرة بدات من خلال تطوير فكرة مشروع تخرج من الجامعة الافتراضية مضيفة أن هذه الفكرة تقوم على تصميم وتصنيع هدايا خاصة ومميزة مصنوعة بشكل يدوي.
وأوضحت أن هدف المشروع التعريف بالارث الثقافي السوري بصورة عصرية جذابة و الارتقاء بالصناعات التقليدية و الحرف اليدوية وتسويق المنتجات السورية عبر الانترنت وتصديرها إلى أنحاء العالم داعية إلى إحداث ثانوية خاصة بالحرف التقليدية والتراثية في كل محافظة و انشاء معاهد تعليمية للحرف اليدوية وإيلاء اهتمام اكبر من اتحاد الحرفيين بالحرفيين الصغار وتنشيط دور المكاتب السياحة في الخارج بما يتعلق بالحرف السورية وترويجها.
وتخلل الورشة عرض تجربة الأمانة السورية للتنمية /فردوس /في تطوير الصناعات التقليدية و الخدمات التي تقدمها لمساعدة المستفيدين في تجاوز التحديات التي تواجههم و المتمثلة في تقديم خدمات متكاملة لتطوير المشاريع متناهية الصغر ودعم ريادة الأعمال وتقديم خدمات تطوير وتسويق والترويج للمنتجات والتمويل والإقراض والتحفيز اضافة الى تأسيس شبكة من الخبراء الداعمين المتخصصين لتقديم الدعم و التدريب والاستشارة .
وعرض خلال الورشة فيلم بعنوان الصناعات التقليدية في سورريا أصالة وتطور كما افتتح على هامش الورشة معرض للصناعات التقليدية في فندق الديديمان ضم مشغولات يدوية من الأقمشة والأواني الزجاجية والحلي النسائية والمفروشات لعدد من مستفيدات برنامج فردوس وحرفيي المهن التقليدية و يستمر هذا المعرض لغاية الثالث من شهر كانون الأول القادم.
حضر الورشة معاونو وزيري السياحة والثقافة وعدد من المعنيين في وزارة الإدارة المحلية والصناعة والشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة والتربية والمحافظة والجمعيات الأهلية من حرفيي أسواق المهن اليدوية في المحافظات ورؤساء وأعضاء اتحاد الجمعيات الحرفية واعضاء شعب الصناعات التقليدية في مديريات السياحة.
المصدر: سانا