الفقيد السعيد .. خروف العيد
بقلم / محسن الصفار
اقترب العيد وكالعادة اقتربت معه مصاريفه المخيفة التى تهاجم جيوب الموظفين كما يهاجم الجراد المزارع فيتركها خاوية واثر بعد عين, فبين ملابس الاطفال والحلويات والعيديات يقضي العيد على اخر قرش في جيب صاحبنا سعيد الموظف الذي يواجه هذا العام ازمة من نوع اخر تتمثل في رغبته باداء نذره وذبح خروف في عيد الاضحى, جمع سعيد كل مالديه من راتب وعلاوات ودوام اضافي واستعد لمواجهة العيد عارفا مسبقا انه مغلوب وان وحش العيد سيفترسه من اول لحظة وسيكون كل ماله في خبر كان .
بينما هو في افكاره ارجعه صوت زوجته الى عالم الواقع وهي تقول :
– ايدك ياسعيد
– عايزة ايدي تعملي بيها ايه؟
– انت بتهزر؟ ايدك على الفلوس
– هي فين الفلوس علشان احط ايدي والا رجلي عليها ؟
– لا دا انت رايق بقى ,اديني فلوس علشان عايزة اجيب هدوم للاولاد
-يادي الهدوم اللي مابتخلصش كل يوم هدوم هدوم
اجابته زوجته باستهزاء :
– لا معاك حق ونجيب هدوم ليه ؟ خليهم يروحوا بيت القرايب بالبيجاما ايه رايك؟
– والله مادام فيها توفير مافيش مانع !!!
– انت ياراجل عايز تجنني ؟ ايدك على الف جنيه
– الف جنيه ؟ ليه ؟انتي حتلبسيهم شقة مفروشه؟ انتي مابتسمعيش اخبار ؟ مش شايفة ازمة السيولة العالمية ؟
– لا حاالبسهم عمارة على النيل !!! انت يارجل فاكر ان الالف جنيه لسه فلوس ؟ دي يادوبك تجيب حتتين هدمة للولاد وكمان درجة تانية .
– بس انا كنت عاوز ادبح خروف السنة دي !!
– تدبحه السنة الجاية حيحصل ايه يعني ؟ والا خايف انهيار البورصة يقضى على الاغنام كمان زي ماقضى على السيولة ؟
– خلاص خلاص ادي الالف جنيه وربنا يسهل واقدر اجيب خروف بالباقي
ذهب سعيد الى المحل المخصص لبيع الاغنام واتجه نحو احد تجار الاغنام اللذي كان جالسا على كرسيه وكانه احد الباشوات سلم سعيد عليه وقال :
– السلام عليكم يامعلم لو سمحت عاوز اشتري خروف
– وعليكم السلام, مافيش هنا حاجة اسمها لو سمحت ,هنا فيه لو دفعت !!كل حاجة هنا بالفلوس ياحبيبي !
– طيب عاوز خروف لو دفعت !!!
– عاوزه بلدي والا اجنبي ؟
– وايه الفرق ؟
– البلدي سعره ضعف الاجنبي
– ماشاء الله, الخروف البلدي قدر يتفوق على الاجانب والبني ادم عندنا لسه الاجنبي سعره مليون ضعف البلدي , شوف الامريكي اللي يتقتل بياخدو غرامته بالملايين والعربي ياحبة عيني يتقتل والا حد بيدفع غرامة ولا عشرة دولار حتى , ياريت نتعلم من الخرفان ازاي نحترم ابن البلد ونقدمه على الاجنبي .
نظر تاجر الاغنام الى سعيد بشكل مريب وقال :
– انت جا ي تشتري خروف والا تلبسني تهمة ؟ امريكان مين وعرب مين ؟
– خلاص ياعم ماتزعلش انا طالب القرب منك في خروف واحد يكون على قد حاله زيي كده
نظر اليه تاج الاغنام باستخفاف وقال:
– لا لو كان زيك مايبقاش خروف, ده يبقى يادوبك ديك رومي !!
– الله يكرمك, المهم ارخص خروف عندك بكام ؟
– الف جنيه
– هي ايه حكاية عفريت الالف جنيه اللي راكب الكل النهارده ؟ مراتي عايزة الف جنيه انت عايز الف جنيه !! تكونش الالف جنيه بقت فكة ؟
– والله هو ده الموجود اجيبه ؟
– هات ياسيدي
نادى المعلم على احد صبيانه واشار الى احد الخرفان فذهب الصبي وجلبه وكان خروفا هزيلا نحيفا لاترى عليه اي لحم نظر سعيد الى الخروف وقال :
– ايه ده يامعلم ؟ خروف ده والا عارضة ازياء؟
– عارضة ايه؟ انت بتقول كلام غريب ومش مفهوم ليه ؟ هو ده الخروف عايزه والا لا ؟
– بس ده شبه كلاب الصيد يامعلم لا له لحم ولاعظم ولافروة !! ولا اي من مواصفات الخروف
– هو موديله كده ده خروف اجنبي !!
– والله حتى لو كان السفير الامريكاني شخصيا مايسواش الف جنيه , ده بالسعر ده مش انا اللي حادبح الخروف ده الخروف هو اللي حيدبحني !!! حاستنى للسنة الجاية جايزة سعر الخروف ينزل زي سعر النفط !!
وكل عام وانتم بخير وعيد سعيد على الجميع باذن الله