Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تل الحسكة الأثري درة أثرية بسوريا

الحسكة – نزار حسن … في مركز مدينة الحسكة وفي الجهة الشرقية المطلة على نهر الخابور يقع تل الحسكة الذي تتوضع فوقه عدد من الثكنات والأبنية التي تعود لمرحلة الانتداب الفرنسي. لكن للتل قصة تحكيها الأسبار التي أجرتها البعثة الوطنية واللقى التي اكتشفتها حيث وجدت أن الاستيطان البشري لمركز مدينة الحسكة لا يعود إلى بدايات القرن العشرين الماضية بل تعود للألف الثاني قبل الميلاد وبشكل شبه متصل إلى عصرنا الحاضر.
 

 

وعن أهمية التل و ما يحتويه من لقى أثرية مهمة يقول الدكتور عبد المسيح بغدو رئيس البعثة الوطنية العاملة بالتل.. جاءت فكرة العمل في تل الحسكة عام 1996 عندما قرأت رقيماً مسمارياً تم اكتشافه في تل الشيخ حمد يقول إن الملك الأشوري كيكوزي نورتا الأول في العصر الآشوري الوسيط والحديث بين عامي 1200 حتى 800 قبل الميلاد قد جاء عبر الحملات العسكرية من منطقة آشور حتى وصل إلى منطقة تائيدو وهي موقع تل حمدي شمال تل براك بـ 20 كيلومتراً ثم تابع المسير لمدة يومين باتجاه مكريزي وهو المكان الذي يلتقي فيه نهر الخابور مع نهر الجغجغ ليستريح هناك.

ويكمل بغدو.. يحيط بمركز مدينة الحسكة العديد من التلال الأثرية منها تل مجرجع وتل غرة وتل غويران وتل الحسكة وتل أبو بكر وغيرها ويوجد بين تل الحسكة وملتقى نهر الخابور بالجغجغ حوالي 1700 متر حيث يرجح علماء الآثار ديفد أولس وهارد منغولي أنه من الممكن أن يكون تل بيزاري الذي أشار الرقيم المسماري إليه هو تل مكريزي أو تل الحسكة ومن خلال الأسبار التي أجريت في التل وجدت بعض السويات التي تشير إلى وجود شيء ما يخفيه التل ومن خلال المراسلات تم نقل ملكية التل من ملاك وزارة الدفاع إلى ملكية وزارة الثقافة.

وأكد بغدو أن العمل في تل الحسكة كان ذا هدفين الأول سياحي حيث تم تسوير الموقع لإظهاره بالشكل اللائق وترميم الأبنية الفرنسية التي تعود لفترة الانتداب الفرنسي الموجودة في الموقع بهدف استخدام الأبنية كمركز بحث علمي أو معهد آثار أو محلات لصناعات تقليدية وشعبية ومن بعد الهدف السياحي يأتي الهدف الأثري.

ويضيف بغدو في عام 2007 تسلمنا الموقع وفي العام 2008 حصلنا على الموافقة لبعثة أثرية وطنية وبدأنا على إثر ذلك العمل والتنقيب في الموقع وقد أجري بحث سابق للموقع تبين من خلاله وجود سويات تعود للألف الثاني والثالث والرابع قبل الميلاد ترجع للفترة الآشورية الأولى و الوسيطة إلا أننا بدأنا العمل في الساحة مباشرة ونتيجة كل هذه الأعمال تم اكتشاف كاتدرائية متكاملة تعود للقرن الرابع الميلادي و لكن قبلها تم اكتشاف أساسات لجدران وبعض العمارة تعود للعصر المملوكي و أبنية أيوبية وعثمانية.

أما الكاتدرائية المكتشفة فقد كانت بطول 31 متراً وعرض 18 متراً وتتألف من قسمين صحن الكاتدرائية وقدس الأقداس ويتألف صحن الكاتدرائية من ثلاثة أروقة رواق شمالي ورواق أوسط ورواق جنوبي يفصل بين الرواق الشمالي والأوسط قاعدة لأربع أعمدة وكذلك الأمر بين الأوسط والجنوبي وعلى الجدار الغربي قاعدة لعمودين وفي واجهة قدس الأقداس قواعد لعمودين والأرضيات مصنوعة من الطين المشوي الملون والبناء الخارجي مبني من حجر بازلتي مغموس بالجص وصل ارتفاعه في أحد الأجزاء إلى 210 سم وأحد العمودين المتهدمين نتيجة حدث ما وصل ارتفاعه مع القاعدة إلى قرابة 5 أمتار.

ويرى رئيس البعثة الوطنية أن الكاتدرائية مرت بعدة مراحل كانت البداية في الفترة المسيحية المبكرة أي في القرن الرابع أو الخامس الميلادي واستمرت حتى القرن الحادي عشر الميلادي وتتم دراسة أسباب انهيار هذه الكاتدرائية التي تعود على الأغلب إلى زلزال ضرب المنطقة أو نتيجة خطأ معماري أو ضعف بنية وفي المرحلة المتأخرة من بناء الكاتدرائية يوجد عنصر معماري لم يتم الكشف عنه سابقا وهو تطور عامل البيما وهي عبارة عن مكان دائري لوقوف رجال الدين فيه ويمتد منه طريق بطول أكثر من سبعة أمتار يسمى الشخافون يسلكه رجل الدين ويقوم بإلقاء الموعظة فيه.

وقدس الأقداس يتألف من ثلاث غرف الأولى هي الهيكل أو بيت القدس والثانية هي المعمودية والثالثة هي السكرستية وهي مكان لباس رجال الدين وقد وجد في قدس الأقداس أربعة أعمدة لوضع المائدة المقدسة وفي الجهة الغربية تم الكشف عن معصرة لتحويل العنب إلى نبيذ بالقرب من غرفة السكرستية ويقدر عدد الناس الذين كانوا يجلسون في الكاتدرائية ما بين 650-700 شخص.
 

وفي القطاع الجنوبي من التل وعلى مقربة من الأبنية المحيطة بالساحة والمدخل الرئيسي عثر على قاعة قد تكون للاستقبال أو مركز قد يكون للخوارنة لممارسة بعض الطقوس الدينية كما تم الكشف في الزاوية الجنوبية الغربية عن بئر للماء إضافة إلى كرسي الاعتراف وصندوق الذخائر يوضع فيه رفات شخص قديس و يصب عليها الزيت ليتبارك منه المؤمنون حسب اعتقادهم كما تم اكتشاف ختم لخبز البرشان.

ويختتم بغدو قائلاً : النتيجة المهمة هي تاريخ مدينة الحسكة وما يشاع أنها سكنت في القرن التاسع عشر أو العشرين لكن من خلال العناصر المعمارية واللقى الموجودة في التل من ثكنة عسكرية سورية وقبلها فرنسية وعثمانية والعثور على أساسات سور مملوكية وعمارة أيوبية وكاتدرائية امتدت في الفترة البيزنطية ثم الإسلامية والأموية والعباسية ومن ثم سوية رومانية إذا يمكن القول إن الوجود السكاني في الموقع يمتد حتى القرن الثاني الميلادي وهذا يؤكد استمرار الاستقرار في مدينة الحسكة منذ الفترة الآشورية في الألف الثاني قبل الميلاد و حتى عصرنا الحديث مع وجود بعض الانقطاعات الزمنية لهذا الاستقرار.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله