بقلم / وليد عبدالرحمن
لا يوجد من يمكنه إنكار البطولة التى كانت عليها جماعة الاخوان المسلمين طيلة الثلاثين عاما الماضية والتى عانت فيها الجماعة من الظلم والقهر والغبن والاعتقالات ، ولايمكننا أن ننكر أيضا تحمل الجماعة قمع النظام السابق لاكثر معارضيه وهى جماعة الاخوان التى كان يخشاها النظام احيانا وكان يستخدمها كفزاعة احيانا أخرى .
فى الوقت ذاته لايمكننا أن نغض الطرف عن الكثير من التحالفات التى عقدتها جماعة الاخوان المسلمين مع الحزب الوطنى فى أحيان كثيرة وفى بعضها اثناء الانتخابات البرلمانية فى عدد من الدورات ليس منها دورة 2005 وبالطبع ليس منها دورة 2010 .
ولكن جماعة الاخوان المسلمين لم تستطع أن تقى نفسها من شهوة الانتقام مما وقع على أعضاء الجماعة خلال الثلاثين عاما الماضية ، ولكنها تحركت فى الاتجاه المعاكس فبدلا من الانتقام من النظام السابق وفلوله واتباعه اتجهت الجماعة للانتقام من الشعب المصرى كله كما لوكان الشعب هو الذى يصدر اوامر الاعتقال أو هو الذى أعلنها جماعة محظورة ، رغم إن الشعب المصرى بأكمله كان أكثر تعاطفا مع جماعة الاخوان حتى أكثر من بعض الاعضاء من الجماعة أنفسهم .
ولم يكن تحالف الاخوان أو ما يسمى حزب الحرية والعدالة وحزب الوفد مفاجئة للبعض من المتابعين جيدا لجماعة الاخوان المسلمين وبخاصة إن المصلحة المشتركة بين الحزبين واضحة تماما فى محاولة السيطرة على المجلس وفى الوقت ذاته أن يؤدى كلا منهما دوره فى التغطية على الاخر بحيث يمنح الليبراليين أصواتهم لمرشحى الاخوان والعكس صحيح وهو الامر الذى يصب فى النهاية فى مصلحة الطرفين اللذان كثيرا ما عقدا الاتفاقات مع الحزب الوطنى والنظام السابق والتى كان أخرها تحالف الوفد مع الحزب الوطنى فى انتخابات 2010 والتتى نقدها الحزب الوطنى وأسقط الغالبية العظمى من مرشحى الوفد فى الجولة الاولى وتلاعب بالبقية الباقية منهم فى جولة الاعادة.
ولايمكن للمتابع لتحركات جماعة الاخوان المسلمين منذ ثورة 25 يناير أن يغفل إنها ذات التحركات التى كان يقوم بها الحزب الوطنى من أجل السيطرة على كافة المؤسسات فى مصر من أجل التحكم فى كافة مقدرات الشعب المصرى فى النهاية وهو الامر الذى تنفذه بدقة جماعة الاخوان المسلمين كما لوكان الحزب الوطنى هو المثل الاعلى لها .
وكان المثير للانتباه سريعا تقدم الاخوان لكافة الانتخابات بصورة قوية فى الاندية الرياضية والنقابات المهنية وبالطبع مجلسى الشعب والشورى والمحليات وغيرها من الانتخابات التى ينجحوا من خلالها فى السيطرة على كافة تحركات الشعب وزرع ونشر أفكار الجماعة وضم أكبر عدد ممكن من الشعب المصرى إليها وبالتالى السيطرة على الشعب ، وهى ذات السياسة التى اتبعها من قبل الحزب الوطنى حتى تحول إلى وحش كاسر لايستطيع أحد أن يوقفه حتى قام الشعب بأكمله فى ثورة 25 يناير التى لم يتعلم منها الاخوان شيئا !!.
ولايجب أن ينخدع البعض من عدم وجود أية تصريحات رسمية للجماعة حول السلطة بل وأنهم يؤكدون عدم وجود مرشح رئاسى لهم وهو الامر الذى يجب أن نفطن إلى الخديعة التى تساق عبر تلك التصريحات لانهم سيسيطرون على كافة المؤسسات فى مصر ثم بعدها يسيطرون على الرئاسة أو يكونوا فى غير حاجة اليها لانهم فى ايديهم السلطة بالفعل دون الحاجة إلى الرئيس الذى سيكون الوجهة التى تحسن صورتهم أمام المجتمع المحلى والدولى على السواء.
ولم تكن دعوة الاخوان وإصرارها على عملية عزل أعضاء الحزب الوطنى السابقين لعشر سنوات مثل دعوات باقى القوى السياسية ، وإنما كان الغرض منها إزاحة كل المنافسين الذين من المحتمل أن يحصلوا على مقاعد فى مجلس الشعب على أساس العصبيات القبلية أو العائلية لدورتين تتيح للجماعة السيطرة على الشارع بقوة وبعدها تكون الغلبة لهم بالكامل حتى لو خاض اصحاب العصبيات والعائلات الكبرى الانتخابات .
والامر المحير بالفعل هل يسعى الاخوان إلى أن تقوم ثورة ضدهم مثل مثلهم الاعلى الحزب الوطنى ؟ ، أم أنهم تسيطر عليهم شهوة الانتقام بغض النظر عن الذين ينتقمون منه ؟ ، هل ندعو المجتمع إلى مطاردة فلول الاخوان من الان قبل أن يكونوا فلول النظام ، الاجابات على تلك الاسئلة لا يمكن أن يجيب عنها الا الاخوان والذى يجب أن تكون اجابتهم على أرض الواقع وليس بالاقوال فقط .