بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
اتيحت لي الفرصة لزيارة مدينة شرم الشيخ مدينة »السلام« بعد انقطاع استمر شهورا طويلة لحضور الاحتفال العالمي بتوزيع جوائز التميز السياحي في كل أنشطة هذه الصناعة الواعدة.
٨٤ ساعة أمضيتها في هذه البقعة الرائعة الجمال من أرض مصر التي كان لحرب أكتوبر الفضل في تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي الأغبر واكتشاف كنوزها السياحية وهو ما أتاح الفرصة إلي ضخ عشرات المليارات من الجنيهات استثمارات لاقامة أجمل المنشآت السياحية العالمية.
لم يكن أحد يفكر عندما بدأ هذا العمل الاقتصادي الوطني الجليل ان شرم الشيخ ستصبح درة السياحة المصرية وأن تستقبل وحدها أكثر من ثلث الحركة السياحية الوافدة إلي مصر والذي يمكن ترجمته إلي عائد للاقتصاد القومي يقدر بحوالي خمسة مليارات من الدولارات وفقا لاحصائية عام ٠١٠٢.
> > >
انني اعترف بأن هذه الزيارة التي قمت بها لشرم الشيخ قد أشعرتني بالتفاؤل تجاه صناعة الأمل بعد شهور من الغم واليأس نتيجة الانحسار السياحي الذي شهدته مصر نتيجة عدم الاستقرار وانتشار الفوضي والانفلات الأمني وهي مظاهر سلبية مناهضة للحركة السياحية ونموها. وجدتها فرصة ان اشارك في هذه المناسبة التي قام بتنظيمها الخبير السياحي عماد عزيز رئيس مجموعة سافوي للفنادق مع منظمة جائزة السياحة المتميزة العالمية حيث دُعي إليها ٥٣١ صحفيا من كل انحاء العالم بالاضافة إلي مجموعة من الصحفيين والاعلاميين المصريين .. سعدت جدا عندما قال لي خالد فودة محافظ جنوب سيناء الذي لم يمض في منصبه سوي ما يقرب من شهر فقط ان نسبة الاشغال في فنادق المدينة السياحية الاولي في مصر يتراوح حاليا ما بين ٥٦٪ و٠٧٪ وان الشهور القادمة تبشر بارتفاع هذه النسبة خلال شهور موسم الشتاء بإذن الله.
> > >
من ناحية اخري فإن وزير السياحة منير فخري عبدالنور يستحق التقدير لاهتمامه بعقد المؤتمر الصحفي العالمي حول هذه المناسبة. لقد تحمل الوزير مشاق حضورها حيث قدم من منطقة بورت غالب جنوب الغردقة قبل الحدث بساعات حيث كان يرأس اجتماع هيئة التنمية السياحية ثم استقل السيارة الي الغردقة ومنها بالطائرة الي القاهرة ثم منها إلي شرم الشيخ فورا. ونظرا لانه كان يرتبط برئاسة بعثة الشرف المرافقة لرئيس وزراء اثيوبيا »زيناوي« فقد استقل الطائرة الساعة الواحدة صباحا عائدا إلي القاهرة.
> > >
الحقيقة أن الحدث كان يستحق هذا التعب علي ضوء النتائج المحققة والتي تمثلت فيما نشر بالاعلام العالمي عن شرم الشيخ. التزم بالهدوء والامانة في رده علي اسئلة الصحفيين وهو ما جعلها تتسم بالمصداقية والاقناع. هذا الحماس جعله يتغاضي عن متاعب هذه التنقلات السريعة بدون راحة حيث كان يريد أن يحقق ما يمكن من انجاز للسياحة رغم الظروف الصعبة التي تولي فيها هذه المسئولية، لعله شيء جميل ان لا تدفعه الصدمات المتتالية التي تتعرض لها صناعة الأمل الي اليأس وعدم التفاؤل تجاه امكانية عبور مصر لهذه المحنة التي تهدد ضمن ما تهدد كيانها الاقتصادي.
> > >
إذا ما رجعنا إلي ما دار في المؤتمر الصحفي العالمي اسئلة واجابات فإننا نجد انها تركزت بشكل أساسي حول الأمن والاستقرار باعتبارهما من المتطلبات الرئيسية للتدفق والنمو السياحي، أكد الوزير ان السياح مؤمنين تماما خلال برامج رحلاتهم إلي مصر وان ثورة ٥٢ يناير ومنذ اندلاعها حرصت علي توفير الأمان لهم إلي درجة ان أحدا من السياح لم يصبه سوء خلال الثورة وبعدها. وحول تأثيرات التغييرات السياسية علي صناعة السياحة في مصر خاصة إذا ما اتيحت الفرصة لوصول الاسلاميين إلي الحكم حرص الوزير علي ان يؤكد ان الجميع يدرك أهمية السياحة للاقتصاد القومي وللشعب المصري وان لا أحد علي استعداد حتي من الاسلاميين علي اتخاذ أي اجراء يعطل ما تحققه السياحة من عائد وفرص عمل وما تضيفه الي الناتج القومي. وفيما يتعلق بالاخطار التي تمثلها حيتان البحر الأحمر »الشارك« علي السياحة خاصة بعد الحادثة التي تعرضت لها احدي السائحات جاء رد الوزير وكذلك عماد عزيز ـــ مستضيف المناسبة الدولية لجائزة السياحة ـــ بأن ما حدث كان شيئا نادرا إذا ما قيس مع الذي يجري في الكثير من المناطق الشاطئية في العالم. واشار الوزير إلي ان هناك تشجيعا للاستثمارات السياحية وان هناك شعورا عاما بأن تستعيد السياحة المصرية عافيتها لتعود إلي انطلاقتها التي تميزت بها قبل عام ١١٠٢.
> > >
استطيع أن اقول إن محصلة هذا المؤتمر السياحي العالمي كان ناجحا ومحققا لاهدافه. لا جدال ان استضافة شرم الشيخ لحفل توزيع جوائز التميز السياحي بين دول المحيط الهندي وافريقيا والذي اختارت مصر لاقامته كان وبكل المقاييس لصالح صناعة السياحة المصرية بشكل عام وشرم الشيخ بشكل خاص.
(وللحديث بقية)