بقلم: عبد الناصر عبدالحليم حسن
الباحث في العلوم السياحية والتاريخ
القاهرة "المسلة"… يعتصر القلب ألما ويندى له جبين الأمة و يطأطأ الرأس له و تشمئز منه الانفس و يجعل الطريق قاتما مظلما مسودا كسواد الليل في ظلمته ما نرى في الوطن العربي من احداث مؤسفة تجعل مستقبل صناعة السياحة العربية مظلما غامظا متراجعا يتدهور نحو الهاوية في معظم الدول العربية .
وما نراه من تعاقب الأحداث المؤسفة و الثورات في الوطن العربي خاصة و العالم اجمع و تراكمها بعضها فوق بعض كبحر لجي من العنف و الغضب و سوء الوضع الأمني بسبب زعزعة الاستقرار وكأني أراه يتكاثر يوما بعد يوم و يتدفق و كأنة بحر من الغضب و العنف وعدم الاستقرار الذي أصبح يطغى على الساحة العربية و العالمية واخص بالذكر الشارع العربي الذي نرى فيه خير مثال على تراجع القطاع السياحي وتدهوره إلى أسفل قاع البئر .
مما كان سببا في زيادة استهلاك الطاقات ونهب الخيرات وتشتت الأسر و الجماعات وتدمير الممتلكات و زيادة المديونيات وتفكك الدول والدويلات وزعزعة الأمن والاستقرار و انتشار الجهل و الجوع و الأمراض التي تفتك بالأمة و تدمرها تدميرا. حتى غدت هذه الأحداث و الثورات المتتالية و كأنها الفيروس الذي يهدد العالم والبشرية اجمع ويتوعدها بالمزيد من سوء المنقلب والعنف و الدمار و الويلات و عدم الاستقرار و تردي الوضع الأمني في معظم الدول اذا بقيت على هذا الحال مما حول العالم العربي إلى أشبة ما يكون بساحة حرب وجعله على حافة الهاوية لا قدر الله مما شل حركة الاقتصاد العربي والعالمي وأدى إلى تجميد الخطط و البرامج السياحية المقررة إلى الوطن العربي والبحث عن دول أخرى أكثر استقرارا و أمنا و أمانا و جعل بعض الدول العربية على قائمة الدول السوداء والأشد خطرا وفقرا في العالم نتيجة لعدم الاستقرار الأمني حيث اصبح من الخطورة الذهاب إليها مما أدى إلى تدمير اقتصادها وشفط أموالها وتعطَل شبابها عن العمل والإنتاج وانتشار البطالة والأمراض حتى أصبحت تعد من الدول الفقيرة !!! فماذا استفاد العالم من انحطاط الامة العربية ومن هم الذين يتربصون بالأمة شر متربص !! وأقول كذلك أن النتائج التي لا تحمد عقباها من أحداث العنف والثورات وتردي الوضع الأمني الذي نراه في العالم والوطن العربي خاصة باعتباره قلب العالم كله و روحه و قبلة الأديان السماوية للعالم كله و مفتاح الأمن و السلام العالمي أدت إلى استمرارية تدهور المنتج السياحي وتراجعه عشرات السنين أو يزيد واستهداف محاولة إعدام و قتل التاريخ العربي والحضارة والآثار والإنسان التي تعني كلها انتهاك حرمة السياحة العربية وتدميرها وكذلك انتشار العولمة و الجهل والأمراض والأوبئة وتراجع الأمة إلى الخلف عشرات السنين . ومن هنا أقول ليعرف العالم كله من شرقه إلى غربه و من أدناه إلى أقصاه إن الوطن العربي وطن مستهدف لأنه مفتاح السلام والأمن العالمي وهو المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي كما أراده الله أن يكون لأنه قبلة الأديان وارض الأنبياء و منه انطلق الأنبياء و الرسل للعالم كله لأداء رسالتهم ودعوتهم وهو ارض الرباط وارض المحشر وهو الأرض التي بارك الله بها و حفظها بحفظة ورحمته فمن الطبيعي أن يكون مستهدفا و يتربص به الأعداء شر متربص .
وها نحن أبناء الأمة العربية نحصد المحصول العلقم المر الذي زرعه من يريدون بالأمة الهلاك و الدمار و الانحطاط و يتربصون بها شرا ونرى بأم أعيننا النتائج التي لا تحمد عقباها و التي تجر ورائها ثوب الخيبة و الخزي والعار ابتداء من ارتفاع الأسعار و الغلاء و الفقر ثم الويلات و الدمار و انتشار الجهل و الأمية و انتهاءا بفتح الأبواب على مصراعيها لأعداء السلام و الإنسانية و أعداء الأمة و فتح الطريق للنيل بالأمة و نهب خيرات البلاد والعباد وثرواتها و مقدراتها وخاصة النفطية و الأثرية والزراعية و غيرها من الخيرات و المكتنزات ثم نشر العولمة و إدخال الثقافات التي ليس لها أصل أو مرجع و فتح الباب للعابثين الشامتين الحاسدين الحاقدين المغرضين من العبث بالمقدرات و الثروات و زعزعة الأمن و انتشار الفوضى كما يريدون و أدى هذا كله إلى زيادة مديونيات الدول العربية و شفط رؤوس الأموال و الممتلكات و تدمير اقتصادها و خير مثال على ذلك اليمن الذي أدت الأحداث التي تجرى فيه إلى تعطل الاقتصاد و شلل كلي في صناعة السياحة و زيادة معدلات البطالة و الفقر و الجوع بسبب توقف الشركات السياحية عن العمل و الخسائر المتراكمة في جميع القطاعات السياحية و الاقتصادية مما زاد معدلات الفقر في اليمن إلى (75%) لغاية الآن ناهيك عن انتشار المجاعات و الجرائم و زيادة العاطلين عن العمل والهجرة و التشرد و التفكك الأسري و الهجرة إلى الدول الأخرى بحثا عن الأمن و الأمان و ما حدث و يحدث في سوريا الآن هو مثله كمثل الذي يحدث في اليمن و العراق التي ما زالت تعاني من انهيار الاقتصاد و سرقة الآثار و تردي الوضع الأمني و القتل العشوائي و مصر التي تكبدت الخسائر الفادحة من الأرواح و الممتلكات بسبب تردي الوضع الأمني و تراجع القطاع السياحي فيها بالرغم من اعتبارها من الدول العربية الاولى في الانتعاش السياحي حتى بدأت تتعافى قليلا الآن بعد انتهاء الثورة و ليبيا التي شلَت السياحة فيها و تراجعت و انهار الاقتصاد و زادت المديونية ناهيك عن القتل و النهب و الدمار بسبب الثورات و الوضع الأمني الغير مستقر و هناك الكثير من الدول العربية التي تراجعت السياحة فيها و تدهور اقتصادها بسبب تأثرها بما يجري من أحداث بباقي الدول العربية.
فماذا يريد أعداء الأمة بنا أكثر من هذا الانحطاط !!و من المستفيد من تراجع السياحة و تدهورها في الوطن العربي و لماذا !!! وبالرغم مما يجري للأمة العربية من ويلات و ماسي و ما تعيشه الأمة الآن من انحطاط وهبوط لم أرى مثله من قبل إلا أنني أرى كما يرى الكثير من أبناء الأمة المؤمنون بالله أرى نور ساطع سيعيد الأمة إلى مجدها و عزها كما ارادها اللة تعالى .واني على يقين قاطع جازم لا لبس فيه أن هذه الأمة العظيمة ستنهض كما أرادها الله أن تكون (ليستخلفهم في الأرض و يجعلهم الوارثون) وكأني أرى بريق الأمل و النور الساطع و هو يشع على قلوب المخلصين المؤمنين من هذه الأمة العظيمة و إنا على يقين بأن السياحة في الوطن العربي ستعود إلى مجدها لتواصل إكمال أداء الرسالة الربانية ولا يمكن أن تموت أبدا …
نعم قد تتراجع بفعل بعض الأحداث التي تجري و قد تمرض و لكنها ستتعافى بعدها و تعود أفضل مما كانت علية و السبب أن السياحة في هذا الوطن خلقت لتبقى ما دامت الحياة كما أراده الله لأنها تؤدي رسالة عظيمة متسلسلة عبر الأجيال و القرون من الأمم السابقة إلى الأمم اللاحقة و هي قائمة خلقت منذ ألاف السنين مع الطبيعة الربانية التي أكرمنا الله بها و مع وجود الأديان السماوية التي جعلت المؤمنين هم الذين يرثون الأرض و من عليها قال تعالى (كنتم خير امة أخرجت للناس ) (فنحن خير الأمم إذا تمسكنا بحبل الله المتين ) و السياحة جاءت من رحم الأمة و مع روح التاريخ و التراث و الآثار و الثقافة و الجغرافيا لأنها تؤدي رسالة ربانية و تكمل بعضها بعضا لتكون آية و عبرة للناس و السياحة خلقت مع بداية خلق الله البشرية منذ أن خلق ادم علية السلام و لن تموت حتى تنتهي الحياة و تقوم الساعة . و ليست السياحة كما يفسرها و يفهمها الكثيرون حسب أهوائهم .
ولكن نرجو الله العلي القدير أن لا تطول هذه الفترة التي قد نراها مظلمة ولكني أرى الضوء و النور يسطع من أحشائها و يلتف حولها ولعلها تكون هذه مرحلة من مراحل الصحوة و التصحيح و الإصلاح و الرجوع إلى الله و الانتقال الايجابي نحو الأمام و التغيير الجذري للكثير من السياسات و السلوكيات الهابطة التي جعلت الأمة تصل إلى هذا المستوى المنحط و المتدني و الهابط و المخزي بين دول العالم لعلنا نقوم بمراجعة السياسات و الخطط و الأهداف و المناهج و الرؤيا نحو مستقبل الأمة العربية .
ومن هنا نقول لا بد من نهضة شاملة و متكاملة و يقظة و صحوة عامة لأبناء الأمة لان أعدائنا يتربصون بنا شر متربص و لأن الوطن العربي مستهدف لأنه قلب العالم كله و أمنة و استقراره و هو وطن واحد لا يتجزأ أبدا حتى و أن تقاسمه الأعداء و إذا تراجعت صناعة السياحة فيه و تدهورت فإنها تؤثر على العالم كله و ما يجري في شرقه أو غربه يؤثر على باقي الدول الأخرى و هو كالجسد الواحد إذا اشتكى منة عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .