بقلم د. عبد الرحيم ريحان
مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى
روعة العمارة الإسلامية فى منازل الواحات
ارتبطت العمارة الإسلامية بتعاليم الدين وكان الفقه الإسلامى من أهم العوامل التى أثرت فى تخطيط منشئاتها الدينية والمدنية والدفاعية ونتيجة التفاعل بين الإنسان بتقاليده وفنونه مع ظروف البيئة المتنوعة حوله تكشفت لنا الجوانب الحضارية المختلفة للمجتمع الإسلامى ومن هذا المنطلق كانت الدراسة العلمية للدكتور سعد عبد الكريم شهاب المدير العام بمنطقة آثار سوهاج والذى تجول فى صحراء مصر ليكشف لنا أنماط المنازل التراثية فى العمارة التقليدية بواحات صحراء مصر الغربية .
حرمة المنازل الإسلامية
يشير د. سعد عبد الكريم إلى حرص المسلمين فى تخطيط منازلهم على حقوق الجار ومراعاة الخصوصية فى توزيع وحدات المنزل بما يتفق والحرص على حرمة المنزل وساكنيه خاصة من النساء مما يؤكد مكانة المرأة فى الإسلام ، ونظراً لما يسود معظم أجزاء العالم الإسلامى وخاصة فى المناطق الصحراوية من ارتفاع درجة الحرارة فقد اهتمت العمارة التقليدية بمراعاة ذلك بتوفير الظل عن طريق ضيق الطرق وكثرة انحناءاتها وتغطية بعض أجزاء هذه الطرق بما يعرف بالساباط وتوجيهها لهذه الطرق بما يتفق مع حركة الشمس الظاهرية مع احترام المبانى لخطوط التنظيم المحددة لعرض الطرق التى تطل عليها ، ولتأكيد حرمة المنزل واحترام من بداخله مع مراعاة الضروريات الصحية من إدخال الشمس والهواء للمنزل كان تخطيط المنزل وتوجيه عناصره المعمارية إلى الداخل يتمثل فى فناء وساحة وسطى أو فناء علوى مكشوف تطل عليه الوحدات الداخلية وبذلك يتم توزيع الضوء والهواء على تلك الوحدات أى علاقة المنزل بالشارع شبه مغلقة
العمارة التقليدية
وعن العمارة التقليدية كمصطلح يوضح د. سعد أنها تعنى المبانى التى أنشئت وفقاً للتقاليد المعمارية المحلية قبل استخدام أساليب ومواد الإنشاء الحديثة التى غزت مناطق العالم الإسلامى كما أن هذه العمارة تعطى صورة متكاملة عن الحلول المعمارية الجيدة التى تعكس ظروف البيئة المحلية والواقع الحضارى كما أنها تتوافق مع احتياجات الفرد الروحية والمادية واحتياجات المجتمع أيضاً من حيث عاداته وتقاليده المحلية المتوارثة والمحافظة على سماتها وملامحها عبر العصوروقد تناول البحث دراسة أنماط من العمارة التقليدية المدنية متمثلة فى منازل الواحات الداخلة فى بلدتى القصر وبلاط وفى منازل واحة سيوه ببلدة شالى (سيوة القديمة) وكانت مادة إنشاء هذه المنازل من الطين أو الطوب اللبن أو الحجر وكان لتميز منطقة الواحات بطبيعة رسوبية خصبة فقد تم استغلال هذه التكوينات الرسوبية فى إقامة منشئات بتشكيلها فى صورة قوالب من اللبن (الطين) واستخدموه كمادة بناء أساسية .
تخطيط المنازل الإسلامية
أوضحت الدراسة أن منازل بلدة بلاط تميزت بصغر مساحتها وعدم احتوائها على فناء داخلى حيث استعيض عنه بفناء علوى فى الطابق الأول لإمداد المنزل بالضوء والهواء وارتفاع هذه المنازل لا يزيد عن طابقين ويعلوها داير يلتف حول السطح واشتملت نسبة كبيرة من هذه المنازل على أكثر من درج صاعد وذلك للفصل قدر الإمكان بين وحدات المنزل وخاصة حجرة استقبال الضيوف ، بينما تميزت المنازل ببلدة القصر بكبر مساحتها وارتفاعها من ثلاثة طوابق وأحياناً أربعة ويعلوها داير وتحتوى على فناء مكشوف كان له الأهمية فى توجيه هذه المنازل إلى الداخل مما يحافظ على خصوصية المنزل ، أما بالنسبة للمنازل فى بلدة شالى فقد تميزت ببساطتها وصغر مساحتها وارتفاعها الذى لا يزيد عن طابقين وأوضحت الدراسة أن هذه المنازل الإسلامية تتميز بمستوى أرضى يتضمن المضيفة وبعض الحواصل وكان هذا المستوى يخلو من الفناء المكشوف حيث يستمد الإضاءة والتهوية من منور السلم كما يضم هذا المستوى حظيرة للحيوانات خصص لها باب يفتح على الشارع حيث تعتبر فى حكم المنفصلة عن المنزل أما الطابق الأول فيضم غالباً حجرات المعيشة والمطبخ ودورات المياه والفناء العلوى بينما الطابق الثانى يمثل السطح الذى يلتف حوله داير ارتفاعه من 1 إلى 1.5م وكان يستخدم للأغراض المنزلية والنوم صيفاً شأن ما عليه الآن فى بلدان الواحات جميعها .