بقلم / اشرف الجداوى
"الان يجب ان نعمل جاهدين لتخليص المصريين من المصريين " كلمة حق قالها السياسى الكبير الوطنى " مكرم عبيد " هاجم فيها ادارة رئيس الوزراء للبلاد " النحاس باشا" فى كتابه الاسود فى منتصف الاربعينيات من القرن الماضى ، وكان نشر هذا الكتاب فضيحة مدوية للحكومة المصرية فى حينه .
واليوم اجدنى فى خندق الاضطرار وعلى ان استخدم تلك العبارة البليغة ليس اعجابا بها فقط ، ولكنها بالضبط وصف حال لما تمر به مصر اليوم وهى "على شفأ جرف هارى" .. بعد ان اصبت بالملل والاحباط وصرت فى حيرة ومتاهة من العبث لانى لم اجد حتى الان بعد مرور اكثر من خمسة اشهر على اندلاع ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير اجابة شافية لتساؤل طاف بذهنى ويطوف بأذهان غيرى وهم كثر الى اين تسير مصر ..؟!
ميدان التحرير يسقط حكومة ويأتى بأخرى ويهدد ويتوعد ويلوح ويمنع ويوصم من يختلف معه بالكلام او المقال اوحتى الاشارة بأنه من الفلول والثورة المضادة وعملاء النظام البائد الذى سقط ..!
وبعد ان اختار الميدان بالاجماع الدكتور" عصام شرف" ليقود المرحلة واستمد شرعيته من الميدان كما سبق ان صرح ، صار الدكتور شرف عبء على الميدان ولايصلح ان يقود وهتفوا بضرورة تغييره ، ليأتى اخر من الميدان ايضا ، وعلى المجلس العسكرى بقيادة المشير "طنطاوى " ان يستجيب للمطالب الثورية والا فليرحل اذن الى ثكناته ولا شأن له بالثورة فهى لاهلها بالميدان المجيد ، لانه سقط ايضا وفشل فى ادارة حكم البلاد كما كتب وقال ميدان التحرير .
ولاصوت يعلو فوق صوت الميدان وعلى الجميع ان ينصت لمطالبه ولايعترض او تبدر منه اشارة تذمر فهو المفكر الاوحد ، والحكيم الاعلى والبطل والشهيد والمنقذ لشعب مصر من الهلاك والضياع بعد 30 عاما من معتقل " مبارك" وسجانه "العادلى" … ومن ثم على الجميع ان يخضع ويخشع ويسجد ويقول" آمين " آمنا بميدان التحرير وكل اللعن على فرعون موسى .
وماذا بعد يا دكتور شرف ايها الخلوق ومنصبك الرفيع والمقدر من الله عز وجل والاختبار الالهى لشخصك لتحمل فوق كاهلك هموم وطن واحلامه بعد ان انكشفت الغمة وزالت بلارجعة وتعبر به من "بارليف الظلم " وتمحو ضلالات التوريث من فوق جبين تاريخ مصر والمصريين .. ولكن الميدان بعد اقل من 3 اشهر قرر انك يا شرف مثل المنبت "لاارضا قطع ولا ظهرا ابقى" وعليه يجب ان ترحل اليوم وليس غدا كما هتف الميدان مؤخرا ..! ويتبادر الى الذهن بقوة اكثر من سؤال لرئيس الوزراء … هل لديك القدرة ان تتحمل يا دكتور شرف المسئولية والى متى ..؟! وهل بهذا الكم من الخنوع والانصياع غير المبرر لمطالب الميدان تستطيع ان تعبر بمصر الى بر الامانة فى ظل حالة الفزع الثورى التى تلبست الميدان ..؟!
والى متى تنصاع لخيالات ميدان التحرير الذى بات يحكم ويتحكم فى مقدرات 88 مليون من ابناء ارض مصر الطيبين ..!
وماذا عنك ايها المجلس الاعلى آبيت بكل كبرياء وعزة وشموخ العسكرية المصرية ان تنحاز للرئيس المخلوع والمتنحى ،وكان الاعلان التاريخى بانحيازك للشعب المصرى دون تردد ..تحملت بكل اخلاص الجندية المصرية ومازالت تتحمل مقدرات امن وحماية وطن من الداخل والخارج ، بعد ان فقد الوطن امنه وامانه مع انهيار النظام السابق ، وكأنه عز عليه الا ينزع من ملكه الا بسقوط الوطن فى دوائر المجهول والرعب والفزع المطبق .. واليوم يتجرأ الميدان ويزايد على دورك ويوصمك بما ليس فيك وبخيانة الثورة وحمايتك للرئيس المخلوع من المحاكمة وكذا وكذا وكذا ……………..وعليك ان تغادر الميدان وتترك الثورة لاهلها فقد انتهى الدرس يا مجلس ..؟!
والخلاصة يا سادة ان الميدان انتهى الى قراره وهو " سيد قراره " ولا راد لقراراته الثورية وعليه سوف يحكمنا الميدان بعد ان اصدر حكمه بفشل كلامن الدكتور شرف والمجلس الاعلى للقوات المسلحة فى العبور بالبلاد من نظام فاسد خلع بأرادة الميدان الى افاق الديمقراطية الرحبة التى ترحب برأى الميدان ولاترحب برأى آخر لانه " ليس من اهله وعملا غيرصالح" … واعود مرة اخرى لكلمة القطب الوفدى الكبير مكرم عبيد "الان يجب ان نعمل جاهدين لتخليص المصريين من المصريين " .. ولطرح السؤال المهم فى الوقت الصعب من يخلص المصريين من المصريين ..؟!