بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
القلق والتطورات والهزات المتتالية التي تتعرض لها السياحة »صناعة الامل في مصر« هذه الايام تدعوني إلي الشعور بالاسي والشفقة علي المستثمرين في هذا المجال وكل العاملين الذين اصبحت حياتهم المعيشية علي كف عفريت.. ومن الطبيعي ان يسود هذا الشعور كل المحبين لمصر والمتطلعين لازدهارها اقتصاديا واجتماعيا وطبعا في المقدمة منير فخري عبدالنور وزير السياحة الذي يستحق الشفقة لما ناله من احباط.. انه وكلما ظهرت تباشير تعافي الحركة السياحية وبدء عودة التدفق السياحي.. يفاجأ بأحداث الاعتصامات وتعطيل الطرق والمواصلات واطلاق التهديدات وكلها امور تثير رعب وخوف السياح الذين يسعون إلي الراحة والاستمتاع بمقومات مصر السياحية.
>>>
حملات دعاية في الاسواق الخارجية وفي السوق العربي تحمل رسائل الطمأنينة للسياح .. ولكن لا تمر ايام قليلة إلا وتمتلأ اجهزة الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب بانباء عن اعمال يراها قطاع من المصريين امتداداً لثورتهم بينما يري فيها السياح عامل تطفيش لهم في اتجاه أماكن اخري اكثر امنا وبعدا عن الاضطرابات.
ان هذا الذي يحدث يقودني إلي تبادل الاحاديث مع الكثير من العاملين في المشروعات السياحية والفندقية. ان ما يقولونه لي يعكس وجهة نظر اكثر من ٥.٢ مليون من الشباب الذين يعملون في هذا المجال بكل انشطته المباشرة بالاضافة الي ملايين أخري تعيش من السياحة بطرق غير مباشرة. ان ما يحصلون عليه في مقابل الاعمال التي يقومون بها تعد المورد الوحيد لهم للانفاق علي اسرهم التي يقدر عدد افرادها بستة ملايين مواطن واكثر. انهم يكادون يبكون وهم يتحدثون عن انقطاع ارزاقهم نتيجة لانحسار حركة السياحة والتي تفقد كل يوم فرصة عبور ازمتها.
ان الكثيرين منهم اصبحوا مهددين بفقدان وظائفهم واعمالهم وان معظمهم يحصلون حاليا علي نصف أو جزء من مرتباتهم واجورهم بعد تدهور الاوضاع الاقتصادية للمشروعات التي يعملون بها.
>>>
استطيع ان اقول ان كل العاملين بالسياحة مع الثورة ومع التغيير والاصلاح وكل ما يرجونه هو ان تكون هناك مراعاة لمصالحهم التي هي في نفس الوقت مصلحة الوطن الذي فقد دخلا يقدر بـ ٢١ مليار جنيه كانت تحققها صناعة السياحة في مصر. انهم يرون ومعهم كل المسئولين عن صناعة السياحة سواء قطاعا رسميا أو خاصا انهم اصبحوا في »حيص بيص« لا يدرون شيئا عما سوف تتطور اليه الامور . انهم وعلي ضوء الاعمال غير المسئولة التي لا تضع في اعتبارها مصالح الملايين من المتطلعين إلي لقمة عيش شريفة من كد عرقهم وعملهم.. ان كل ما يتمنونه هو ان يكون هناك ادراك واحساس حقيقيان بالخطر الذي يهدد معيشة الناس والكيان الاقتصادي لمصر.
>>>
رغم هذا الواقع الاليم الذي تعيشه صناعة الامل في مصر فان هناك أملا في أن تنقشع غمة القلق ويعود من يثيرون قلق المجتمع المصري.. وبالتالي يهزون اركان هذه الصناعة إلي رشدهم والي العقل ويعملون علي ان تستقر الامور كي يشعر الجميع بالامان.
ان الشعب كله دعم وساند الثورة ورحب بنجاحها في اسقاط النظام.. ولكن هذا لا يعني من وجهة نظر عشرات الملايين ـ ومنهم الذين يسترزقون من صناعة السياحة ـ العمل المتعمد علي تعطيل واصابة اجهزة الدولة بالخلل واعطاء صورة سيئة عن الاوضاع في مصر بما يؤدي إلي تخويف محبيها من الزوار..
علينا ان نجعل من الثورة وقوداً لانطلاق مصر في كل المجالات والتصدي بكل قوة لكل من يسعي لتعطيل مسيرة اعادة بنائها وازدهار اقتصادها.
وباعتبار ان السياحة من الركائز الاساسية لهذا الاقتصاد فانه يجب ان تتضافر جهودنا من اجل المحافظة علي مكانة مصر السياحية واشعار زوارها بانها كانت ومازالت واحة للامن والامان.
>>>
لقد سقط النظام وولّي وحان الوقت لأن نقف جميعا صفا واحدا من اجل أن تكون مصر في احسن صورها امام العالم . علينا ان نعمل جميعا علي اغتنام الفرصة كي نجعل مصر اكثر اجتذابا لمن يتطلعون إلي زيارتها ومشاهدة معالمها والاستمتاع بكل شيء جميل فيها. كلنا مطالبون باثبات اننا نحب مصر.. وهذا لا يتأتي إلا اذا عملنا جميعا وآمنا بأهمية العمل علي ان تكون آمنة ومستقرة.