القاهرة " المسلة " … أجلت محكمة جنايات القاهرة الاثنين محاكمة كل من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، ويوسف بطرس غالي وزير المالية السابق (هارب)، ورجل الأعمال الألماني هيلمنت جنج بولس الممثل القانوني لشركة أوتش الألمانية (هارب) لجلسة الثلاثاء، وذلك في قضية اتهامهم بإهدار 92 مليون جنيه من أموال الدولة، بإسناد إنتاج اللوحات المعدنية للسيارات لشركة ألمانية بالأمر المباشر وبأسعار تزيد عن السعر السوقي، وذلك بغرض تربيحها على نحو يمثل مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.
واستمعت المحكمة بجلسة اليوم إلى أمينة غانم المستشارة بوزارة المالية، والتي أكدت أن غالى كان قد سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 2007 لحضور مؤتمر صندوق النقد الدولي وطلب إلى سكرتير السفارة المصرية بأمريكا ترشيح شركة أمريكية لتوريد اللوحات المعدنية الخاصة بأرقام المركبات إلى مصر، وانه بالفعل تم ترشيح إحدى الشركات غير أن وزير المالية اكتشف عدم وجود سابق خبرة لها فى إنتاج لوحات المركبات بمنطقة الشرق الاوسط، فتم ترشيح شركة (أوتش) الالمانية التى لها سابقة تعاملات بمنطقة الشرق الأوسط.
وأضافت الشاهدة أن غالي وافق على تحديد موعد مع مندوب مبيعات شركة أوتش لمقابلته بالقاهرة في حضور اللواء شريف جمعه مساعد وزير الداخلية السابق لقطاع الشرطة المتخصصة، وأحمد شريف صادق رئيس مصلحة سك العملة، وذلك لعرض نماذج للوحات التى تنتجها تلك الشركة.
ونفت الشاهدة معرفتها بوجود ثمة علاقة من أي نوع بين شركة أوتش وبين المتهم يوسف بطرس غالى، مشيرة إلى أن ممثل الشركة الالمانية قام بعرض اللوحات وخصائصها التأمينية باللغة الانجليزية وقام (غالي) بترجمة تلك الخصائص باللغة العربية للواء شريف جمعة.
وأكدت الشاهدة أمينة غانم المستشارة بوزارة المالية أنها ليست مسئولة عن توقيع ذلك العقد المبرم مع الشركة الالمانية أو وضع شروطه، مشيرة إلى أن وزير المالية السابق تعاقد بالأمر المباشر مع شركة أوتش في ضوء "المزايا المتعددة التي حملها العرض المقدم منها"، لافتة إلى أن اللواء شريف جمعه هو من حدد خصائص اللوحة المعدنية المطلوبة والاشتراطات الفنية بها من حيث اللون والحجم ونوع الخط.
وقالت الشاهدة إن الاجتماع الذى دار مع مسئول شركة أوتش الالمانية لم يتناول أي مناقشة للأسعار، لأن الشركة أرسلت بريدا اليكترونيا لها بالأسعار التى قامت بعرضها على وزير المالية ولم يطلب منها (غالي) مقارنة تلك الأسعار بأي أسعار أخرى.
وأضافت أن مكتب وزير المالية أحضر "خطاطا" بمعرفته لرسم الحروف والأرقام التي ستوضع على تلك اللوحات، وقاموا بإرسالها إلى الشركة الألمانية بعد قيام غالى بتصميم تلك اللوحات بنفسه.
كما استمعت المحكمة إلى أقوال أحمد شريف صادق رئيس مصلحة سك العملة الذي شهد بأن التعاقد مع الشركة الألمانية تم من خلال مذكرة بالأمر المباشر من وزيري المالية والداخلية إلى رئيس مجلس الوزراء.وقال إن وزير المالية السابق (الهارب) كلفه بالتفاوض مع شركة أوتش الألمانية، ونفى أن يكون أي ممثل للشركة قد تحدث عن عروض بشأن الأسعار فى حضوره.
وأضاف أن هذا الاجتماع الذى حدده غالي مع ممثل شركة أوتش شهده اللواء شريف جمعه، مشيرا إلى أن انه لم يتطرق أحد إلى المواصفات التأمينية، وأن ممثل الشركة كان يتحدث باللغة الانجليزية ولم يكن هناك مترجم، وبرر الشاهد سفره إلى ألمانيا، وذلك لزيارة شركة أوتش ومعاينة عينات من اللوحات المعدنية التي تنتجها وتم التعاقد عليها.
وكانت نيابة الأموال العامة العليا برئاسة المستشار علي الهواري المحامي العام الأول للنيابة قد نسبت إلى المتهمين الأربعة عدة تهم تتعلق بالتربح للنفس والغير دون وجه حق وتربيح الغير وتسهيل الاستيلاء المتعمد على المال العام والإضرار بأموال المواطنين وجريمة تحصيل أموال دون وجه حق من المواطنين.
وكشفت تحقيقات النيابة عن قيام المتهمين نظيف وغالي والعادلي بتربيح المتهم الألماني هيلمنت دون وجه حق، بأن أعد الأخير للوزيرين غالي والعادلي مذكرة تقدم إلى نظيف بطلب اسناد توريد اللوحات المعدنية الخاصة بأرقام المركبات بالأمر المباشر للشركة الألمانية أوتش والتي يمتلكها المتهم الألماني بمبلغ 22 مليون يورو، أي ما يوازي 176 مليون جنيه مصري.
وأشارت التحقيقات إلى أن رئيس الوزراء الأسبق نظيف وافق بالمخالفة للقانون ودون وجه حق على تلك الصفقة، على الرغم من عدم توافر أي حالة حالات الضرورة التي نص عليها القانون للتعاقد مع تلك الشركة بالأمر المباشر ودون الحصول على أفضل عروض الأسعار من شركات مختلفة وصولا إلى أفضل سعر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.
وذكرت التحقيقات أن وزير المالية السابق يوسف غالي قام منفردا بإعطاء أعمال توريد أخرى لتلك الشركة بالأمر المباشر ودون إجراء مفاضلة بين شركات متعددة أو الحصول على موافقة من رئيس الوزراء، بما يشكل مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.
كما تبين أن المتهمين الثلاثة نظيف والعادلي وغالي أضروا عمدا بأموال المواطنين طالبي ترخيص السيارات بأن قاموا بتحميلهم ثمن اللوحات المعدنية المغالي في أسعارها بالإضافة إلى مبلغ التأمين، على الرغم من أن هذه اللوحات مملوكة للدولة وليست لأصحاب السيارات، ورغم ذلك حملوا المواطنين ثمن هذه اللوحات.
وكانت النيابة قد شكلت لجنة فنية من أساتذة كلية الهندسة بجامعة عين شمس والكسب غير المشروع والتوجيه القياسي (الهيئة العامة للمواصفات والجودة) واستمعت إلى أقوال هذه اللجنة والتي انتهت في رأيها الفني إلى أن أسعار اللوحات المعدنية للسيارات التي تم التعاقد بشأنها مع شركة أوتش الألمانية، هي أسعار مبالغ فيها وأن أثمانها تزيد عن أسعار السوق بمقدار 92 مليون جنيه.