بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
وهكذا شاءت الاقدار أن تكون السياحة المصرية.. صناعة الامل ضحية للاحداث المتتالية التي تتقاذفها وتحرمنا من عوائدها الاقتصادية.. والاجتماعية.. ان حياة أو موت هذه الصناعة أصبح مرهونا بما يشهده الشارع المصري من مفاجآت غير سارة وغير مسئولة.. ان مسلسل العنف والبلطجة والفوضي والتسيب تحول إلي ظاهرة ـ مرضية متواصلة ـ وهو ما يؤدي إلي انعكاسات علي السياحة وعلي الانشطة الاقتصادية للوطن والحياة اليومية للمواطن الذي يسعي إلي لقمة عيش شريفة وكريمة.
وعلي هامش هذا المسلسل فإن معاملات البورصة المصرية اصبحت زبونة في قائمة ضحايا ما يجري من احداث منذ قيام الثورة.
ان الضربات التي تلقتها الواحدة تلو الاخري منذ قيام الثورة لم تكن مرتبطة بالثورة ذاتها ولكن باحداث العنف ايا كانت وما تؤدي إليه من شعور بعدم الراحة أو الاستقرار وهو ما يولد عدم الامان.
> > >
في ظل هذا الجو المشحون والذي يتسم بالتوتر في نظر العالم الخارجي كان من الطبيعي ان يكون مبررا لاي سائح اجنبي أو عربي لان يفكر مرة ومرتين قبل الاقدام علي السفر إلي مصر. واتضحت هذه الصورة جلية منذ بداية احداث الثورة رغم سلميتها وتميزها بتأمين حياة ضيوفها بشكل عام. ليس تجاوزا القول بان حركة السياحة قد تراجعت بصورة حادة وان متوسط عدد السياح ما بعد الثورة وحتي الآن تراوح ما بين ٥١٪ و٥٢٪.. ان معني هذا الرقم هو اننا في طريقنا إلي فقدان ما يقرب من ٠٦٪ من عائدنا السياحي الذي قدر في عام ٠١٠٢ بـ ٢١ مليار دولار، وكان متوقعا ان يتجاوز الـ ٥١ مليار دولار في عام ١١٠٢ لو كانت الاوضاع مهيأة لاستقبال التدفق السياحي.
> > >
ان ما يحدث في مصر وأدي إلي هذا الانحسار السياحي كان يمكن تجنبه لو أن الامور تهيأت لسرعة عودة الهدوء والحياة الآمنة. ليس معني ما أقول أن يمتد هذا الهدوء ايضا إلي الجدل السياسي الذي يستهدف اقامة نظام ديمقراطي حر وسليم يعمل علي توفير المتطلبات اللازمة التي تضمن ألا تكون هناك ديكتاتورية ولا مخططات لعودتها.
ان تقدم الوطن والالتزام بالحقوق والواجبات واحترام سيادة القانون يجب ان يكون السائد مستقبلا. اذا ما تحقق هذا الانجاز وبالسرعة اللازمة فلا جدال انه سوف يساهم في ارساء المناخ المناسب لعودة الحركة السياحية بصورة أعظم عما كانت عليه قبل الثورة.
> > >
من ناحية أخري ووسط حالة الاحباط واليأس التي تسود السوق السياحي نتيجة المعاناة من الكساد والصدمات التي لا تتوقف كان ضروريا التفكير فيما يؤدي إلي التخفيف من الأزمة بأي شكل من الاشكال.
انه ورغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعكس آثارها علي افراد المجتمع فانه لا سبيل سوي فتح الباب امام مساهمة المواطن المصري في عملية التنشيط السياحي من خلال تنظيم الرحلات الداخلية لقضاء الاجازات وعمل برامج باسعار معقولة يقدر عليها لإغرائه بالمشاركة فيها.
من المؤكد ان تعظيم السياحة الداخلية هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة ليس لتحقيق ايرادات وأرباح في هذه المرحلة الصعبة وإنما أجدها الوسيلة الوحيدة للإبقاء علي المنشآت السياحية دون إغلاق ابوابها.
> > >
بالطبع فانه ووفقا للامكانات المادية المتوافرة فان الذي يمكن ان يستفيد من تنظيم هذه البرامج السياحية هي فنادق الاربع والثلاث نجوم والنجمتين نظرا للمقومات التي تمتلكها اصلا من ناحية مرونة الاسعار. المشكلة الحقيقية هي فنادق الخمس نجوم وما فوقها. ان الفرصة التي يمكن ان تكون متاحة امام هذه الفنادق في هذه الضائقة هو الاعتماد علي القليل من رجال واصحاب الاعمال الوافدين إلي مصر والمرتبطين بمصالح فيها.
حقيقة.. ان ما يجري كارثة بكل المقاييس لصناعة السياحة