وكان الاجتماع الـ 35 للجنة التراث العالمي باليونسكو والمنعقد حاليا في باريس ويختتم غدا بمشاركة الدول الأعضاء في اللجنة قد أجمع على أحقية إدراج المنظمة لهذه المدينة العريقة التي حافظت على مستوى عال من الأصالة بالرغم من خطوات التطور السريعة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة .
وقد ترأس وفد الدولة إلى اجتماعات اليونسكو محمد خميس المهيري مدير عام المجلس الوطني للسياحة والآثار وضم عددا من الخبراء والمختصين في الإمارات وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ممثلة بالدكتور سامي المصري نائب المدير العام للهيئة لشؤون الثقافة والفنون والتراث .
يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تسعى لحث دول العالم على تحديد المواقع التراثية الثقافية والطبيعية في كل منها وحمايتها والحفاظ عليها كونها تمثل قيمة كبيرة للبشرية وقد تجسد ذلك في معاهدة دولية أطلق عليها اسم "اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي" والتي تبنتها المنظمة عام 1972.
وأكد الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بهذه المناسبة أن مدينة العين ما زالت تحافظ على صفاتها المحلية من المنظور العمراني ويعود الفضل الأول في ذلك إلى رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي أصدر مجموعة من القوانين واللوائح التي تضمن محافظة المدينة على أصالتها وكمالها وسحرها التراثي .
من جهته قال محمد خلف المزروعي مستشار الثقافة والتراث في ديوان ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن المواقع الأثرية والمباني التاريخية والمناطق الطبيعية في مدينة العين لا تزال تحافظ على قيمتها الثقافية وكمالها ومحيطها ونسيجها العمراني الأصلي مشيرا إلى انه ومنذ تأسيس الهيئة في أكتوبر 2005 تم جرد المواقع الثقافية والمحافظة عليها وترميمها من خلال استراتيجية تعتمد أحدث المنهجيات ووسائل التكنولوجيا المعتمدة دوليا .
وأشار إلى تواصل أعمال المحافظة على العديد من الحصون والأماكن التاريخية ومنها مسجد وقلعة الجاهلي وبيت بن هادي في واحة هيلي والعشرات غيرها من المواقع الأثرية والمباني التاريخية كما تجري أعمال إعادة إحياء الاستخدامات الأصلية للمباني وتخصيصها للأغراض التي أنشئت لها أساسا مثل السوق التقليدي القديم في القطارة وفي نفس الوقت استخدامها لأغراض جديدة بهدف دمج هذه المباني في البنية الحية للمدينة وبالتالي ضمان المحافظة عليها لزمن طويل .
وأكد المزروعي أنه على المستوى الاجتماعي فإن العين منطقة يحافظ سكانها لدرجة كبيرة على العادات والتقاليد الاجتماعية القديمة ويواصلون ممارستهم لهذه العادات والتقاليد بنفس الطريقة المتبعة على مدى أجيال سابقة مدللا على ذلك باحتفالات الزفاف والضيافة البدوية والصقارة وسباقات الهجن والحرف اليدوية وغيرها .
وتوجه مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بالتهنئة والتقدير للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان متطلعا للعديد من الإنجازات القادمة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بما يصب في خدمة الدولة ويؤكد وصولها لمصاف أرقى دول العالم التي لا يحول تطورها المتسارع من المحافظة على تراثها والعمل على صونه بشتى السبل والوسائل . كما ثمن المزروعي الجهود التنسيقية المميزة التي بذلها المجلس الوطني للسياحة والآثار وتعاون كافة الجهات المعنية وما أبدته الدول العربية من دعم ملحوظ لترشيح مدينة العين .
وناقش المشاركون في الاجتماع الـ 35 للجنة التراث العالمي عددا من الموضوعات من أهمها الحفاظ على الممتلكات الثقافية والطبيعية المدرجة على قائمة التراث العالمي وترشيح عدد من المواقع الثقافية والطبيعية ذات الأهمية والصفة الاستثنائية والصفات الفريدة لإدراجها على قائمة التراث العالمي .
وكان المجلس الوطني للسياحة والآثار قد عقد اجتماع أبوظبي خلال الفترة من 7 إلى 10 يونيو الجاري للتنسيق بين الوفود العربية المشاركة والتشاور فيما بينهم لتوحيد المواقف بشأن القضايا المطروحة للنقاش في الاجتماع السنوي لليونسكو .
وقد أشاد محمد خميس المهيري مدير عام المجلس الوطني للسياحة والآثار بالنتائج التي توصل إليها اجتماع الدول العربية الأعضاء بأبوظبي للتنسيق فيما بينهم لحشد الدعم لضم المواقع العربية المرشحة لقائمة التراث العالمي .
وقال إن مواقف الدول العربية كانت متطابقة وترتقي إلى مستوى الطموح العربي حيث تم الاتفاق على بذل أقصى جهد خلال الاجتماعات لكسب أصوات الدول الأعضاء . وأكد المهيري أن هذا الإنجاز الهام يحسب لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تواصل حصد أرقى الجوائز العالمية في شتى المجالات مقدما التهاني لصاحب السمو رئيس الدولة والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان .
وأشاد بالتعاون البناء بين مختلف الجهات المعنية في الدولة وبما بذلته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على مدى السنوات الماضية من جهود مميزة لإعداد ملف الترشيح . وخلال اجتماعات اليونسكو بحث أعضاء لجنة التراث العالمي في حالة صون 169 ملكية بما في ذلك 34 موقعا أدرجت على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر بسبب التهديدات الخطيرة لقيمتها العالمية البارزة .
وتضم قائمة التراث العالمي 911 ملكية تعد ذات "قيمة عالمية استثنائية" بينها 704 مواقع ثقافية و180 طبيعية و27 موقعا مختلطا تعود لـ151 بلدا من الدول الأطراف فيها. وقد وقعت إلى تاريخه 187 دولة على اتفاقية التراث العالمي .
وحول مبررات القيمة العالمية البارزة التي حازتها مدينة العين والمعايير التي تمت تلبيتها لاعتماد المدينة بشكل نهائي كأول موقع على اللائحة العالمية للتراث في دولة الإمارات أوضح الدكتور سامي المصري نائب المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن هذه المعايير تشمل تطوير نظام "الفلج" كعمل هندسي بارع وبالإضافة إلى كونه وسيلة لنقل المياه أتاح تطور المحاضر والقرى المأهولة فإنه يعتبر أيضا نظاما رائدا لإدارة المياه وتوزيعها بشكل مدروس .
وأشار المصري إلى حضارة الهيلي مع نظامها المتطور لإدارة المياه ومبانيها السكنية المحصنة وعادات الدفن فيها وموقع جبل حفيت الثقافي مع مواقع الدفن التي تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد ونظام "الفلج" الذي يعود إلى العصر الإسلامي ومستوطنات الواحات فيه وواحات العين المتنوعة مع مساجدها ومزارعها ومبانيها التاريخية الأخرى إضافة إلى ازدهار ممارسة الصقارة (الصيد بالصقور) وتجارة الهجن وسباقاتها .
كما نوه المصري بالقيمة الاستثنائية لجبل حفيت النابعة من أهميته الجيولوجية والأثرية والتاريخية وكذلك من أهميته البيولوجية والطبيعية حيث أنه يحوي على 70 بالمائة من مجمل التنوع الحيواني في إمارة أبوظبي حيث يبلغ ارتفاعه ويمتد لمسافة 13 كيلومترا من الشمال إلى الجنوب ويعتقد أنه تشكل منذ حوالي 25 مليون سنة ولكن الأحافير البحرية التي عثر عليها في هذا الموقع أقدم من ذلك بكثير حيث تعود إلى 135 – 70 مليون سنة مضت .
يشار إلى ان "إتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي" التي تبنتها اليونسكو عام 1972 يعنى التراث الثقافي فيها بالآثار وتشمل الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف ومجموعات المعالم التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم .
أما "التراث الطبيعي" لأغراض هذه الاتفاقية فيعنى بالمعالم الطبيعية المكونة من التشكلات الفيزيائية أو البيولوجية أو من مجموعات هذه التشكلات التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهه النظر الجمالية أو الفنية والتشكلات الجيولوجية أو الفيزيوغرافية والمناطق المحددة بدقة مؤلفة لمواطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة والمواقع الطبيعية أو المناطق الطبيعية المحددة بدقة .
باريس " المسلة " … أعلن المجلس الوطني للسياحة والآثار وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث عن إدراج مدينة العين في إمارة أبوظبي كأول موقع إماراتي على قائمة التراث العالمي للبشرية. ويأتي اختيار مدينة العين لتميز المواقع الثقافية فيها وبشكل خاص الأهمية الجيولوجية والأثرية والتاريخية لجبل حفيت وحضارة هيلي وبدع بنت سعود ومناطق الواحات ونظام الأفلاج والتي تعطيها الكمالية والتنوع التي يصعب تواجدها في مواقع أخرى من هذا النوع في العالم فضلا عن إعداد ملف علمي متكامل وفق المعايير العالمية من قبل هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على مدى ست سنوات منذ تأسيسها في عام 2005 .