بقلم د ابراهيم بظاظو
إن الوصول إلى التكامل بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي غاية لتحقيق مطالب التنمية السياحية الشاملة، لما لذلك من أهمية في وضع الإستراتيجيات التنموية للقطاع السياحي في الأردن، ويعتبر تحديد مفهوم عام للإندماج مع مجلس التعاون الخليجي ذي أهمية كبرى عند البدء في وضع الخطط السياحية للأردن، لما لذلك من فائدة في تحديد المقومات السياحية البشرية والطبيعية الموجودة ،وبالتالي تحديد المتطلبات الأساسية لتنفيذ التنمية السياحية المنشودة.
تعد الأسواق الخليجية صمام الأمان للسياحة الأردنية والتي هي الأقل تأثراً بالأحداث السياسية. وتشير البيانات السياحية إلى نمو كبير في الحركة السياحية الخليجية حيث زاد أعداد السياح القادمين من دول الخليج العربي وخاصة السعودية من حوالي (553) ألف سائح في عام 1994 إلى حوالي (995) ألف سائح في عام 2010. و تتميز السياحة الخليجية بأنها على درجة عالية من الأهمية لقطاع السياحة الأردني باعتبارها عماد صناعة السياحة، فالسياح والزوار القادمون من دول الخليج وخاصة من المملكة العربية السعودية يمثلون حوالي (70%) من إجمالي أعداد السياح القادمة إلى المملكة في عام 2010، علماً أن ذروة السياحة الخليجية تكون في أشهر الصيف التي هي فترة الإجازات السنوية في دول الخليج، وهي الفترة التي تشهد تراجعاً حاداً في السياحة الدولية من الدول الأوروبية ومن الولايات المتحدة وكندا ومن دول جنوب شرق آسيا. فالسياحة الدولية تكون في ذروتها خلال فصلي الخريف والربيع. ففي هذين الفصلين تتميز درجات الحرارة بالاعتدال وهو ما يفضله هؤلاء السياح. وفي المقابل فإن السياحة الخليجية تتكثف في فصل الصيف وتعوض بذلك التراجع الكبير في السياحة الدولية.
إن السياحة الخليجية هي سياحة استجمامية وترويحية بالدرجة الأولى حيث أن مناطق الجذب السياحي المفضلة للسياح الخليجيين هي المصايف والمنتجعات الجبلية والمدن التي تتميز باعتدال درجات حرارتها، ولهذا يلاحظ أن السياحة الخليجية في المملكة تتركز في مدينة عمان والمناطق المحيطة بها بالإضافة إلى مناطق عجلون حيث الحرارة المعتدلة والغابات والمناطق الخضراء. أي أن ما يطلق عليها بالسياحة الاستجمامية والحضرية تقوم بدور جوهري في جذب السياح الخليجيين وتقديم الخدمات والتسهيلات والمرافق المفضلة لهم. كما أن الفنادق والشقق الفندقية والبيوت المفروشة ومدن التسلية والمدن الترفيهية ومراكز التسوق هي العوامل الأكثر جذباً للسياحة الخليجية.
لا تتأثر السياحة الخليجية بشكل حاد بعوامل عدم الاستقرار في المنطقة ولا تتميز بالحساسية المفرطة التي تتصف بها السياحة العالمية تجاه الاضطرابات في المنطقة. ولهذا تقوم السياحة الخليجية وخاصة في فترات القلاقل والاضطرابات السياسية بالتعويض عن التراجع الذي تشهده السياحة الدولية إلى الأردن.
من الخصائص الأخرى للسياحة الخليجية أن جزءً مهماً منها هي حركة عبور (ترانزيت) إلى الدول المجاورة وخاصة إلى مصر وسوريا ولبنان. وعلى الرغم من أن الإحصائيات والبيانات السنوية تشير إلى هؤلاء العابرين بأنهم سياح إلى المملكة، إلا أن الفوائد السياحية من هذا الجزء من القادمين من دول الخليج تكون محدودة حيث أن مدة إقامتهم تكون قصيرة ولأقل من (24) ساعة. والمعروف أن الزائرين الذين تكون مدة إقامتهم في أي بلد سياحي أقل من (24) ساعة لا يتم تصنيفهم على أنهم سياح وفق تعاريف السياحة ومفاهيم السائح. كما أن هذه الفئة من العابرين نادراً ما يستخدمون الفنادق أو الإقامة في المرافق السياحية، لذلك يتوقع خلال الفترات الزمنية القادمة ارتفاع عدد السياح الخليجيين القادمين إلى الأردن وذلك بسبب الظروف السياسية التي تتعرض لها الدول المجاورة ، فتمتع الأردن بالأمن والاستقرار ودخول الأردن منظومة دول الخليج سيهم في ارتفاع نمو القطاع السياحي .
إن الأسرة الخليجية تفضل الإقامة والسكن في الشقق الفندقية والبيوت المفروشة نظراً للطابع المحافظ لهذه الأسر بعاداتها وتقاليدها، كما أن كبر حجم الأسرة الخليجية ينعكس على اختيارهم لهذا النوع من خدمات الإيواء، وهذا يعني أن نسبة السياح الخليجيين في الفنادق تكون منخفضة. وتشير بعض البيانات من دول الجوار إلى أن نسبة العائلات الخليجية التي تستخدم الفنادق لغايات الإقامة هي في حدود (15%) فقط. أي أن حوالي (85%) من أعداد السياح الخليجيين تقييم في الشقق الفندقية وفي الشقق والبيوت المفروشة، فالفنادق لا تستفيد إلا بشكل محدود من السياحة الخليجية مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الاشغال فيها، مما يفرض علينا في الأردن التوسع في إقامة المنشآت التي تتناسب واختيارات السائح الخليجي .