بكين "المسلة"….. افتتحت في بكين فعاليات أسبوع فني وثقافي صيني- مصري خلال منتدى أقيم تحت عنوان "الصين ومصر تتلاقيان التنوع الثقافي وحوار الحضارات" في معهد بكين الدولي لتعليم الصينية تحت رعاية السفارة المصرية ببكين ومكتب الشؤون الخارجية لبلدية بكين واتحاد نساء بكين وذلك في حضور السفير المصري لدى الصين مجدى عامر وكوكبة من الأكاديميين والخبراء الصينيين والمصريين.
ويقام هذا الأسبوع الفني والثقافي بمناسبة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر ويأتي في إطار فعاليات العام الثقافي بين البلدين 2016 وكذا التبادلات القائمة تحت مظلة مبادرة "الحزام والطريق" التنموية. وعلى مدار هذا الأسبوع يتلاقي الجانبان، ويتعرف كل منهما على النقاط الثقافية التقليدية البارزة للآخر، ويقومان على نحو خاص بإبراز مميزات كل من المرأة الصينية والمصرية الحديثة وإسهاماتها في إثراء التبادلات الثقافية والفنية بين الشعبين، ويضخان قوة وحيوية جديدة لدفع التنمية والتعاون بين البلدين اللذين يتسمان بالعراقة والحداثة في آن واحد.
وفي كلمة ألقاها عند افتتاح المنتدى الخميس الماضى ، أكد السفير مجدي عامر أن مصر والصين من بين الدول الرائدة في تعزيز الحوار بين الحضارات، قائلا إن من يتأمل في تاريخ الحضارتين المصرية والصينية وما مر بهما من أحداث على مر الحقب والأزمان يجد أن أجدادنا القدماء كان لديهم دائما إيمان قوي بأن الحوار يستطيع أن يتغلب على أية خلافات وأن التنوع والاختلاف الثقافي والحضاري هما نعمة لا نقمة، وأن شعوب العالم يجمعها المصير المشترك أكثر مما تفرقها الهويات المختلفة.
وأشار مجدي عامر إلى أن مبادرة"الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ لا تهدف فقط إلى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الواقعة على طول الطريق، وإنما تهدف أيضا إلى تطوير تبادلات ثقافية وشعبية وتسمح بتحقيق فهم أعمق للآخر، وهو ما يصب في صميم موضوع هذا المنتدى المتمثل في التنوع الثقافي وحوار الحضارات. وأعرب عن تطلعه إلى أن يطرح الحوار بين البلدين ثمارا في كل ميدان من ميادين العمل الإنساني.
وعلى هامش المنتدى أقيم معرض من جناحين أحدهما صيني والآخر مصري حيث ضم الجناح المصري تماثيل وبرديات فرعونية ، وأشغال نحاس حفر يدوية ومنتجات خزفية وأعمال خيامية يدوية وأخرى خشبية، وعلب صدف فنية، ولوحات فن تجريدي حديث لفنانات مصريات. علاوة على ذلك، قامت ثلاث خبيرات مصريات متخصصات في الحرف اليدوية بعرض إنتاجهن وكيفية صنعه داخل قاعة المعرض حيث أخذن يعلمن الجمهور كيفية عمل هذه المنتجات التي اشتملت على فن الحفر على الخشب ولصقه وحرقه، وهو فن مصري أصيل لاقى اهتماما كبيرا من الحضور.
ومن جانبها، ذكرت ما لان شيا رئيسة اتحاد نساء بكين إن مؤسستها تعاونت مع مؤسسات أخرى بنشاط في هذه الفعاليات ووجهت الدعوة لخبيرات ورسامات وفنانات مصريات لكي يتبادلن الحوار مع أخواتهن الصينيات في بكين، متطلعة إلى أن يكن مصدر إلهام لبعضهن البعض ويسهمن من خلال تبادل الأفكار في الارتقاء بالفنون التقليدية الأصيلة.
وقالت إن "تفتح زهرة واحدة لا يعد ربيعا، وإنما أجواء الربيع تحل بالحدائق عندما تتفتح في أرجائها أزهار متنوعة"، مضيفة أن النساء الصينيات والمصريات سيخلقن دون شك حياة أفضل من خلال تلاقي أفكارهن.
ومن ناحية أخرى، ضم الجناح الصيني في المعرض عرضا لفن إشعال أعواد البخور التقليدي الصيني وأدواته المختلفة المستخدمة في هذه العملية، وعرض لفن تنسيق الزهور، وعرض لكيفية الرسم بفرشاة خاصة على مراوح اليد صينية الطابع، وعرض لفن تقديم الشاي الطازج بمذاقات مختلفة مثل الشاي الأخضر والأحمر وشاي الياسمين، وعرض لمهارة استخدام قطعة طويلة وسميكة من العجين لصنع معكرونة رفيعة للغاية في عرض ممتع صفق له الحضور، وعرض لكيفية صنع تماثيل من الطين اشتهرت في القصص والأساطير الصينية القديمة، وعرض لفن المقصوصات الورقية الحمراء التي تلصق على النوافذ والجدران والأبواب في المناسبات، وعرض لكيفية استخدام خيوط زاهية الألوان في تشكيل أساور أو قلائد أو أشكال جميلة لتعليقها في المنازل أو السيارات.
وفي تصريح خاص أدلت به لوكالة أنباء ((شينخوا)) على هامش المنتدى، ذكرت قوي فان نائبة رئيس معهد بكين الدولي لتعليم الصينية أن اللغة والثقافة لا ينفصلان عن بعضهما البعض، فتعليم الصينية يبعث في حد ذاته روح الثقافة الصينية في المتعلمين بينما تساعد تجربة المرء للثقافة الصينية في فتح الشهية لتعلم لغة الرموز، مضيفة أن المقاطع في اللغة الصينية تحتوى على مضامين كثيرة تتطرق من ناحية لجوهر الثقافة الصينية الكونفوشيوسية ألا وهي "التناغم رغم الاختلاف "و"اتساع البحر بما يكفي لاحتضان كل الأنهار"، وتتطرق من ناحية أخرى لسمات الشخصية الصينية ألا وهي "التسامح والبساطة وطيبة القلب".
ولفتت قوي فان إلى وجود تشابه بين الصين ومصر في الأحداث التي واجهتها الدولتان على مدار تاريخهما وتقدمهما نحو النمو في عصرنا الحديث، قائلة إن امتلاك الصين ومصر لحضارتين عريقتين يسهم قطعا في ترابطهما تاريخيا وروحيا، وهذا الترابط هو ما يوفر في الواقع تربة خصبة لاستمرارية نمو هاتين الحضارتين.
وأعربت قوي فان عن إعجابها الشديد بالمعالم الأثرية التي شاهدتها خلال زيارة قامت بها لمصر، حيث قالت إن ما أدهشها عند تدقيقها النظر في القطع الأثرية المعروضة في المتحف المصري بالقاهرة هي ما وجدته من أوجه تشابه كبيرة بين الفن القديم في كل من البلدين. وأكدت أن فعاليات هذا الأسبوع الذي ينطلق بمنتدى "الصين ومصر تتلاقيان" سيساعد على دفع التبادل والتواصل بين الصين ومصر على الصعيدين الثقافي والفني بشكل أعمق.
وقد عرض خلال هذا اللقاء شريطا فيديو أحدهما يظهر الآثار الخالدة والطبيعة الساحرة والمواقع المميزة في كل من الصين ومصر مصحوبا بموسيقي معبرة عن جمال وروعة المكان، فيما أكد الشريط الآخر أنه رغم اختلاف المكان والزمان، إلا أن الشعبين المصري والصيني جمعهما ما هو أقوى من الأرض والتاريخ..فتشابها في الروح والطابع والتقيا في طريق واحد وتعاونا وتبادلا الخبرات والتكنولوجيا والثقافة، ويسعيان معا إلى الازدهار ويحلمان بمستقبل مشرق… مصر والصين مصير واحد وحلم واحد.