بقلم / حليمة مظفر
حين تلاشى التبرير الذي كان البعض يتكئ عليه في تحريم قيادة المرأة للسيارة سدا للذرائع؛ حاول البعض أن يُوجدوا مبررات أخرى لا تقنع العقل البشري نهائيا مهما كان مستوى تفكيره مضمحلا! قالوا إن ذلك سيؤدي إلى الفساد في المجتمع بخروج المرأة ولا أعلم كيف يكون ذلك! هل أدى عدم قيادتها للسيارة إلى تلاشي الفساد والمعاكسات والتحرشات وإذلال المرأة؟! أم أن ذلك أدى فعلا إلى تعريضها للفساد والتحرش والإذلال؟!
كيف يقبلون أن تكون في خلوة مع سائق غريب عنها في جنسه ودينه ولا يقبلون أن تقود هي السيارة؟! وهل يمنع وجود السائق خروجها أساسا لخارج البيت؟!
بأي منطق يفكرون؟ وهل المرأة أساسا الآن لا تخرج من بيتها؟ ألا تتعلم وتعمل خارج البيت في العديد من الدوائر الحكومية والخاصة؟ بل السعوديات وصل بهن الحال أن يعملن مندوبات مبيعات، ويتجولن في الشوارع وبين الشركات لكسب رزقهن! وبتن يعملن خارج مدنهن في القرى والهجر، لأن كثيرات يعلن أسرهن الفقيرة، هذا إن كنتم لا تعلمون من أمرهن شيئا!
عجيب والله؛ وكأن هؤلاء يعيشون خارج الزمن والمجتمع، وكأن هؤلاء يقبعون خارج دائرة التفكير والواقع المعاش الذي يمتلئ بالأرامل واليتيمات والمطلقات وجُلهن من الفقيرات المحتاجات! ألا يوسع هؤلاء النظر قليلا خارج بيوتهم ونسائهم وبناتهم! فإنْ منّ الله تعالى على زوجاتهم وبناتهم بمن يكفل راحتهن وقضاء حاجتهن؛ فهناك مئات الآلاف لم يحظين بأمثالهم؛
ولا أعلم فيما يبدو أنهم يسكنون الأحياء الراقية ولا يعلمون عن الساكنات في الأحياء الفقيرة شيئا، ولا عن الطبقة المتوسطة المحدودة الدخل شيئا، انزلوا للشارع أثابكم الله؛ وتلمسوا حاجة السعوديات في الأحياء البسيطة، وفرجوا عنهن كربهن جزاكم الله عنهن خيرا؛ واصرفوا لهن رواتب السائقين ومصاريف استقدامهم من صدقات أموالكم، أو وفروا لهن وسائل النقل العامة من تجاراتكم أو اسكتوا من فضلكم؛ وتوقفوا عن التوهم بأمور لا وجود لها إلا في عقولكم من أجل تعطيل حياتنا.
ليست الأخت منال الشريف الوحيدة التي تحتاج إلى أن تقود سيارتها؛ هناك الكثيرات وأنا منهن نحتاج قيادة السيارة؛ لقد تعبنا وفاض بنا الحال؛ لأن وقتنا يحترق في البحث عن سائقين أو سيارات أجرة لنقضي حاجاتنا ونذهب إلى أعمالنا!
تعبنا من إذلال أنفسنا لسائقين يستنزفون أموالنا ورواتبنا؛ تعبنا من ملء بيوتنا بمن يتلصصون علينا وهم سبب من أسباب الفساد والجرائم في مجتمعنا الآمن! تعبنا لأننا لا نريد سوى شيء بسيط من حقوقنا الإنسانية؛ وهو قيادة السيارة لنحمي مراهقاتنا وأطفالنا من نظرة سائقين يعيشون بيننا دون زوجات! ارحموا السعوديات يرحمكم الله وتوقفوا عن التوهم والتطرف وعيشوا الواقع رجاء، إن كنتم تريدون حفظهن وصيانتهن فعلا من الفساد؛ والله المعين والمستعان.