بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
تعودت ان ينعم الله عليَّ وعلي مدي سنوات بأداء العمرة وزيارة الاراضي المقدسة من وقت لآخر خاصة في الايام الاول من شهر رمضان المعظم حيث النفحات الكريمة والروحانيات التي تسمو بالنفس والمشاعر دينيا ووجدانيا. رغم كل هذه الميزات الرفيعة الغالية لهذه النعمة فقد كان الزحام الشديد أهم المظاهر المصاحبة لهذه الزيارات وهو ما كان يمنعني من روعة الاقتراب اللصيق من الكعبة المشرفة. علي عكس ذلك كانت بركة الله دائما تتيح لي زيارة الروضة الشريفة في المدينة المنورة علي ساكنها أفضل الصلاة وأبهي السلام بكرم من الله لاداء الصلوات وهو ما كنت أراه ومازلت فضلا ونعمة وسعادة لا تدانيها سعادة.
> > >
وقد شاءت الظروف ألا يكتب لي الله القيام بهذه الزيارة في العام الماضي وهو الامر الذي جعلني أقدم عليها نهاية الاسبوع الماضي من هذا الشهر. شجعني علي ذلك اعتقادي بأنه لن يكون هناك زحام مما يجعلني قادرا علي اداء زيارة المدينة المنورة ثم مكة المكرمة في حالة من اليسر والراحة والهدوء وبما يسمح لي بالمزيد من الاستمتاع. ولكن ما حدث كان علي غير ما كنت اتوقع تماما وهو ما جعلني اتذكر أثناء تواجدي في المدينتين المقدستين القول الشهير »ليس كل ما يتمناه المرء يدركه«. لقد فوجئت بزحام لا يقل بأي حال عن زحام الحج أو عمرة رمضان إلي درجة أنني كنت أجد صعوبة شديدة في ايجاد موضع قدم لاداء فرائض الصلوات.
> > >
لعل ما أسعدني كثيرا وسّهل من أمر زيارتي لأم القري مكة المكرمة أنني التقيت في الفندق الذي كنت أقيم فيه عقب وصولي من المدينة المنورة بصديق تمرس في هذه الزيارات لسنوات طويلة سألته عن الوقت المناسب للطواف والسعي بين الصفا والمروة. ابتسم وهو يقول لي من حٌسن حظك أن اعدادا كبيرة من الاخوة السعوديين والعاملين والمقيمين الذين جاءوا إلي مكة لاداء العمرة سوف يغادرونها الليلة بعد انتهاء اجازة الاسبوع الذي كان قد منحها لهم ولتلاميذ المدارس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله. بناء علي ذلك فقد نصحني بأن أقوم بالطواف والسعي فيما بعد العاشرة مساء بعد أن تكون شعائر صلاة العشاء قد انتهت.
> > >
ولأن الخبرة لها قيمتها الخيرة فقد كان لهذه النصيحة عظمتها حيث قمت بشعائر الطواف والسعي في يسر ما بعده يسر. كان الطقس رائعا والوقت متاحا لاتمام كل شيء علي أكمل وجه لتنطلق دعواتي وابتهالاتي لله وان اقرأ الفاتحة لكل من سألني قراءتها في هذه الساحة المباركة. وبالطبع فإنني لم انس أن ادعو لوطني مصر بالسلامة وان يمتعها الله بالأمن والسلام والاستقرار وان يجنبها كل شر ومكروه وأن يسدد علي الخير والتقدم خطاها إنه لسميع عليم.
> > >
إن أهم ما لفت انتباهي عند زيارتي لكل من المدينة ومكة ما طرأ عليهما من تغييرات تعميرية علي مدي الثماني عشرة شهرا الماضية.. المزيد من الفنادق حول المسجد النبوي والحرم المكي بالاضافة إلي عشرات المباني الجديدة التي يجري انشاؤها كما لاحظت ايضا وجود اعداد هائلة من المعتمرين الاتراك وكذلك الايرانيون. علي عكس ما كان يحدث في المرات السابقة لزياراتي فقد كانت اعداد المصريين قليلة.. السبب كما قيل لي ان ذلك يعود إلي التطورات التي تشهدها مصر حاليا بالاضافة إلي ان هذا الشهر ليس موعد تدفقات عمرة المصريين.
علي كل حال فليس هناك ما يقال بعد عودتي إلي ارض الوطن.. سوي أن رحلتي كانت أروع وأبدع مما كنت أتصور وهو ما يجعلني أسجد لله شكرا وحمدا.