كتب / أكبر من أزمة.. وأقل من قطيعة…الكاتب يوسف القعيد..أنا لم أكن من ضيوف دافوس. والحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه. لكني مشغول بعدد من الأسئلة بخصوص ملتقي دافوس.الذي يعقد في شرم الشيخ للمرة الثانية. من الداعي إليه؟ من الذي يدفع تكاليف الإقامة؟ من الذي يتولي إجراءات التأمين؟ أصحاب شركات السياحة المصرية كانت لديهم الشجاعة وأعلنوا بالفم المليان أن عقد مؤتمر دافوس في شرم الشيخ. سبب لهم خسائر وصلت إلي خمسة مليارات دولار. أي أن عقد المؤتمر لم يؤد لازدهار السياحة كما يقولون لنا. ولكنه ضربها في مقتل. بسبب الإجراءات الأمنية الكثيفة التي كانت في البر والجو والبحر. لو تمكنوا من منع الهواء من المرور لمنعوه. ليحافظوا علي حياة وسلامة 1500 ضيف من العالم كله. يتقدمهم الرئيس الأمريكي جورج بوش شخصياً. لم يكن الرئيس مبارك في استقباله عند وصوله. ولم يكن في وداعه عند سفره. ويقال إن ثمة أزمة كبيرة في العلاقات المصرية الأمريكية تجلت في دافوس شرم الشيخ. وأنا حتي أستغرب إطلاق كلمة دافوس. لماذا لا يسمي منتدي شرم الشيخ؟ أم أن عقدة الخواجة لا تتركنا لحظة واحدة. عندما كانوا يتكلمون عن أزمة صامتة في العلاقات المصرية الأمريكية. كنت أميل لعدم التصديق. فالعلاقة الحكومية مع أمريكا. مثل الزواج الكاثوليكي. لكن ما جري في شرم الشيخ – مؤخراً – يبدو شديد الاختلاف. وأنا شاهدت ما عرضته الفضائيات. وركزت عليه من وقائع المؤتمر وسمعت مطولاً من الأصدقاء الذين كانوا هناك بعد عودتهم إلي القاهرة.لاحظت عند استقبال مبارك لبوش. تعمد بوش المشي بسرعة. ثم التوقف والعودة. ليشعر من يشاهدون المنظر. ببطء حركة الرئيس. كذلك رأيت مقاعد الوفد الأمريكي خالية طوال كلمة مبارك. ومن المفترض أنه الخطاب الافتتاحي. فمصر الدولة المضيفة. وتعمد بوش الدخول للقاعة وحوله رجاله. لحظة انتهاء خطاب مبارك. قال الأمريكان إن الرئيس بوش كان مشغولاً بلقاءات مهمة وقت خطاب مبارك. لكن اتضح أن بوش كان يجلس علي حمام السباحة. ثم خرج مبارك من القاعة عندما بدأ بوش يلقي خطابه.ورغم أن خطاب مبارك كان مفروضاً أن يعقبه خطاب بوش. إلا أن وصول بوش متأخراً جعلهم يطلبون من الملك عبدالله. إلقاء خطابه بين الاثنين. لكن أخطر ما جري في خطاب بوش. أن فيه رداً علي ما جاء في خطاب مبارك. حالة من المبارزة بالخطابات. بين مبارك وبوش. فهل مارس الأمريكان والمصريون علي بعضهم البعض أقدم مهنة في التاريخ؟ هل تجسس الوفدان علي بعضهما؟ جائز. لا يجب أن ننسي أن مبارك لم يقم بزيارته السنوية المعتادة لأمريكا في مارس.منذ أربع سنوات مضت. وهذا العام عندما كان علي مبارك أن يختار من يذهب باسم مصر إلي واشنطن. اختار فتحي سرور. لم يقع اختياره لا علي نجله. ولا علي رئيس وزرائه. ولا وزير دفاعه. والحدق يفهم.خطاب بوش في شرم الشيخ فضيحة أخري. ينسب لنفسه ولدولته خروج المرأة للحياة العامة. ربما لا يعرف نهضة المرأة المصرية. ولم يسمع عن فصول كفاحها. ولأنه يعيش حالة الواعظ الديني. والمعلم. فقد بدأ يحدد للحاضرين أعداءهم: القاعدة. حماس. حزب الله. إيران. وهو لا يعرف مدي إعجاب رجل الشارع بهذا الرباعي. لمجرد أنه يقف ضد أمريكا. ويحدد الأماكن التي يمكن الاستثمار فيها لرجال الأعمال: فلسطين، العراق، أفغانستان. لست أدري لماذا نسي الصومال ودارفور؟ إنه يتكلم عن آخر أماكن في العالم تصلح للاستثمار لرعونة سياساته. وحجم الدمار والخراب الذي حمله لكل مكان وصلت إليه القوات الأمريكية.بالنسبة لفلسطين حرص الرئيس علي تكرار ما سبق أن قاله في الكنيست. حيث اعتبر أن سبعة ملايين إسرائيلي. يضاف إليهم ثلاثمائة مليون أمريكي. لماذا لم يرح نفسه وأعلن عن إسرائيل باعتبارها الولاية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط. وأن تكون هناك ولايات أمريكية خارج أمريكا. ليس مشكلة. لكنه تكلم عن ساكن القصر.وساكن السجن في مصر الآن. وشرحت الصحف اللغز. قالت إن كونداليزا رايس حذفت اسم أيمن نور من بروفة الخطاب قبل أن يلقيه بوش. وكانت هناك إشارة له باعتباره ساكن السجن. فهل كان هناك أيضاً اسم مبارك باعتباره ساكن القصر. وحذفته أيضاً كونداليزا رايس؟لكن عقدة الموضوع. أو لحظة الذروة في القمة المصرية الأمريكية هي ما لا يعرفه الناس. هل ما جري في لقاء مباركوبوش؟ هل ما جري في زيارة بوش للكيان الصهيوني؟ هل لأن بوش جاء مصر من أجل المنتدي؟ ورفض بدء زيارته من القاهرة. في إشارة لأن هدفه دافوس وليس القاهرة؟ ما يخص الداخل المصري في خطاب بوش. أن الكلام يقال علناً. وليس في لقاءات مغلقة. أما ما قاله جمال مبارك وأحمد أبو الغيط للإعلام عن خطاب بوش وأمريكا وإسرائيل. فيشكل صفحة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية. لا يعرف أحد إلي أين يمكن أن تصل الأمور بين الحكومتين. عن نفسي. أرفض السياسات الأمريكية البوشية من الألف للياء.ومع هذا لديّ الشجاعة للإعلان عن استفادتي كثيراً من الثقافة – ولا أقول الحضارة – الأمريكية. بل أعترف أنه لولا جون شتاينبيك وأرنست هيمنجواي ووليام فوكنر. ما كنا قد كتبنا كتابة الستينيات في مصر. ومع هذا الثقافة الأمريكية شيء. والسياسات الأمريكية الحمقاء شيء آخر.