Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

التأشيرة الملعونة ! بقلم عصام حشيش

هل حاولت أن تحصل لنفسك مهما كان عمرك أو طبيعة عملك على تأشيرة دخول إلى دولة أوربية؟ لو كنت حاولت فأنت إذن صاحب تجربة عريضة في أصول المهانة التي يتعرض لها المصريون على أعتاب سفارات الدول الأوربية دون استثناء تبيع وتشتري في المصريين وتحرجهم بل وتهينهم قبل أن تمنحهم تأشيرة دخول للجنة!.. أو تدفع جوازات سفرهم برفض منح التأشيرة ليذهبوا بها إلى النار ويصبح هذا الرفض في ذاته وصمة عار تقضي إتلافه أو حرقه حتى لا يطلع عليه أحد وكأنه لعنة يجب محوها! أنا شخصياً ورغم أن عملي الصحفي يفرض عليّ كثرة الأسفار لمتابعة إصدارات دولية تشارك فيها مصر وينبغي تغطيتها صحفيا لتلبية اهتمامات الرأي العام تعرضت لمضايقات أكثر من أن أحصيها .. صحيح أنها كانت تنتهي بالنهاية السعيدة بعد حصولي على التأشيرة لكنني رأيت عند غيري اهانات قاسية لا يمكن أن يغفرها لهم أنهم منحوني التأشيرة فأسكت وأغمض الطرف وأحمد ربنا وكأنهم أعطوني صك لدخول الجنة!! وأتساءل .. إذا كان الصحفيون ورجال الأعمال وأصحاب المصانع والشركات من القطاع الخاص الذي يقود عملية التنمية في مصر يتعرض لهذه السخافات .. فما بالنا بالذي يمكن أن يطلب تأشيرة للسياحة مثلا .. أو حتى المبحث عن عمل ؟! وكيف يتسنى أن يلقي المصريين هذه المعاملة ونحن شركاء في اتفاقية شراكة متعددة المجالات ينتهي الأمر فيها بأن تنفتح أسواق مصر أمام دول الاتحاد الأوربي وأن تنفتح أسواق الاتحاد الأوربي بالمقابل أمامنا .. ولكن يبدو أن حرية انتقال البضائع شيء وحرية انتقال البشر شيء آخر !! ورغم ذلك فهناك حرية تامة في انتقال الأوربيون إلى مصر .. يذهبون على سفاراتنا في دولهم يطلبون التأشيرة ويحصلون عليها فوراً ودون قيود .. أما نحن فالقصة مختلفة كأننا نصف آخر من البشر لابد من الكشف عليه والتحري بشأنه ومعرفة أصله وفصله حتى سابع جد حتى يحصل على التأشيرة .. وليس هذا فقط وإنما عليه أن يقدم شهادات تروي أدق تفاصيل حياته ودخله وأولاده وتاريخ والديه .. تصوروا مثلا أن سفارة ايطاليا تضع على بابها منشوراً يحدد 48 طلبا يجب تقديمهم للحصول على التأشيرة .. تصوروا 48 شرطاً من أجل التأشيرة .. مستندات وأوراق يتم تخزينها لديهم في قواعد البيانات يصل الأمر فيها إلى معرفة كل شيء بدقة متناهية عن راغب السفر حتى ولو كانت رحلته تستغرق يومين .. لدرجة أنني سألت موظفة الاستقبال : هل من ضمن الشروط التفتيش على ملابسي الداخلية أو الاطمئنان إلى أني قد قصصت أظافري أو هذبت شواربي أو غسلت أسناني !! كنت أتكلم بلهجة حادة لدرجة أن موظفة الاستقبال أجابتني بشكل رسمي : لا .. نحن لا نسأل عن هذه الأشياء !!! ثم سألتها : بالمناسبة ما مناسبة ذكر تاريخ ميلاد أمي التي ماتت منذ ثلاثين عاما عن عمر يناهز الـ 55 عاما؟ فقالت لتمييزك ! فقلت وهل ذكر أسماء أولادي وزوجتي وتواريخ ميلادهم وأسماء مدارسهم أقدمه لكم أيضاً لتمييزي !! وما فائدة أسمي ورقم جواز سفري وتاريخ ميلادي ووظيفتي .. وإذا كان جواز السفر المصري المعتمد من الحكومة المصرية مدون به رسمياً أنني صحفي فما فائدة إحضار عقد العمل الذي يربط بيني وبين المؤسسة التي أعمل بها والذي وقعته معها منذ ثلاثين سنة .. ولماذا أقدم لكم وثيقة بحركة حساباتي في البنك للأشهر الستة الأخيرة والأدهى أنكم لا تعترفون بهذه الوثيقة وإنما يتوجب علىّ أن اعتمدها من البنك المركزي المصري !! والمأساة أنني لا أتعامل مع أي بنك وليس عندي أي حساب فما الحل أمام هذه المصيبة !! ألا يكفي أن معي من الأموال ما يغطي نفقات رحلتي وأن لدي حجز موثق بأحد الفنادق هناك وأن معي بطاقة دعوة من جهة رسمية من دولتكم تدعوني للحضور والمشاركة بنفسها .. هل بعد هذه الدعوة تستذلوننا إلى هذا الحد لنقدم صور ” X Ray ” عن العظام وتنظرون إلى نني عيوننا وتأخذون بصماتنا وتلتقطون الصور لتسجيل أشكالنا .. كل هذا حتى نحصل على تأشيرة دخول إلى بلدانكم! المصيبة أن وزارة خارجيتنا لا تفعل مثل ذلك برعاياهم .. ولكنهم يفعلون ذلك بنا هنا .. بل أنظر إلى سفارة مثل ألمانيا لا توفر مجرد مقعد لطالبي التأشيرة يجلسون عليها لحين إتمام الإجراءات وتتركهم يقفون في الشارع الحار البارد الممطر المكفهر من العفار والغبار .. فهذا ليس شأن موظفيها الجالسون وراء الشبابيك الزجاجية المصنوعة ضد الرصاص من الغرف المكيفة الهواء وكأنهم ينظرون إلينا من نوافذ سيارة تخترق غابة مليئة بالوحوش! والمصيبة الأكبر أن وزارة الخارجية ترى وتسمع ما يفعلونه وبالمصريين ولا تحرك ساكنا وتترك الأمر بين مانح التأشيرة وطالبها دون أن تحميه من هذه الممارسات العنصرية !!لمن نشكو المصدر:    

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله