Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

ماسلو والتعلم وفق نظرية التسلسل الهرمى … بقلم عامر الضبيانى

 

بقلم : عامر محمد الضبياني

 

كان ماسلو في الصف الثاني المتوسط عندما زار مدرسته بمدينة نيويورك مفتشا لمادة الرياضيات وطلب منه ان يحل مسألة رياضية متوسطة الصعوبة على السبورة، وبعد ان اكمل ماسلو حلها صاح المفتش في الصف "برافو" ماسلو "ممتاز" "رائع" "احسنت"، وطلب من زملائه التصفيق له. فيقول ماسلو حول هذا بنفسه في بعض مؤلفاته: "كنت اعاني كثيرا من مادة الرياضيات واشعر فيها بالضعف وبدعم المفتش وتشجيعه لي اصبحت من المتفوقين الاوائل بهذه المادة." وعلى هذا الاساس بدا ماسلو حياته وشق طريقه بعد ان عكف على قراءة الكتب فترة طويلة وتخصص في علم النفس وحقق النتائج الممتازة ونال درجتي الماجستير والدكتوراة من جامعة وسكنسن بامتياز مع مرتبة الشرف، ليؤلف بعدها العديد من المؤلفات والابحاث والكتب منها نظريته الشهيرة في تدرج الحاجات الإنسانية، والتي قسم هذه الحاجات على حسب أولوياتها إلى خمسة أنواع متدرجة باعتبارها الدافع الأساسي وراء سلوك الفرد، وسميت بالتسلسل الهرمي لاشباع الحاجات لماسلو.

 

ويؤكد ماسلو في هرميته علي اهمية وضرورة التسلسل الهرمي في اشباع الحاجات للفرد وإن هذه الحاجات تتدرج من حاجة الفرد الاساسية “الفسيولوجية” والتي وضعها في أسفل الهرم مروراً بحاجته للأمن وحاجاته الاجتماعية إلى حاجته للتقدير ومنتهياً للحاجة لتحقيق الذات، فكلما ارتفعنا في الهرم اصبحت الحاجات اكثر سمواً. فهرم ماسلو يعطينا نموذجاً رائعاً لأهمية التدرج في الحاجات وتنظيمها وفق الأولوية ويوضح لنا التسلسل العمودي التي يجب أن تكون عليه حتى يسهل التنقل بينها في شكل واقعي مدروس ويوضّح لنا أيضاً أن هنالك حاجات قد تكون ماسَّة لنا في الوقت الراهن بينما هنالك حاجات أخرى قد لا نعيرها أي اهتمام في الوقت ذاته.

ووفق الترتيب الهرمي لماسلو فالإنسان لا يبحث عن الاحتياج التالي الا بعد ان يتحقق من اشباع الاحتياج الذي قبله وهكذا، بمعنى انه لا يمكن ان يقفز الى الاحتياج الذي يليه دون الاحساس بالرضى او اخذ كفايته من الاحتياج الذي قبله، وهذه الفكرة هي التي جعلت نظريته تستحوذ على الكثير من الاهتمام والدراسات والابحاث، وقد وجدت القبول العلمي الذي على ضوئها اعيدت صياغة الكثير من مناهج وطرق التدريس في المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة واوروبا وبقية دول العالم، وكذلك الحال هو في علم الادارة والقيادة التعليمية.

ومن وجهة نظري طالما وماسلو رتب هذه الحاجات بشكل هرمي و قال إنه إذا أشبع الفرد حاجة معينة انتقل بشكل تلقائي لإشباع الحاجة التي تليها في الأهمية، و أن إشباع الحاجة يشكل حافزا أو دافعا للفرد لإحداث سلوك معين. وأكد ايضا على ان كل انسان لديه قوى كامنة ويجب اكتشافها وتحفيزها، وان اجهاد التلاميذ بما يفوق قدراتهم العقلية قد يؤثر على حالتهم النفسية، وان التلاميذ والصغار بصفة عامة لا تنبطق عليهم شروط اشباع هذه الاحتياجات، وبناء عليه فانه يمكن للتلميذ ان يتجاوز او يقفز على بعض الاحتياجات بحكم بيئة الفصل والمدرسة والنشاط النوعي. لذا وجب علينا ان نسعى اولا الى اكتشاف قدرات التلاميذ ومعرفتها، ثم بعد ذلك العمل على توجيه الطالب اليها عن طريق دعمه وتشجيعه ليشق طريقه مستقبلا نحو هذا الحقل او ذاك وفق لقدراته وامكانياته. وهذا ما اكدته الدراسات والابحاث العلمية واوصت به المؤسسات التعليمية في عددا من الدول بجميع انحاء العالم وتسعى الى لتطبيقه وتعميمه من خلال الانشطة المدرسية كالرياضة والشعر والفنون والادب وغيرها من المهارات المختلفة.

كذلك وجدت او استلخصت من خلال النظرية والتسلسل الهرمي انه لا يمكن ان يستفيد الطفل من التعلم و هو جوعان أو عطشان و يشعر بالبرد أو الحر أو نعسان، لان نقص هذه الحاجات لا تجعله يسعى لاشباع رغبته في التعلم، كذلك هو الحال عندما يشعر الطفل بالتهديد داخل غرفة الفصل أو خارجها سواء كان من الرفقاء أو المعلم أو الأهل، او انه طفل مرفوض أو منبوذ من قبل الآخرين، فاشباع رغبته في التعلم تقتضي اولا اشباع رغباته الاساسية المتمثلة في الحاجات الفسيولوجية ثم حاجاته للامن والحاجات الاجتماعية فالتقدير وتحقيق الذات. وبالاضافة إلى توفر الحاجات الأساسية علينا ايضا تعزيز الدافعية الداخلية للتعلم عندما تظهر لدى الطلاب، أي انه لابد ان نعزز سلوك الذين يبدون شغف للفهم و المعرفة، ولا يحدث هذا الشغف إلا أذا التقت الميول مع خصائص الهدف التعلمي و هي التي توجه السلوك، وتعتبر هذه اقوى جوانب الدافعية و لابد من التوكيد عليها لكي يكون أثر الدافع الداخلي اقوى وادوم من الدافع الخارجي، والتعلم هو كل تغير جديد يحدث في سلوك الفرد.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله