Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

المسجد الكبير بالجزائر شُيّد على أنقاض كاتدرائية مسيحية تعود للعهد الروماني

الجزائر "المسلة" …. على الرغم من احتضانها للعديد من المعالم الدينية الإسلامية والكنائس المسيحية التي ترتفع جنباً إلى جنب في تعايش ظلّ لقرون طويلة ميزتها الحضارية، تقف الجزائر على بوابة ألفيّتها الثالثة في تواضع العواصم المتوسطية التي صقلتها الثقافات والديانات المتعاقبة على مرّ العصور، إلى أن استقرّ بها القرار كواحدة من أهمّ العواصم في العالمين العربي والإسلامي.


وعلى هذا الأساس، اهتمّ الكثير من الباحثين الجزائريين والعرب بالتراث الديني للجزائر العاصمة، وحاولوا التـأريخ لأهمّ معالمها الدينية، ولعلّ المسجد الكبير الذي يقف شامخا إلى اليوم وسط العاصمة يُعدّ واحداً من أنفس تلك المعالم بحسب العمانية.


هذا المسجد الذي يدعى المسجد العتيق، أقدم مسجد قائم في الجزائر العاصمة، ويُقال إنّه الأقدم في المغرب الأوسط ( وهذا هو الاسم القديم للجزائر) بعد مسجد سيدي عقبة ببسكرة، ويُعدّ إلى جانب الجامع الكبير في تلمسان والجامع الكبير في ندرومة، من الآثار القليلة المتبقية التي تتحدث بلسان عبقرية العمارة المرابطية.


وتُؤكد المصادر التاريخية، أنّ تاريخ بناء هذا الجامع يعود إلى القرن الخامس الهجري الذي شهد أزهى  فترات حكم سلالة المرابطين للمغرب الأوسط على يد مؤسس الدولة أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين، وبالتحديد إلى تاريخ الفاتح من شهر رجب عام 490 للهجرة الموافق لـ 18 يونيو سنة 1097 للميلاد.

 

ويعتقد بعض المؤرخين أنّ الجامع الكبير، الذي كان أكبر مساجد الدولة في ذلك الوقت، شُيّد على أنقاض
كاتدرائية مسيحية تعود للعهد الروماني، وتُرجح بعض المصادر أنّ تاريخ بناء مئذنته يعود إلى سنة 1324م (1332م بحسب مصادر أخرى)، بمعنى أن المئذنة بُنيت بعد ثلاثة قرون من بناء الجامع على يد سلطان تلمسان الزياني أبو تاشفين ابن أبو حمو موسى الأول.

 

واعتمد المؤرّخون لتحديد تاريخ بناء الجامع على الكتابة المنقوشة على منبره.

يقع الجامع في الجزء الشمالي الشرقي من العاصمة في منطقة القصبة التاريخية بالقرب من الميناء (نهج البحرية سابقاً)، على يسار غرفة التجارة في اتجاه البحر بين شارع المرابطين وشارع سعدي ومختار بن حفيظ، وهو يطلّ على مدخل المدينة جهةَ ميناء العاصمة البحري، وبحسب المصادر التاريخية، كان محاذياً في ذلك الوقت لسوق كبيرة مما جعله قبلة المصلّين ووجهة لطلبة العلوم الدينية.


تتميّزُ تصميمات المساجد المرابطية بانتظامها وضخامتها العمرانية، ‏كما تتميّز بمبدأ التناظر، سواء في قاعات الصلاة أو في الصحون، فقاعة الصلاة فيه مستطيلة، ‏عرضها أكبر من عمقها تتعامد البلاطات فيها مع جدار ‏القبلة. كما تنفتح دائماً على صحن في شكل أروقة جانبية تؤطر ساحة واسعة، ويكون البلاط المحوري أكبر وأعلى من البلاطات الأخرى، وقد اكتسب هذا المحور قيمة فنية راقية وجديدة بتغطيته بأشكال مختلفة وبديعة من القباب.


بُني المسجد الكبير، الذي ظل محافظاً على اسمه إلى يومنا هذا، في شكل مستطيل قليل الارتفاع مغطّى بسقوف منحدرة ممزوجة من القرميد الأحمر على شكل ثنيات عددها إحدى عشرة ثنية يكون السطحان الأوسطان أكبر من غيرهما وتقطعهما قبة تغطي المحراب كما هي الحال في جميع المساجد المرابطية، وصُمّم المسجد ليتمّ الولوج إليه عن طريق صحن بواسطة رواق يؤدي إلى ثلاثة مداخل في الواجهة الأمامية.


زُيّنت البلاطة المحورية الأكثر اتساعاً في المسجد، بعقود مفصّصة محاطة بشرائط متشابكة، وهي تؤدي إلى المحراب الذي أُعيد بناؤه عقب تدميره خلال حملة قصف العاصمة عام 1683م، وقد أُعيد بناؤه في القرن 18م في شكل كوّة مكسورة الزوايا يحدُّ مدخلها عمودان حلزونيان يعلوهما قوسٌ قوطيٌّ ذو زخارف بارزة.


ويتكوّن منبر الجامع من سبع درجات تربطها عارضتان جانبيتان ذواتا شكل مخمّس الزوايا، وتزيّنهما ألواح مزخرفة تتّخذ شكل مثلثات ومربعات منحرفة جُمعت بواسطة ألسنة وفروض.


وإضافة إلى العقود المكسورة التي شاع استعمالها في بنايات الحقب السابقة، استخدم المرابطون في زخارفهم أشكالاً أخرى متعددة، فقد طوّروا ببلاد المغرب القوس المتعدّد الفصوص الذي سبق للأندلسيين أن استعملوه في جامع قرطبة وأبدعوا في تنويعه.

 

كما استخدموا العقود المشكّلة من فصوص خمسة أو تسعة أو أحد عشر، ليُدرجوا ضمن أبنيتهم الدينية سلسلة حقيقية من العقود سيتبناها خلَفهم فيما بعد، تمنح ضخامة الأعمدة وجمالية الأقواس المتجاوزة والمكسورة لبلاطات المسجد الكبير بساطة وأناقة.


يوجد في الزاوية الشمالية الشرقية باب الجنينة بمختلف غرفه المخصّصة للإمام، إضافة إلى المئذنة التي تشكل بفضل موقعها داخل المسجد إحدى الخصوصيات الملاحظة في مساجد بني عبد الواد الذين تأثروا بالموحّدين الذين بنوا مآذن الكتبية والقصبة وإشبيلية في الزاوية الشمالية الشرقية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله