تحدثت في مقال سابق عن سياحة المؤتمرات وعدم حصولنا علي ما نستحق من نصيب في هذا المجال رغم توافر كل الامكانات وتعاظم قدرتنا التنافسية مع الدول التي تحتكر هذا النشاط وتحقق من ورائه المليارات من الجنيهات.. هذا القصور يطرح تساؤلا عما ينقصنا للدخول إلي حلبة المنافسة العالمية في جذب المؤتمرات والتي من روافدها سياحة تنشيط الحوافز التي يوصف زبائنها بالاعلي أنفاقا حيث أن الشركات الكبري التي تنظمها هي التي تدفع التكلفة من بند مكافأة العاملين وتحفيزهم علي مزيد من الانتاج!
هذه النوعية من النشاط السياحي تتطلب تحركا مشتركا من أجهزة التسويق في وزارة السياحة ومن الاتحاد العام للغرف السياحية وغرفه النوعية والتي سوف يستفيد اعضاؤها في كل أنحاء مصر من رواج سياحة المؤتمرات. وحتي نكون علي مستوي المسئولية فإنه لابد أن نعترف بأن امكانياتنا وقدراتنا وخبرتنا لا تتيح لنا النجاح في عملية التسويق لهذه السياحة.. بناء علي ذلك فإن الامر يحتم اللجوء الي الخبراء العالميين من أجل عمل مسح كامل للامكانات المتوافرة لدينا وتحديد المتطلبات التي تسمح لنا بالدخول بقوة في هذا المجال مستثمرين الموقع والطقس والشواطيء وتعدد وتنوع المزارات السياحية والثقافية.. بعد الانتهاء من إعداد هذه الدراسة الكاملة المتكاملة والمتضمنة توقعات الدخل المحقق، يتم التعاقد مع إحدي الشركات العالمية المتخصصة كي تتولي التسويق والادارة لمركز المؤتمرات في مدينة نصر، علي غرار ما يجري العمل به بالنسبة للمشروعات الفندقية بالاضافة إلي المشاركة في جذب المؤتمرات لكافة أنواعها للانعقاد بمصر.
استكمالا لهذه المنظومة من النشاط السياحي الواعد لابد أيضا من أن تحظي صناعة المعارض باهتمامنا وهو ما يتطلب إيجاد صيغة تنسيقية بين السياحة وارتباط ذلك بالانشطة السياحية وهيئة المعارض من أجل تسويق ارض المعارض اقتصاديا وارتباط ذلك بالانشطة السياحية.
إنجاح هذا المشروع يتطلب أيضا تولي شركة عالمية متخصصة في هذا المجال تحديث وتطوير منطقة أرض المعارض بمدينة نصر حتي يمكنها جذب العديد من المعارض العالمية ونحن نفكر ونخطط للنهوض بصناعة المعارض عندنا علينا ان نضع في اعتبارنا التجارب الناجحة لبعض المدن الشهيرة سواء في اوروبا أو في امريكا أو في الشرق الاقصي والتي لا يخلو يوم من أيام السنة دون شغل المساحات المخصصة لمراكز المعارض والمؤتمرات بها بمعرض أو مؤتمر.. رواج صناعة اقامة المعارض يعني فرص عمل كثيقة إلي جانب ما يتم تحقيقه من عائد استثمار المساحات بالارض والصالات المخصصة لهذا النشاط.
في إطار اهبة التقدم في هذا المجال أسعدني جدا ما أذيع عن موافقة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء علي خطة متكاملة لتطوير أرض المعارض بتكلفة 300 مليون دولار تقوم بتوفيرها هيئة المعارض من خلال التمويل الذاتي بعيدا عن موازنة الدولة.. جاءت هذه الموافقة بعد العرض الذي قدمه المهندس رشيد محمد رشيد وتضمن أن حجم صناعة المعارض في العالم سنويا يصل إلي 300 مليار دولار نصيب مصر المحروسة منها صفر ! .
وتعد مدينة برلين الالمانية نموذجا رائدا في هذه الصناعة حيث أن ارض معارضها مشغولة 365 يوما في السنة . هذا الرواج ينعكس ايجابا علي فنادق المدينة التي تصل طاقتها الاستيعابية عشرات الالاف من الحجرات .. ونتيجة لهذا الاقبال فإن ادارات هذه الفنادق وعلي عكس ما يمكن أن يحدث تقوم بزيادة اسعارها في أوقات بعض المعارض بنسبة 50 % علي الاقل.. هذا الرواج لا يقتصر علي الفنادق ولكن يشمل أيضا المطاعم والمحلات التجارية وأنشطة الخدمات المختلفة وهو ماجعل الخبراء يقدرون العائد الذي يتحقق بأكثر من 10 مليارات يورو سنويا.. وبمقارنة هذا العائد مع عائد كل الانشطة السياحية عندنا والذي لا يتجاوز هذا المبلغ فإنه يمكن تقدير مدي أهمية صناعة المعارض.. لا جدال أن توجيه نشاطنا إلي هذه النوعيات السياحية الواعدة يأتي ضمن جهود اعطاء مزيد من الاهتمام الي الكيف السياحي من أجل تعظيم العائد والدخل.