Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

نجوم فى سماء السياحة ( محمد السقا ) (2) بصمة فاعلة فى كل موقع تقلده

** كان أصغر ضابط بالقوات المسلحة ثم اصبح من الضباط الأحرار
** اختاره عبدالناصر ليشارك فى مباحثات جلاء القوات البريطانية عن مصر
** واقعة القبض على السقا اكسبت السياحة خبيرا متميزا

في مختلف مجالات العمل تبرز شخصيات تتميز بقدرتها على المبادرة، وتحمل لقب “الأول” دائماً، لتصبح بإنجازاتها رموزاً ساطعة، وتظل قدوة ومثالاً يحتذى به للأجيال المتعاقبة في العطاء..
من بين هؤلاء “الأول” يأتي اسم محمد السقا، صاحب البصمات الواضحة في كل ميدان عمل فيه، منذ انخراطه في الحياة العملية بعد تخرجه في الكلية الحربية عام 1948 كأصغر ضابط في القوات المسلحة، حيث لم يكن عمره قد تجاوز الثامنة عشر عاماً وبضعة شهور، وتم تعيينه في سلاح المشاة مدافع الماكينة.
في هذه السن الصغيرة ينتقل السقا إلى جبهة القتال ليحارب ويقاتل في فلسطين.. وخلال هذه الفترة تعرف على الضابط عبد الحكيم عامر، وارتبط معه بصداقة قوية، ولمس فيه عامر نشاطه وجديته وصلابته، فقدمه إلى جمال عبد الناصر الذي أعجب بحماسه وغيرته على وطنه وحبه لعمله، فاختاره ضمن مجموعة الضباط الأحرار الذين كانوا يعدون العدة للقيام بثورة 23 يوليو في عام 1952، وأصبح أحد ضباطها ورجالها الذين يعتمد عليهم.. ولذا فقد وقع عليه الاختيار عند قيام الثورة بتأمين منطقة العريش وهو برتبة ملازم أول رغم وجود ضباط أكبر منه رتبة وسناً.. ونجح محمد السقا في أول مهمة يكلف بها كأحد الضباط الأحرار، وهو ما كان دافعاً لتكليفه بمهام أخرى، حيث اختير في عام 1954 ـ ولم يكن قد تجاوز الرابعة والعشرين من عمره ـ ضمن أول بعثة من رجال الثورة تسافر إلى الولايات المتحدة للتفاوض على شراء أسلحة للجيش المصري.

وبعد عامين، أي في سنة 1956 اختاره جمال عبد الناصر ليشارك في مباحثات جلاء القوات البريطانية عن مصر..
ولأنه كان يجيد اللغات الأجنبية فقد اختير في عام 1958 ليكون ملحق مصر العسكري في ستوكهولم، ولكن يبدو أنه وجد أن هذه المهمة لن تستغرق وقته كله، وهو المحب للاطلاع والتزود بكل أوجه المعرفة في مختلف المجالات، فقرر قبل سفره إلى ستوكهولم الانتساب إلى كلية الآداب قسم صحافة، حيث كان يأتي كل عام إلى القاهرة ليؤدي الامتحان إلى أن تخرج عام 1962.
في تلك الفترة وقع حادث كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياة محمد السقا.. ففى عام 1961 كان قد عاد إلى القاهرة بعد انتهاء مهمته في العاصمة السويدية، وذات ليلة فوجئ بقوات الشرطة تقتحم عليه منزله، وتلقي القبض عليه متهماً بالمشاركة في مؤامرة لقلب نظام الحكم.. ورغم أنه سرعان ما ثبتت براءته من هذا الاتهام، إلا أن الإحساس بالظلم كان طاغياً على نفس محمد السقا.. وقد حاول جمال عبد الناصر ترضيته بأن عرض عليه تولي مناصب عسكرية رفيعة في الخارج أو في الداخل، ولكنه رفض الاستمرار في الحياة العسكرية أو السياسية.. وعندما خيره جمال عبد الناصر بين تولي إدارة أى من الدور الصحفية أو العمل في المجال السياحي، اختار السياحة مفضلاً الابتعاد عن أي مجال قريب الصلة من السياسة التي كرهها.
هكذا خطط القدر.. فلولا واقعة القبض على محمد السقا لما كسبت السياحة هذا الرجل بصدور القرار الجمهوري بتعيينه مديراً عاماً للمشروعات بشركة مصر للسياحة، وعضوًا بمجلس إدارتها.. فمنذ أن شغل هذا المنصب عام 1963 وضع نصب عينيه أحقية مصر بأن تكون دولة سياحية كبرى، وأن ذلك لن يتحقق إلا عن طريق التوسع الفندقي السياحي، وهو ما حاول تحقيقه بشتى الطرق مواجهاً كل التحديات وجميع التيارات التي كانت ضد نظرية التوسع الفندقي في ذلك الوقت.. لكنه لم ييأس.
هكذا خطط القدر.. فلولا واقعة القبض على محمد السقا لما كسبت السياحة هذا الرجل بصدور القرار الجمهوري بتعيينه مديراً عاماً للمشروعات بشركة مصر للسياحة، وعضوًا بمجلس إدارتها.. فمنذ أن شغل هذا المنصب عام 1963 وضع نصب عينيه أحقية مصر بأن تكون دولة سياحية كبرى، وأن ذلك لن يتحقق إلا عن طريق التوسع الفندقي السياحي، وهو ما حاول تحقيقه بشتى الطرق مواجهاً كل التحديات وجميع التيارات التي كانت ضد نظرية التوسع الفندقي في ذلك الوقت.. لكنه لم ييأس.
عندما تم تعيينه عام 1968 رئيساً لمجلس إدارة شركة مصر للسياحة أحدث ثورة في عالم السياحة بمبادرات كانت هي الأولى التي تشهدها مصر.. فقد كان أول من حرص على الاحتكاك بالعالم الخارجي من خلال تكثيف اشتراكه في المؤتمرات والمنظمات السياحية العالمية، بهدف التعرف على كل جديد في هذه الصناعة، ليأخذ منه ما يتوافق مع أهدافه الرامية إلى الوصول بشركة مصر للسياحة إلى مصاف الشركات العالمية، وذلك من أجل تحقيق هدف أكبر وأسمى وهو جعل السياحة في مصر صناعة قومية تحقق أعلى نسبة من الدخل القومي.. وحتى يتحقق هذا الحلم كان لابد من تجاوز الأفكار التقليدية التي حصرت السياحة في مصر في مجال الثقافة التي تعتمد على زيارة الآثار، رغم توافر المقومات السياحية الأخرى وفى مقدمتها السياحة الترفيهية الشاطئية التي تجتذب كل أنواع السياح ومن مختلف الفئات.

من هذا المنطلق كان محمد السقا أول من فكر في إنشاء القرى السياحية في مصر، والتي تفسح المجال أمام قاصدي هذا المقوم السياحي الذي طغى على المقومات الأخرى في العالم أجمع..
وفى عام 1980 تم افتتاح قرية مجاويش السياحية جنوب مدينة الغردقة في منطقة صحراوية تطل على البحر الأحمر، كأول قرية سياحية.. لتفتح صفحة جديدة للسياحة المصرية انطلقت بها إلى آفاق رحبة، ولتبدأ مصر عن طريق هذه القرية التي أنشأتها شركة مصر للسياحة مشوار الألف ميل، وتنطلق القرى السياحية قرية وراء أخرى لتجتذب السياح من كل مكان في العالم من خلال المكاتب الخارجية للشركة، والتي كان محمد السقا أيضاً أول من فكر في إنشائها والتي بدأت بمكتب نيويورك الذي كان قد تم افتتاحه عام 1978..
كما قام محمد السقا بإنشاء قطاع النقل السياحي في شركة مصر للسياحة.. إضافة إلى قراره بأن يكون للشركة عدد من سيارات الليموزين الفاخرة وتخصيصها في خدمة السياحة، ثم قراره بتكوين شركة مصر للموزين..
ثم كان برج مصر للسياحة أحد أفكاره والذي أفسح المجال أمام تجميع العديد من الشركات والمكاتب والهيئات السياحية في مكان واحد مع وزارة السياحة، كما كان إنشاء فندق في البرج مساهمة إيجابية في حل أزمة الفنادق في ذلك الوقت، حيث استوعب فندق “كيميث” بعض السياح الذين امتلأت بهم الفنادق الأخرى، وذلك في مواجهة المنافسة السعرية التي فرضها التزام مصر للسياحة بأسعار التحويل الرسمية، بينما كانت الشركات الأخرى تعمل بأسعار التحويل المرتفعة في السوق السوداء.. كما نجح محمد السقا في التصدي لضغط الوكلاء في الخارج بفرض أسعار مرتفعة، فقام بتسيير سلسلة من رحلات الطائرات العارض التي حققت نجاحاً كبيراً، وفتحت المجال أمام تزايد هذا النوع من رحلات الطيران في سماء مصر لخدمة السياحة.
وتتواصل طموحات محمد السقا ومبادراته بقيام شركة مصر للسياحة بتنظيم رحلات للمصريين إلى الخارج في شكل برامج سياحية إلى مختلف بلاد العالم.. كما نظم رحلات لأداء العمرة والحج حتى شيد برج مصر للسياحة في مكة المكرمة لإقامة حجاجها ومعتمريها.
ويتعاظم عطاء محمد السقا بعد رئاسته لاتحاد الغرف السياحية منذ إنشائه في عام 1969، وظل شاغلاً لهذا الموقع سواء عن طريق التعيين أو الانتخاب على مدى حوالي عشرين عاماً، إلى أن انتقل إلى جوار ربه في شهر يناير من عام 1989 تاركاً بصماته الواضحة والمؤثرة في مسيرة السياحة في مصر والتى جعلته أحد النجوم في سماء السياحة المصرية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله