طرابلس – بقلم د. عصام الطابونى
هي جزيرة بكر، تنام أمام الشاطئ بأقصى الغرب الليبي. تزهو برمالها الذهبية، و تتباهى على استحياء بكونها أميرة، وجزيرة ليبية .. هي فروة. من سيكتب للكثير من زوارها قصة عشق بها لا تنتهي.
من مجرى فروة الى راس تالقا، تحكي فروة حكايتها لزوارها. تحكي عن زوار، ألقوا مراسي مراكبهم على شواطئها، ليحملوا ملح الأرض من حولها، تجارا .. و تحكي عن غزاة من خلف البحر حلوا و أحتلوا و أشاعوا الحرب و الدمار.
منارتها، وجمال طلتها، و أناقتها وأنسها في ليل شاطئ فروة، تؤنس المسافر و المهاجر من قديم الزمان. منارة فروة، قبل سنين أعيد بنائها، ربما لا تكون فاتنة .. ولكن يكفيها أن تكون منارة لعشق فروة في كل حين.
جزيرة فروة تعرف الكثير من الطيور الجميلة التي تتغني بجمال فروة، و تصبح و تمسي في عشقها، في عشق فروة.
البلشون و والبط الغطاس، و الفلامنجو و غيرهم يعرفون فروة، ونحن في أكثرنا، بالكاد نعرف أسمها.
وأضحت في فروة أطلال، تدعى "خرائب فروة"، من كانت ذات يوم صرحا لأناس أنسوها و آنسوها. في زمن العثامنيون في ليبيا.
من مرفئ أبي كماش الى مرفئ فروة البداية، تبحر مراكب عشاق فروة الى حيث فروة تنام، الفضول يكتنف هؤلاء و الشوق يكتنف فروة.
تحت صفحة بحيرة فروة التي تفصل يابسة ليبيا عن يابسة فروة ليبيا، تحت صفحتها بانوراما جميلة، عناصرها أعشاب و كائنات بحرية من جمالها .. يكاد جمالها ينطق و يكاد الزائرين يستمعون لها وكأنها وهي ترقص مع انسياب الماء. تشدو.
الطيور على اليابسة في فروة تلهو بحرية و تغني في هدوء و طمأنينة و تطير الى أوطانها من جديد بسلام. من زار فروة يشتاق لها، كما الطيور المهاجرة تشتاق اليها و تحن لها، هذه حقيقة وتربطهما قصة حب لا تنتهي منذ الازل.
وفي رمال البحر، تخبئ سلاحف المتوسط بيوضها، صغارها، تتركهم في آمان فروة، في حضن فروة الدافئ، مثيرة هي السلاحف، بشكلها، بعنفوانها، بجديتها، بعنادها، بوفائها لرمال شواطئ فروة، انها السلاحف و فروة قصة عشق لا تنتهي.
صفاء البحر يحيط بفروة، يحفز الزائر على التأمل و صفائه يثير الشعور بالسعادة المفقودة و الغائبة في المدن من صخب المدن.
من مجرى فروة الى رأس تالقا، يستطيع الزائر لفروة أن يخطو و يشدو و يلهو، و يسجل في ذاكرته شئ من روعة فروة، و تسجل فروة انها من روائع الجزر، و مكانها محفوط في عرش سياحة الجزر النفيسة.
هناك في فروة و من حولها، أناس ولودوا بها و من حولها، تفتحت أعينهم فرأؤ الجمال في جزيرتهم فروة. وكانت لهم فروة، قصة حب لا تنتهي. كما هناك منهم من تبنى حماية بيئتها و المحافظة على جمالها رغم صعوبة هذا الخيار، لكنه الحب والعشق الذي لا ينتهي.
ظلت فروة في "سلة النسيان" لعقود من الزمان، تنتظر من يمد يده إليها، ليحميها و يحفظها أميرة على شواطئ ليبيا تفتخر و تزهو و تزدهر. تنتظر من بعلمه يرفعها، و من بسياسته الحكيمة يعليها، ومن بإدارته الرشيدة يبعد عنها "شبح الإختفاء" و "عبث العابثين"
ظلت فروة يراودها حلم، و طموح و آماني، أن تكون ذات يوم قصة عشق لافواج من العشاق اليها. الزائرين القاصدين سكينتها، و روعتها.
فروة لا تريد أن تكون مرعى غنم و لا مكان يعج بصيد جائر، فروة تريد أن تكون الخضرة فراشها، و صفاء البحر ردائها، و تخشى من ان ياكل الموج الهادر أطرافها كل يوم حتى يصل قلبها فتموت.
ان فروة جميلة، كما هي الجزر دائما جميلة، لكنها تفوق الكبار منها جمالا، لأنها صغيرة و الصغار دائما أجمل حتى إن كانوا جزرا.
هناك كثيرين من محبي فروة يقولون و يحلمون و يتطلعون و يدعون لأن تكون فروة من اجمل جزر العالم السياحي، وهذا حقهم. لكن فروة و مثلي من ياملون أن تكون فروة اميرة الجزر الليبية غدا وهذا يكفيها و يكفيني..