الرياض "المسلة" …. أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن اعتزاز مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بالبعد الحضاري لبلادهم، وبتاريخهم وحضاراتهم المتعاقبة أسهم فيما تعيشه بلدانهم اليوم من استقرار أمني ورخاء اقتصادي، مشيرا إلى أن ما وصلت إليه دول المجلس من تحضر وما تعيشه من أمن وتآلف وتعاون وما تتميز به من قيم مشتركة إنما وصلت إليه عبر تواتر تاريخي عظيم لا يجب أن نهمله أو ننساه.
وأكد على أن المملكة تمر بمرحلة استثنائية يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للعناية بالتراث الحضاري وتطوير المشاريع المتعلقة به.
جاء ذلك في كلمة له في الاجتماع السابع عشر للوكلاء المسؤولين عن الآثار والمتاحف بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي افتتح برعاية سموه اليوم الاثنين في الرياض , وقال: "نجتمع اليوم في قلب الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية في وقت مهم تشهد فيه المنطقة الكثير من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتزداد فيه الحاجة لتعزيز روح الانتماء والاعتزاز بالمواطنة والتمسك بالقيم والمثل التي كفلها لنا ديننا العظيم الذي شرفنا الله بأن يخرج من أرضنا وبلساننا العربي، وذلك ما يجعل مهمتنا في إبراز موروثنا والعناية بالمستكشفات الأثرية أمرا حتميا لإحداث التوازن في وقت التحديات وتوثبنا للانطلاق للمستقبل بخطى ثابتة، ونحن كمسئولين عن قطاعات الآثار ينصب اهتمامنا في هذه المرحلة على تعزيز البعد الحضاري الذي لا نعده ترفا بل حاجة أساسية لتعرف مواطني منطقتنا بحضاراتهم وتاريخهم والأرضية الصلبة التي يقفون عليها، واليقين بأن ما وصلنا إليه من تحضر وما نعيشه من أمن وتآلف وتعاون وما نتميز به من قيم مشتركة انما وصلت إلينا عبر تاريخ مجيد وتواتر تاريخي عظيم لا يجب أن نهمله أو ننساه، ونحن في دول مجلس التعاون تربطنا حضارات وتاريخ وقيم مشتركة، وهذا ما يجمع الناس في نهاية الأمر فالناس لا تجمعهم اتفاقيات اقتصادية أو أمنية أو غيرها ولكن تجمعها الروابط الانسانية والحضارية والتاريخ المشترك والمستقبل الواحد، وقد أصبح مشاهدا للعالم اليوم أن تلاحمنا مع بعضنا البعض هو السبيل من الخروج من الازمات وتأكد لدى الجميع أن التلاحم والتآلف والتعاون هو مستقبل دول الخليج وهو ما قاله سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) وهو ما أتوقع أن يكون محور اجتماعات القمة الخليجية التي ستنعقد هذا الأسبوع بإذن الله.
وأبان أن الوحدة التي تجمع دول هذه المنطقة المحورية في العالم والحضارة الإنسانية الزاخرة بأحداث مهمة وتقاطعات مفصلية في تاريخ البشرية يحتم علينا أن ننظر لأحداث الجزيرة العربية ضمن سياقاتها الشاملة وعبر موقعها في قصة خلق البشرية وتهيئة الظروف لاحتضان أعظم رسالة للبشرية جمعاء والتي اكتملت فصولها وتهيأت ظروفها لخروج الإسلام وانطلاق رسالته للعالم أجمع، وذلك ما نلمسه في كل كشف جديد ويزداد فهمه مع كل دراسة تظهر.
وأكد أن الهيئة تسابق الزمن على تدريب القدرات الوطنية لإدارة العمل في القطاعات التراثية والكشوفات الأثرية والمتاحف منوها إلى أن المواطن هو أكثر شخص مؤهل للعناية بتراث بلاده وإدارة مواقعها وهو أكثر شخص نستهدفه ببرامج العناية بمواقع التراث ليتمكن من معايشة تاريخ بلاده بدل أن يقرأ عنها أو يسمع.
وقال: "نحن في المملكة العربية السعودية نشهد كما دول مجلس التعاون مرحلة استثنائية يقودها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله للعناية بالتراث الحضاري في المملكة وتطوير مشاريعه والتوسع فيها، والتي توجت بإقراره يحفظه لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري.، هذا البرنامج الذي أصبح علامة مهمة وإنجازا كبيرا بالنسبة لنا والذي أقره الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ثم أعاد إقراره وتأكيده والتوسع فيه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز ثم وجه بدعمه بميزانية مهمة في المرحلة الأولى وصلت إلى ما يقرب إلى 4 مليارات ريال، وتم اعتماد ميزانية العام القادم 2017 بلغت مليار و300 مليون ريال لاستعجال مشاريع البرنامج.
وأضاف : "نحن في المملكة نسابق الزمن الآن لطرح المتاحف الجديدة والمتخصصة، والتي تصل إلى 18 متحف يشملها البرنامج، كما أننا نستبق الزمن في تطوير قدرات المواطنين والمواطنات الذين يعول عليهم لتشغيل المتاحف التي لن تكون مجرد مخازن آثار، بل مواقع جذب واثراء للزوار ليعيشوا تجربة متكاملة لتراث بلادهم وتاريخ المناطق، إذ لن نسمح بافتقار متاحف المناطق للقطع المكتشفة فيها التي تروي التسلسل الحضاري في كل منطقة.
وأكد على أن الهيئة كبقية الجهات المعنية بالآثار والاراث في دول المجلس مهتمة بتحويل مواقع التراث الحضاري، ومواقع الآثار إلى مواقع جاذبة بدون امتهان لها، ومواقع مرئية ومحسوسة للمواطن، والنشر في الكتب والصحف شيء مهم، ولكن ليس هناك تجربة أبلغ من زيارة الموقع التراثية ومعايشتها.
وأضاف: "لدينا في دول المجلس تجاربنا المميزة، ومن المهم أن نستفيد من تجاربنا المشتركة في تطوير المواقع التاريخية، أنا زرت جميع دولنا، ورأيت ما تقوم به من جهود لحماية المواقع الأثرية واهتمام هذه الدول بتطوير هذه المواقع، ليتمكن مواطنونا من معايشة هذه التجربة وليتعرفوا على الوحدة الحضارية التي جمعت منطقتنا وشعوبها منذ الأزل".
لافتا إلى الدعوة التي سبق أن أطلقها في الاجتماع التأسيسي لوزراء السياحة الخليجيين في الكويت، ثم في الاجتماع التأسيسي المشترك لوزراء السياحة ووزراء الثقافة لدول المجلس الذي عقد مؤخرا في الرياض، وحرص سموه على أن يكون للمسئولين عن السياحة والتراث اجتماع مشترك مع مسئولي الثقافة في دول المجلس لبلورة أهمية التراث والتعرف على دوره في تعزيز الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء لدى أبناء المنطقة وهو ما تحقق في الرياض مؤخرا وخرج بتوصيات مهمة وبرامج واضحة تتيح بلورة القصص والقيم التي تزخر بها المواقع التراثية وتهيئتها للزيارة بطريقة لا تمتهن المكان.
وفي تصريح صحفي له بعد الاجتماع كشف الأمير سلطان بن سلمان عن الإعداد لتنظيم ملتقى للآثار الوطنية في المملكة خلال الأشهر الثلاثة القادمة برعاية خادم الحرمين الشريفين.
وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أن هذا الملتقى الكبير يسترجع بدايات الآثار والمستكشفات الأثرية والرحالة في المملكة، منذ عصر الملك عبدالعزيز رحمه الله عندما بدأت عمليات التنقيب والاستكشاف التي كان يوجه بها، ونسترجع من خلال الملتقى الصور التاريخية وقصص المواطنين الذين عملوا في المواقع الاثرية، ونعيد هذا القطاع إلى صدر الساحة، إضافة إلى تسليط الضوء على ما وصلت إليه المملكة اليوم في مجال لعناية بالآثار وما شهدته من أنظمة وقرارات وبرامج ومشاريع في مجال الاهتمام بالتراث الوطني وفي مقدمتها برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، إضافة إلى المعارض التي تطوف العالم، ونعتز أنه وبرعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، سوف يفتتح في مركز الملك عبدالعزيز الحضاري الثقافي (إثراء) التابع لشركة أرامكو الخميس القادم إن شاءالله، جزء من معرض روائع أثار المملكة الذي طاف العالم في أوروبا وأمريكا، وسيأذن سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله انطلاق المعرض إلى جولته الآسيوية التي تبدأ من بكين في 20 ديسمبر القادم، ثم كوريا فاليابان وبعدها إلى كوريا، ثم ينطلق إلى دول أخرى حسب التوجيه الكريم، ليعرض ما تتميز به المملكة من تراكم حضاري من خلال 450 قطعة أثرية يحويها المعرض..
وقال: "اليوم نمر في المملكة ودول الخليج بنقلة مهمة وحراك كبير في مجال العناية بالآثار والتراث الوطني، ولذلك اقترحت اليوم أن يكون هناك جناح موسع في ملتقى الآثار الوطنية عن الحضارات المشتركة لدول الخليج، كما اقترحت أن يكون هناك برنامج متكامل للمعارض الزائرة لدول الخليج خلال السنوات الخمس القادمة إن شاءالله.
وأشار إلى أن الهيئة وقعت اتفاقيات مهمة مع عدد من أشهر المتاحف العالمية لتنظيم المعارض المتبادلة والاستفادة من الخبرات الدولية في مجال المتاحف والعروض المتحفية.
وأضاف : "نعمل الآن أيضا بالتعاون مع وزارة التعليم، على استقطاب المبتعثين والمبتعثات وتدريبهم للعمل في المتاحف الجديدة التي تنفذها الهيئة، لأن عمل المتحف اليوم ليس فقط استقبال وتوديع ووضع قطع أثرية فقط، هو برامج علمية واجتماعية وثقافية متواصلة ومتنوعة، خاصة وأن الإقبال على المتاحف هو الآن في تزايد، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري يشمل مسارا متكاملا لتطوير القدرات الوطنية والحمد لله هم كثر، ويوجد لديهم كل القدرات التي نحتاجها حتى يتسلموا هذه المواقع ويعملوا في المتاحف الجديدة التي توفر فرص عمل كبيرة للمواطنين الذين نعتز بقدراتهم المميزة بحسب واس.
من جهته أكد الامين العام المساعد للشؤون الإعلامية والثقافية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي خالد الغساني على أهمية هذا الاجتماع، مشيدا بجهود الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ودعمه المستمر للعمل الثقافي المشترك بين دول المجلس وجهوده في تكريم المبدعين في مجال الآثار والمتاحف، كما أثنى على ما يبذله المشاركون والمكرمون من إنجازات في مجال الآثار والمتاحف التي تزخر بها دول الخليج.
وقد كرم رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع عددا من أصحاب المتاحف الخاصة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وبعد جلسة الافتتاح وتكريم المتخصصين في الآثار والمتاحف، عقدت الجلسة الأولى من اجتماع الوكلاء المسؤولين عن الآثار والمتاحف في مجلس التعاون، حيث ناقش الاجتماع العديد من الموضوعات التي تهم مسيرة العمل الخليجي المشترك في مجال الآثار والمتاحف، منها برامج المسح الآثاري والتنقيب بدول مجلس التعاون ، وبرامج التدريب التقنية المتخصصة في تراث دول المجلس، وبحث الاجتماع مشروع إنشاء قاعدة معلومات إلكترونية عن المواقع الاثرية، ودليل المتخصصين العاملين في مجال الآثار والمتاحف.
يذكر أن اجتماع الوكلاء المسؤولين عن الآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعقد سنوياً في إحدى دول المجلس.