بينما كانت تتجه كل الأنظار نحو المملكة المتحدة هذا الصيف بشأن نتائج الاستفتاء الوشيك "Brexit لخروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الأوروبي"، وهو استفتاء حول البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، يستمر تنفيذ قانون طيران الاتحاد الأوروبي لحماية حقوق المسافرين جوًا بخطى سريعة.
في 10 يونيو/حزيران 2016، نشرت المفوضية الأوروبية مبادئ توجيهية جديدة تهدف إلى تزويد هيئات الإنفاذ الوطنية للاتحاد الأوروبي (وتمثلها دائمًا سلطة الطيران المدني في كل بلد في الاتحاد الأوروبي) بوثيقة خطة بهدف معالجة القضايا الأكثر شيوعًا المثارة من قبل الركاب، وفي محاولة لإبراز وتوضيح إنفاذ تشريعات حقوق الركاب الحالية.
تخضع جميع شركات الطيران في منطقة الخليج المغادرة من المطارات داخل الاتحاد الأوروبي لمجموعة واسعة من تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بحقوق المسافرين جوا، وهو الغرض الذي يتمثل في تقديم درجة عالية من الحماية ضد الظروف غير المتوقعة للأشخاص المسافرين جوًا من وإلى الاتحاد الأوروبي. يتكون هذا التشريع من مجموعة من لوائح المفوضية الأوروبية التي تتعامل مع مواضيع مثل حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وحماية الركاب جوًا وسلامة الطيران و"القوائم السوداء" لشركات الطيران ذات المخاطر العالية؛ وكجزء من هذه المجموعة من القواعد، تتعامل لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 (EC 261) مع عدم السماح لصعود الركاب والإلغاء والتأخير والقواعد اللاحقة فيما يتعلق بالتعويضات وتقديم المساعدة للركاب.
وقد لاقت الإرشادات التفسيرية بشأن لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 (المبادئ) قبولاً من جانب اتحاد النقل الجوي الدولي كبديل مؤقت هام لحين إجراء الإصلاح الجوهري لتشريعات حقوق الركاب، وقد دعت الرابطة الدولية للنقل الجوي لمبادرة "الخطوة الصحيحة نحو الوضوح القانوني لكل من شركات الطيران والركاب في انتظار اعتماد تشريعات موازية جديدة من قبل المؤسسات الأوروبية". وتتوفر الإرشادات للجميع لإمكانية تحميلها من موقع المفوضية الأوروبية، وهي تقدم توضيحات هامة حول تفسير لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، وتكرار العديد من السوابق والأحكام القضائية الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية على مدار السنوات خلال مدة نفاذ اللائحة.
لقد تم وضع لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 منذ أكثر من عقد من الزمان؛ ومنذ تاريخ التنفيذ، كانت تنطوي على تناقضات وغموض في كيفية تطبيقها؛ وقد وضعت تلك اللائحة خصيصًا لحماية الركاب الذين حرموا من الصعود ومن أجل الرحلات الجوية الملغية، ولكن ليس على وجه التحديد فيما يتعلق بتأخيرات رحلات الركاب. ومع ذلك، تم توسيع نطاق لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 في عام 2011 من خلال الحكم الصادر من قبل محكمة العدل الأوروبية في القضية رقم C-402/7 وC-432/7 ستيوجين ضد كوندور [2011] قواعد الاتحاد الأوروبي، حتى أن أحد الركاب الذي قد يتعرض لتأخير رحلته بما يزيد عن ثلاث ساعات يحق له الحصول على تعويض بموجب المادة 7 من لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004. ويجوز للراكب بالتالي المطالبة بما يلي:
بالنسبة للرحلات الملغاة، وعدم السماح بالصعود على الطائرة وتأخر الرحلات الجوية لمدة ثلاث ساعات أو أكثر في نقطة المقصد، يكون التعويض كالتالي:
250 يورو عن الرحلات الجوية لمسافة 1500 كم أو أقل
400 يورو عن كل الرحلات الجوية الأخرى داخل الاتحاد الأوروبي، وجميع الرحلات الأخرى التي تتراوح مسافتها بين 1500-3500 كم
600 يورو عن كل رحلة أخرى أكثر من 3500 كم
بالنسبة للرحلات الجوية الملغاة والرحلات المتأخرة لمدة خمس ساعات أو أكثر، الحق في التعويض أو إعادة التوجيه،
بالنسبة للرحلات الجوية الملغاة والرحلات المتأخرة لمدة ساعتين أو أكثر (اعتمادا على المسافة)، الحق في الرعاية (المرطبات والوجبات والإقامة)
وبموجب المادة 7-2 من لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، إذا عرض الناقل الجوي إعادة التوجيه في حالة الإلغاء أو عدم السماح بصعود الركاب على الطائرة أو التأخير، فمن ثم يمكن تخفيض المبالغ المذكورة أعلاه بنسبة 50?.
هذا ويخضع الحق في التعويض لدفاع "الظروف الاستثنائية"، بحيث لا يضطر الناقل الجوي إلى دفع تعويضات إذا تمكن من إثبات أن الإلغاء قد نتج عن الظروف الاستثنائية التي يتعذر تجنبها حتى لو اُتخذت جميع التدابير المناسبة؛ وتسلط المبادئ التوجيهية المزيد من الضوء على تفسير "الظروف الاستثنائية"، وينبغي أن تطلع عليها جميع شركات الطيران العاملة من مطارات الاتحاد الأوروبي.
ولم يتم تعريف "الظروف الاستثنائية" بصورة شاملة في إطار التشريع؛ وقد تم وضع مجموعة من السوابق القضائية مجددًا لتقييد دفاعات الناقل الجوي، مثل عدم وجود أي دفاع عن شركات الطيران فيما يتعلق بعيوب المحركات المعقدة إلا أنها تنبع من الأحداث التي لا تتبع الممارسة العادية لنشاط الناقل الجوي وتكون خارجة عن إرادته، مثل عيوب التصنيع الخفية (قضية رقم C-549/07 – والينتين-هيرمان ضد الإيطالية [2008] قواعد الاتحاد الأوروبي).
وقد تشمل أمثلة أخرى من "الظروف الاستثنائية" أعمال التخريب/ الإرهاب والإضرابات والمشاكل المتعلقة بمراقبة الحركة الجوية والظروف المناخية المتقلبة مثل سحابة الرماد الأيسلندية عام 2010. ومع ذلك، حتى المشاكل التقنية التي تحدث بشكل غير متوقع والتي لا تعود إلى سوء الصيانة التي لم يتم كذلك الكشف عنها خلال عمليات الصيانة الاعتيادية، فإنها لا تقع ضمن تعريف "الظروف الاستثنائية" (قضية رقم C-257/14 فان دير لانس ضد كي إل إم (2015) قانون الاتحاد الأوروبي).
ونظرًا لكافة الأسباب المذكورة أعلاه، فيما يتعلق بشركات النقل الجوي في الخليج (وفي الواقع أي ناقل جوي غير تابع للمفوضية الأوروبية)، فمن الأهمية بمكان مراعاة نطاق لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 ومتى ينطبق على الناقل الجوي. وقد ورد هذا في نص المادة 3-1، والتي تنص على:
تطبق هذه اللائحة على:
الركاب المغادرين من مطار يقع في أراضي دولة عضو ينطبق عليها معاهدة [الاتحاد الأوروبي]
الركاب المغادرين من مطار يقع في دولة ثالثة إلى مطار يقع في أراضي دولة عضو ينطبق عليها معاهدة [الاتحاد الأوروبي]، إلا إذا حصلوا على فوائد أو التعويض وقدمت لهم المساعدة في هذا الدولة الثالثة إذا كان الناقل الجوي القائم بالرحلة المعنية هو ناقل جوي تابع لدولة عضو في معاهدة الاتحاد الأوروبي.
وهكذا، تكون الشركات التي يقع مقرها في الخليج مسؤولة بموجب لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 إذا تأخرت الرحلة أو تم إلغائها أو تم منع الركاب من الصعود عند مغادرة أي مطار في الاتحاد الأوروبي. وعلى العكس من ذلك، لا يكون الناقل الجوي الموجود في منطقة الخليج "ناقلات جماعية" بموجب المادة 3-1 (ب)، وبالتالي فهي ليست مسؤولة عن تأخر الرحلات الجوية عند بداية الرحلة من بلد تقع خارج الاتحاد الأوروبي.
ولكن ماذا عن رحلة الطيران المكملة حيث تبدأ الرحلة من مطار يقع في الاتحاد الأوروبي؟
يعمل العديد من المشغلين في منطقة الخليج بنجاح وبدرجة عالية من التنظيم ويقدمون نموذج جيد لخطة العمل المقدمة من قبل شركات الطيران مع التركيز على تيسير الرحلات موفرة شبكة عالمية من رحلات الطيران المكملة/ استكمال الرحلة على طائرة ثانية. ومن الناحية المنطقية، فإنه إذا كان هناك تأخير في رحلة جوية بدايتها من الاتحاد الأوروبي، فإنه يتم تعويض هذا التأخير من قبل شركة الطيران وفقًا لتشريعات الاتحاد الأوروبي داخل الاتحاد الأوروبي، يجب ألا يكون هناك أي تأثير نتيجة لذلك على رحلة الطيران المكملة.
وليس من غير المعتاد لرحلة أن تبدأ في الاتحاد الأوروبي ويتم إدارتها من قبل ناقل جوي خليجي لتتكون من اثنين أو أكثر من الرحلات الجوية، الأولي من أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى دولة غير عضو (على سبيل المثال لندن لدولة الإمارات العربية المتحدة)، وبعد ذلك يكون هناك رحلة طيران مكملة بين دولتين من غير الأعضاء (مثل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الهند). باستخدام المثال لندن والإمارات العربية المتحدة والهند، فإنه بمقتضي الحال إذا تأخرت الرحلة الأولي في مطار الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة بما فيه الكفاية حتى يفقد الراكب رحلته المكملة إلى الهند في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ولكن لفترة أقصر من التأخير لمدة ثلاث ساعات اللازمة للحصول علي الحق في التعويض. ومع ذلك، عندما يصل الركاب في النهاية إلى بلد المقصد النهائي في الهند، فإنه قد يكون من الصحيح أن يؤثر التأخير الأصلي على التأخير في الوصول إلى بلد المقصد النهائي لأكثر من ثلاث ساعات.
وقد اتجهت شركات الطيران الخليجية إلى القول بأن كل رحلة هي وحدة مستقلة للنقل وتحتاج إلى النظر فيها بشكل منفصل لأغراض التعويض بموجب لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، في حين أنه كثيرًا ما يزعم المدعين بأن رحلاتهم في جميع الأوقات تغادر من الدولة العضو المعنية وأن اللائحة تنطبق على الرحلة بأكملها.
هذا وتدعم قضية رقم C-173/07 الخطوط الجوية الإماراتية، ديريكشن فور دويتشلاند ضد شنكل [2009] (1) لويدز ريب. 1 سي جيه اي يو وسانغافي ضد الخطوط الجوية لكاثي باسيفيك [2012] 1 46 لويدز ريب. 46 تشد، الرأي القائل بأن الناقل الجوي من خارج الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مسؤولاً فقط عن القطاع المتأخر والذي يغادر من مطار بالاتحاد الأوروبي، وليس مسؤولاً عن أي تأثير على الوجهة مما يؤدي إلى التأخير نتيجة لذلك. ورغم ذلك، هناك تضارب في السوابق القضائية حول هذا النهج، وكانت هناك العديد من الحالات (وخاصة في المملكة المتحدة) التي تتبني وجه نظر مخالفة.
وتتناول المبادئ التوجيهية في الوقت الحالي الأسئلة المطروحة للرحلات الجوية المكملة على وجه التحديد، والحالة التي ينطبق عليها التعويض بموجب لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 في حالة فقدان الركاب للرحلة المكملة خارج الاتحاد الأوروبي مع رحلة مغادرة من مطار يقع داخل الاتحاد الأوروبي، وحيث يصل الركاب في وجهتهم النهائية متأخرين بأكثر من ثلاث ساعات.
يوجد في المبادئ التوجيهية قسم بعنوان "التعويض عن تأخر الوصول في حالة الرحلات الجوية المكملة. وتُشير المبادئ التوجيهية أنه يجب أن تنطبق اللائحة على الرحلة بأكملها بما في ذلك الرحلات الجوية المكملة وتحديد ما يلي:
تأخذ المحكمة بالرأي القائل بأن التأخير يجب أن يقدر لأغراض التعويض المنصوص عليها في المادة (7) من هذه اللائحة، وفيما يتعلق بالوقت المحدد للوصول إلى الوجهة النهائية للراكب على النحو المحدد في المادة (2) [ح] من اللائحة التي يجب أن تفهم في حالة الرحلة المكملة المباشرة على أنها مقصد الرحلة الأخيرة المأخوذة من قبل الركاب.
ووفقًا للمادة (3) [1] [أ] من لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، فإنه يحق للركاب الذين فقدوا الرحلة المكملة داخل الاتحاد الأوروبي أو خارج الاتحاد الأوروبي مع رحلة قادمة من مطار يقع في أراضي دولة عضو، الحصول على التعويض في حال وصولهم إلى وجهتهم النهائية مع تأخير لأكثر من ثلاث ساعات. سواء كان الناقل الجوي المشغل للرحلة المكملة ناقلًا تابعًا للاتحاد الأوروبي أو ناقلًا جويًا من خارج الاتحاد الأوروبي وليس له صلة بذلك.
ومن الواضح أن التفسير على النحو المبين في المبادئ التوجيهية يحظى باهتمام شركات الطيران في منطقة الخليج المشغلة للرحلات الجوية المكملة، وتتلخص وجه نظر المفوضية الأوروبية في أن التعويض لا ينطبق في حالة فقدان الركاب للرحلات المكملة خارج الاتحاد الأوروبي عند مغادرة الرحلة الأصلية من مطار يقع داخل الاتحاد الأوروبي، ووصول الركاب إلى وجهتهم النهائية متأخرين بأكثر من ثلاث ساعات.
وهكذا، فإنه في حين تقدم المبادئ التوجيهية توضيحات مفيدة حول العديد من المسائل، فإن مطالبات تأخير شركات الطيران تحتاج إلى أن تكون على بينة من حقيقة أن اقتراح الرحلات الجوية المكملة وتراكم تأخير الرحلات، يجوز أن تكون قابلة للتعويض بموجب لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004. وهذا قد يعني سلسلة من المطالبات من قبل الركاب المتأخرين بقيمة 600 يورو لكل راكب في حالة حدوث "تأخير متراكم" في الوجهة النهائية في حال بدء رحلة الطيران في الاتحاد الأوروبي.
وقد تم وضع المبادئ التوجيهية لمساعدة هيئات الإنفاذ الوطنية في تفسير التشريعات، وليس المقصود منها أن تحل محل دور أنظمة المحاكم الوطنية والاتحاد الأوروبي، ولكنها وضعت لتقديم التوجيهات؛ فهي تعتبر مقنعة لتفسير لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004، وينبغي أن تُفهم في ضوء ذلك.
وعلى الرغم من أن المبادئ التوجيهية قد لاقت قبولاً من قبل هيئات صناعة الطيران، إلا إنها ينظر إليها على أنها بديل مؤقت؛ ومن المهم أن نلاحظ أن اللائحة الجديدة التي ستحل محل لائحة المفوضية الأوروبية رقم 261/2004 قد تم اقتراحها من قبل المفوضية الأوروبية في عام 2013 من أجل معالجة اهتمامات ومخاوف كل من الصناعة والركاب. ونحن ننتظر تنفيذ هذه اللائحة الجديد البديلة في الوقت المناسب، ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تكون شركات الطيران الخليجية على علم بالتطورات الجديدة. وبالنظر إلى أن العديد من الحالات المذكورة حول قواعد الاتحاد الأوروبي 261/2004 الصادرة من قبل المملكة المتحدة، فهناك حالة من الترقب من جانب كافة الأطراف للآثار العملية المترتبة على التصويت على "Brexit خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الاوروبي "من قبل المملكة المتحدة، وما إذا كانت، كنتيجة لذلك، ستستمر المملكة المتحدة في الالتزام بقرارات محكمة الاتحاد الأوروبي في المستقبل؛ وستنتظر وتترقب شركات النقل الجوي الخليجية التطورات باهتمام.
نقلا عن زاوية عربى