كتب د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” ……. أقدم جهاز شرطة فى التاريخ مصرى قديم وكان اختيار رئيس الشرطة يعتمد على الذكاء وسعة الأفق والخلق الحسن من بين الضباط الحاملين رتبة “حامل العلم” فى حرس الملك وكان هناك رئيس لشرطة العاصمة والمدن الكبرى لوجود عمال نحت وتزيين المقابر وكان للشرطة قفط مكانة هامة لأنها تقع على طريق جلب الذهب من وادى الحمامات وكذلك رئيس لشرطة الصحراء لتعقب الفارين إلى الواحات وحماية عمال قطع الحجار وكان رئيس شرطة الصحراء تحت الإشراف المباشر للوزير وذلك طبقًا لما جاء فى كتاب ” تاريخ أنظمة الشرطة فى مصر ” للدكتور ناصر الأنصارى .
أجهزة الشرطة
وكان علم الشرطة عليه صورة غزال فى طيبة أو درع مستطيل الشكل مرسوم عليه الملك يضرب عدوًا له وكانت علاقة الشرطة بالشعب تعتمد على الصداقة كما جاء فى نصيحة الحكيم آنى لإبنه ” إتخذ من شرطى شارعك صديقًا لك ولا تجعله يثور عليك ” وكانت تتكون أجهزة الشرطة من الشرطة المحلية لحفظ النظام فى المدن الكبرى منف وطيبة وتل العمارنة والصحراء والحرس الملكى وكان يشرف عليه الوزير وشرطة المعابد لحفظ النظام داخلها وشرطة المقابر لما تحويه من كنوز وأمن الدولة لكشف المؤامرات ورصد أعمال حكام الأقاليم والشرطة النهرية لتوفير الأمن للتجارة عبر نهر النيل وفى عصر أمنحوتب الثالث انتشرت القرصنة فى حوض البحر المتوسط فعين الملك حراسة للسواحل المصرية وشرطة المناجم والمحاجر وكانت توكل للشرطة مهام أخرى مثل المعاونة فى جمع الضرائب ومراقبة ضبط المكاييل والأوزان والخبز ومنع الغش .
وفى العصر البطلمى بداية من عام 30ق.م أصبح الضباط والمناصب القيادية فى الشرطة من الإغريق ثم المصريين تدريجيًا وكان تسليح الضباط السيف والمعاونين السوط والجنود العصا ومن المهام التى أوكلت للشرطة فى تلك الفترة شرطة دوريات الأراضى الزراعية وحرس الحدود والمهام الخاصة والحراسات الخاصة والشرطة النهرية وشرطة تنفيذ الأحكام واقتفى الرومان أثر البطالمة فى أول الأمر ثم لجأوا لنظام مزدوج يضم رجال شرطة مدنيين لحفظ الأمن والنظام يعينون من أهالى المنطقة ويضم أيضًا رجال الجيش وكان رجال الشرطة فى تلك الفترة من المتطوعين وهو يشبه نظام العمدة حديثًا.
الفترة البيزنطية
وكان نظام الشرطة فى الفترة البيزنطية من 297م إلى 641م يتكون من الدوق وهو رئيس الشرطة ورئيس الأبروشية ويلعب دور مدير البوليس ونشأت قوة لحفظ النظام العام وضبط المتهمين فى المدن والقرى وتسليمهم للقضاء والشرطة الخاصة لحراسة كبار الملاك وبعد الفتح الإسلامى لمصر أصبح منصب صاحب الشرطة منصبًا هامًا ويعتبر نائبًا للوالى وأسسوا دارًا للشرطة بالفسطاط بجوار دار الوالى وتطور نظام الشرطة فى العصر الأموى وأدخلت للشرطة ولأول مرة نظم محكمة مثل مراقبة المشبوهين وعمل سجل خاص لحصرهم للحد من نشاطهم كما أدخل نظام السجل الشبيه بالبطاقات الشخصية يتضمن الإسم والموطن الأصلى وبيانات أخرى ولا يسمح لأى شخص بالانتقال من مدينة لأخرى إلا بهذا السجل وكان هناك بدل فاقد وتالف لهذا السجل .
وفى العصر العباسى كان رجال الشرطة يقومون بحراسة الأحياء والأسواق وأسوار المدن ورئاسة حرس الخليفة وأسرته والنظر فى الجرائم وإقامة الحدود وانقسمت الشرطة لمجموعتين تمثل الأولى اختصاصات إدارية من معونة الحكام وضبط المجرمين وحراسة الأرواح والأموال والأعراض والاختصاصات القضائية وهى النظر فى الجرائم وكانت هناك الشرطة السفلى ومقرها الفسطاط والشرطة العليا ومقرها مدينة العسكر ومن مهام الشرطة الطواف ليلاً للمحافظة على الآداب العامة ومنع الخمور وفى عهد الدولة الطولونية نشأت الشرطة السرية لاستقصاء الأخبار من كل مكان وشرطة تشبه شرطة الجوازات وفى العصر الفاطمى نشأت شرطة المطافئ والآداب العامة والتصدى للاضرابات والثورات والفتن .
وفى عصر القائد صلاح الدين الأيوبى والدولة الأيوبية تم محارية المفسدين واللصوص لدرجة أن الإنسان كان يمر بالصحراء وحده ومعه أحمال من الذهب دون خوف من قطاع الطرق وتصدت الشرطة لارتفاع الأسعار وتنظيم الأسواق خاصة فى القاهرة والإسكندرية وفى العصر المملوكى استمرت نفس المهام وعرف صاحب الشرطة بلقب الوالى وقد أدى اتساع المدينة إلى وجود ثلاثة ولاة والى القاهرة ووالى الفسطاط ووالى القرافة .