كتب: د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” …. يحرص زوار سيناء من الجنسيات المختلفة على معايشة الطبيعة والحياة البدوية ولا يغادر أى سائح مدينة شرم الشيخ قبل تناول العشاء فى الخيمة البدوية الشهيرة حيث يشاهدون على الطبيعة طريق الشواء السينائية حيث يأتون بالخروف بعد سلخه ولفه برقائق الألومنيوم ليوضع على شبكة تحته الجمر ويغطى بإحكام بنصف برميل يوضع عليه الكليم البدوى المصنوع من قصاصات الأقمشة ثم يدفن تمامًا ويهال عليه التراب ويأتى السياح ليجدوا طعامهم مدفون تحت الأرض ويتم رفعه بالكوريك حتى يظهر الكليم البدوى ثم نصف البرميل حتى تظهر ملامح الشواء لتفوح منه رائحة تبهر الزائرين الذين لا تنقطع كاميراتهم عن تصوير كل مرحلة وكأنهم أمام اكتشاف أثرى هام ولا يشرب أهل سيناء القهوة إلا مصنوعة فى وقتها حيث يحمصون البن بالمحماصة ثم يدقونها بالهاون أمام الضيوف ويقدمون القهوة دوراً أو دورين أو أكثر.
الحياة السيناوية
وارتبطت الحياة السيناوية بالبيئة التى يعيشونها فصنعوا الخيمة البدوية من الشعر حيث تحيكها النساء من وبر الإبل وصوف الغنم ويثبتونها بالأوتاد والحبال ويقيمون بها فى الشتاء والربيع اتقاءاً للمطر والبرد و فى الصيف يبنون لأنفسهم أكواخاً من القش وأغصان الشجر لتقيهم الحر والرياح ويطلق عليها عرائس ويطحنون الحبوب بالرحى ثم يعجنون الدقيق فى باطية وهى منسف صغير ويخبزونه رقاقًا على الصاج أو أقراصاً على الجمر حيث يوقدون الحطب على الأرض حتى يصير جمراً فيزيلون الجمر عن الرماد ويطمرون قرص العجين فى الرماد ثم يضعوا عليه الجمر إلى أن يجف وجهه الأول فيقلبونه على الوجه الآخر وأشهر أطعمتهم الجريشة حيث يجرشون القمح بالرحى ويسلقونه ثم يضعون عليه اللبن أو السمن والعصيدة أو التلبانة حيث يغلون الماء أو اللبن ويصبوا عليه الدقيق ويحركوه والدفينة وهى فتة من الخبز أو مسلوق الأرز بمرقة اللحم وينثر اللحم قطعًا فوقها والمفروكة وهى نوع من الشعرية تؤكل بالسمن والسكر .
الزواج
ترتدى المرأة البدوية رداءً مصبوغ من جذور النبات ويتحزمن بحزام من شعر أسود أو أبيض يحكنه بأنفسهن ويلففنه ثلاثة لفات حول الخصر ويتبرقعن ببرقع مكون من نسيج قطنى أسود مطرز بخيوط حريرية مختلفة الألوان تغطى الرأس والأذنين وتعقد بشريطين تحت الذقن وفوق البرقع ترتدى وشاحاً أسود يدعى القنعة يغطى الرأس والظهر وفى زواجهم يكون مهر بنت العم خمسة جمال والأجنبية عشرين جمل ويأخذ والد العروس غصناً أخضر يناوله لخطيبها قائلاً (هذه قصلة فلانة بسنة الله ورسوله إثمها وخطيتها فى رقبتك من الجوع والعرى ومن أى شئ نفسها فيه وأنت تقدر عليه) فيتناول الخاطب القصلة ويقول قبلتها زوجة لى بسنة الله ورسوله ويزفوا فى خيمة كبيرة تدعى البرزة ويذبح أهل العريس الذبائح عند باب البرزة ومن آلات الطرب الربابة والشبابة المعروفة فى مصر بالصفارة والمقرون (الزمارة) وأشعارهم منها القصيد الذى ينشد على الربابة والموال وحداء الإبل ورقصاتهم هى الدحية حيث يقف المغنون صفاً واحداً بينهم شاعر أو أكثر يعرف بالبدَاع يرتجل الشعر وأمامهم غادة ترقص بالسيف تدعى الحاشية ويبدأ المغنون بقولهم الدحية الدحية ويصفقون بأيديهم .
القضاء
يتكفل بالمنازعات فى سيناء رجال يحكمون بالعرف والعادة ومنهم المنشد الذى يحكم فى المسائل الشخصية الخطيرة كمس الشرف والإهانة الشخصية والقصاص وهو قاضى العقوبات والعقبى وهو قاضى الأحوال الشخصية والزيادى وهو قاضى الإبل يقضى فى أمور سرقتها وكل ما يتعلق بها والمبشع وهو قاضى الجرائم المجهولة التى لا شهود لها وذلك باختبار المتهم بالنار أو الرؤيا واختبار النار بتسخين طاسة نحاسية بشدة ويطلب من المتهم أن يلعقها 3 مرات بلسانه فإذا أثرت النار فى لسانه يعنى إدانته ويقال فى ذلك إن كان مجرمًا جف ريقه فتؤثر النار على لسانه وأما الرؤيا فهى أن المبشع يفكر فى المتهم ثم ينام فيظهر له الجانى فى الحلم وعندما يصحو يحكم عليه.
الأعشاب
واستكمالاً لمنظومة التفاعل بين أهل سيناء والبيئة المحيطة بهم فقد استغلوا نباتات سيناء المتعددة فى العلاج ومنها اللصف الذى ينبت فى شقوق الصخور لعلاج الروماتيزم بغلى أوراقه وتبخير المصاب بها والقيصوم وتغسل بمائه العين الرمداء والعاذر يشبه الزعتر لعلاج المغص وهناك رجل شهير بمنطقة سانت كاترين يطلقون عليه الدكتورأحمد منصور يعالج بمستخلصات من أعشاب سيناء يجمعها من الجبال بنفسه وتشتهر سيناء بشجر الطرفاء والتى تعرف بشجرة المن وكانت طعام بنى إسرائيل فى سيناء ولعنادهم وجحودهم رفضوا هذا الطعام وطلبوا من نبى الله موسى طعام أفضل ويخرج من ثقوب شجر الطرفاء مادة يطلق عليها المن حلوة المذاق يبيعونها أهل سيناء للسياح والشيح يبخرون به منازلهم لطرد الثعابين وتستحممن به النفاس ويدخل كبهارات فى الطعام.
المنتجات البدوية
تشمل المنتجات البدوية إكسسوارات الستائر المصنوعة من الصوف بالنول اليدوى وأغلبها من العريش والكليم البدوى وهو كليم جوبلان مصنوع من الصوف وعليه رسومات من البيئة السينائية وتكايات ومساند خاصة بالجلسة البدوية علاوة على الجلابية الحريمى المطرزة يدوياً وتصنعها المرأة السينائية.
وأخيراً فنحن فى حاجة لإحياء التراث السيناوى واستغلاله فى تنمية سيناء بمنتجات مميزة يصنعها أهل سيناء وترتبط بخطة تسويق جيدة فى مصر والخارج ودخول شركات كبرى متخصصة فى طب الأعشاب تستغل نباتات سيناء وشركات لصيد البر والبحر والبحث عن أماكن الفيروز القديمة فى وادى المغارة وسرابيت الخادم وكيفية استخراجه وإنشاء مراكز صناعية وتجارية للمنتج السينائى على أرضها فالتراث السينائى مادة خصبة للتنمية وبإحيائنا للتراث السينائى نؤكد هويتها المصرية العربية الإسلامية ونحافظ على ترابها الثمين حاضرًا ومستقبلًا.