فى عيد الحب
كتب د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة “المسلة” ….. معبد أبو سمبل ودير سانت كاترين من أشهر آثار العالم ووراء كلا منهما قصة حب خلدتها هذه الآثار وقد جسّدا الوفاء لذكرى الزوجة المحبوبة لرمسيس الثانى نفرتارى فى معبد أبو سمبل الصغير والزوجة المحبوبة للإمبراطور جستنيان ثيودورا فى دير سانت كاترين
نفرتارى هى الزوجة الرئيسية لرمسيس الثانى جميلة جميلات الدنيا والمحبوبة التى لا مثيل لها والنجمة التى تظهر عند مطلع عام جديد رشيقة القوام وقد أبهرت أزياؤها أعظم مصممى أزياء العالم وهى الزوجة الملكية العظمى مليحة الوجه الجميلة ذات الريشتين كما أطلق عليها فى مصر القديمة وبهذا فهى تستحق لقب ملكة جمال مصر القديمة
وقد بنى المعبد الصغير على بعد مائة متر شمال شرق معبد رمسيس الثانى وخصص للمعبودة حتحور ورمسيس الثانى وزوجته نفرتارى ويتكون من واجهة بها ستة تماثيل يليها صالة أعمدة وصالة مستعرضة وينتهى بقدس أقداس صغير ويتسم هذا المعبد بإبراز الجانب الأنثوى فى الخطوط الرقيقة لأشكال الملكة وفى الإهتمام بإبراز الملامح الجمالية للنساء رغم أن أغلب مناظر المعبد تركز على المراسيم الدينية اليومية فى المعبد مثل تقديم الأزهار وحمل أداة الصلصلة وحرق البخور فوق القرابين وتنقسم الواجهة إلى برجين يتضمن كل منهما مجموعة من ثلاثة تماثيل منحوتة يبلغ ارتفاعها عشرة أمتار إثنان منهما يمثلان الملك رمسيس الثانى والثالث لزوجته نفرتارى وأجمل تمثال للملكة نفرتارى هو الموجود فى المجموعة اليمنى وتظهر فيه الملكة نفرتارى وهى ترتدى فستان طويل شفاف وتمسك فى يديها أداة الصلصلة وتضع على رأسها التاج الحتحورى المميز الذى يتكون من الريشتين و بينهما قرص الشمس
واكتشفت مقبرة نفرتارى بمنطقة البر الغربى بمدينة الأقصر عام 1904 على يد بعثة إيطالية برئاسة الأثرى الشهير “سكياباريللي ” وصورت نفرتارى بمقبرتها وهى ترتدى رداءً شفافًا فضفاضًا ذا ثنيات من اللون الأبيض ظهر منه ساعداها وقد ربطتهما بشريط معقود أسفل صدرها يتدلى منه طرف الرباط ووضعت على رأسها تاجاً من الذهب على هيئة طائر الرحمة «نخبت» وفى كثير من الأحيان كانت تضع تاجا آخر يعلوه طائر الرحمة بريشتين بينهما قرص الشمس وقد تزينت الملكة بالكثير من الحلى من أقراط وأساور وعقود حيث تظهر المساحيق على وجهها
ثيودورا كانت الزوجة المحبوبة للإمبراطور جستنيان وهناك نقش باللغة اليونانية على أحد عوارض السقف بكنيسة التجلى بدير سانت كاترين وترجمته كالآتى ( لأجل تحية ملكنا التقى جوستنيان العظيم لأجل إحياء ذكرى وراحة ملكتنا ثيودورا ) ولقد أنشأ جستنيان هذا الدير لإحياء ذكرى زوجته ثيودورا وتاريخ وفاة ثيودورا 548 م ووفاة جستنيان 565 م وكانت ثيودورا الزوجة المحببة لجستنيان وشاركت فى كثير من أمور الحكم وكانت مهتمة بالمناطق الشرقية من الإمبراطورية وحرصت على إقامة علاقات سلمية معهم ولقد ماتت قبل وفاة جستنيان
دير سانت كاترين
ومن خلال هذا النص توصلت للتاريخ الحقيقى لبناء دير سانت كاترين وهو الواقع بين عام 548م وهو تاريخ وفاة ثيودورا وعام 565م تاريخ وفاة جستنيان والتاريخ الأقرب لبناء الدير هو 560م ويتضح من نقش رقم 3 من عوارض سقف البازيليكا أن مهندس بناء الدير هو أسطفانوس من أيلة (العقبة حاليا)
وهناك خطأ تاريخى سجل فى النص التأسيسى للدير على لوحة من الرخام فوق باب الدير الحالى باللغة اليونانية مع ترجمتها فى لوحة أخرى باللغة العربية ، والنص العربى مكون من ستة أسطر كالآتى : –
1 – أنشأ دير طور سيناء وكنيسة جبل المناجاة الفقير إلى الله الراجى
2 – عفو مولاه الملك المهذب الرومى المذهب يوستنيانوس
3 – تذكاراً له ولزوجته ثاوضوبره على مرور الزمان حتى يرث
4 – الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وتم بناؤه بعد
5 – ثلاثين سنة من ملكه ونصب له رئيس اسمه ضولاس جرى ذلك
ويشير هذا النص إلى إنشاء الملك الرومى يوستنيانوس (جستنيان) دير طور سيناء وكنيسة جبل المناجاة تذكارًا له ولزوجته ثاوضوبره (ثيودورا) بعد ثلاثين سنة من ملكه وعين له رئيس اسمه ضولاس بتاريخ 527م ، وهنا أخطاء تاريخية ، الأول أن أول رئيس للدير هو الأب لونجينيوس وليس ضولاس والثانى أن الملك يوستينيانوس والمقصود به الإمبراطور جستنيان لا يمكن أن يكون قد أتم بناء الدير سنة 527 م لأن هذه السنة هى بدء ملكه وكان مشغولًا بالحروب كما هو ثابت فى التاريخ وإذا صح أنه أتمه بعد ثلاثين سنة من ملكه كما هو فى النص التأسيسى فيكون قد تم البناء سنة 557م مما يدل على وجود تناقض فى النص التأسيسى.
دير سانت كاترين مسجل كأثر من آثار مصر فى العصر البيزنطى والخاص بطائفة الروم الأرثوذكس عام 1993 والمسجل ضمن قائمة التراث العالمى (يونسكو) عام 2002 يعتبر من أهم الأديرة على مستوى العالم والذى أخذ شهرته من موقعه الفريد فى البقعة الطاهرة التى تجسدت فيها روح التسامح والتلاقى بين الأديان ولقد بنى الإمبراطور جستنيان الدير ليشمل الرهبان المقيمين بسيناء بمنطقة الجبل المقدس منذ القرن الرابع الميلادى عند البقعة المقدسة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وتلقى فيها ألواح الشريعة